محمد بارلاص - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
كان هناك صديقان يتحدثان عن رجل فاحش الثراء، لكنه صاحب قلب قاسٍ جدا، ولهذا تحدى إحداهم الآخر وقال له "أنا أستطيع تليين قلب هذا الرجل"، وانطلقوا حتى وصلوا أمام قصر الرجل الغني، ورأوا الحديقة المعشبة الواسعة أمام قصره، وكان الرجل الغني يجلس على الشرفة المطلة على هذه الحديقة.
صاحبنا الذي تحدى بأنّ باستطاعته تليين قلب هذا الرجل، قام بالقفز عن السور والدخول إلى الحديقة، وبدأ بأكل الحشائش التي في الحديقة، وعندما رأى الرجل الغني هذا المنظر، نادى على خادمه، وأمره بإحضار الرجل الذي يأكل الحشيش، وأحضره الخادم وسلمه للرجل الغني.
سأل الرجل الغني صاحبنا ما الذي تفعله في الحديقة؟ فأجاب :"أنا عاطل عن العمل منذ أشهر، ولم آكل أي شيء من اسبوع، ولهذا عندما رأيت العشب في الحديقة لم استطع المقاومة، وبدأت بالأكل منه"، وعندما سمع الرجل الغني هذا الكلام، نادى مجددا على خادمه، وقال له:
مثل هذه المناظر تؤذيني جدا، خذ هذا الرجل، واذهب به إلى الحديقة الخلفية، ليأكل من الأعشاب التي هناك، لا أريد أنْ يفسد عليّ المنظر الذي أمامي.
يثقون بهوياتهم
أنا أريد إيصال هذه الرسالة إلى الذين يقللون من شأن المجتمع التركي، ويمتدحون الأوروبيين والغربيين، فمن هؤلاء من يذهب إلى بروكسل ويقول "أنقذونا من اردوغان"، وبعضهم يقول "حزب العمال الكردستاني حزب مشروع، لكن الحكومة المنتخبة غير شرعية" ويوصلون ذلك للمؤسسات الأوروبية، لكن ما أريد قوله هنا، ماذا لو توجه هؤلاء إلى أوروبا "كلاجئين سوريين" وليس كمواطنين "يحملون الهوية التركية"؟
يقللون من شأن الدولة التركية، وهم يتمتعون بهويتها وبناء عليها تستقبلهم أوروبا، والتي لولاها لما دخلوها ولا استطاعوا الحديث مع أي احد هناك.
قلعة أوروبا
كتبت صحيفة الغارديان قبل أيام تحت عنون "الوداع لقيم أوروبا، وأهلا بقلعة أوروبا"، قالوا فيه: "تحولت أوروبا إلى قلعة تحمي نفسها من اللاجئين السوريين والمهاجرين الآخرين الذي يحاولون الوصول إلى شواطئها، وتقوم بطردهم وإرجاعهم، بدلا من استقبالهم برحمة وبشفقة، وتصرّف أوروبا بهذا الشكل هو أمر معيب، وأمر يمكن تفهمه في نفس الوقت، فأوروبا اليوم، تتألم على أوضاع اللاجئين، لكنها تخاف منهم".
لكن منذ متى الأوروبيون لا يخافون من المهاجرين الأجانب؟ على سبيل المثال ألمانيا.
العمال الضيوف
عندما يحل هؤلاء اللاجئين كعمال ضيوف، لا تخاف منهم أوروبا، لكن عندما يأتون كمجرد "إنسان" يبدؤون يشكون ويتذمرون، ولذلك أقول لأولئك الذين يتوجهون إلى أوروبا من أجل الشكوى لها من مشاكل تركيا، بدلا من البحث عن حلول ديمقراطية لها، أقول لهم، أعتقد أنكم ترون سياسة أوروبا التي تقود إلى غرق اللاجئين على شواطئها، فاحذروا أنْ يكون مصيركم مثلهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس