ولاء خضير - ترك برس
في الوقت الذي تستعد فيه تركيا للانتخابات البرلمانية المبكرة، يحدث الانفجار الذي هز العاصمة أنقرة، وأودى بحياة عشرات الأتراك، وما يزيد عن مئة جريح، وتأتي محاولة تفسير دوافع وملابسات انفجار أنقرة، وتحوم التساؤلات، أي أجندة تخدم؟ هل هي جهات داخلية؟ أم هل هي جهات وقوى خارجية؟ هل له علاقة بحزب العمال الكردستاني؟ أم الدول المجاورة؟
تحت عنوان "رغم أنف الحرب، السلام الآن، السلام.. العمل.. الديمقراطية"، كان هذا عنوان المسيرة، والمظاهرة السلمية التي دعت إليها كونفدرالية الاتحادات المهنية، وتطالب بحل النزاع المستمر، بين "حزب العمال الكردستاني" المحظور، والسلطات التركية .
ثمة من يربط الانفجار بمواقف، وحسابات داخلية، تتعلق بالأزمة السياسية التي تسبق الانتخابات، فيما يربطه آخرون بمكاسب دفينة، تسعى بعض الأحزاب المنافسة تحقيقها، لا سيما فيما يتعلق بملابسات الصراع الدائر بين الحكومة التركية، وحزب العمال الكردستاني.
ويأتي انفجار أنقرة، تزامنا مع الفترة التي تشن فيها الحكومة التركية حملة لتصفية أعضاء منظمة "حزب العمال الكردستاني"، التي تصفها بـ “الإرهابية”، وقبل موعد عقد الانتخابات المبكرة، المقرر لها الأول من نوفمبر/ تشرين ثاني القادم.
بيد أن تركيا تشهد أعمال عنف في جميع أنحاء البلاد، حيث ان العمليات الإرهابية التي تتواصل منذ عام 1996، وطالما وجهت بها أصابع الاتهام الى حزب العمال الكردستاني (PKK)، وحلفائه اليساريين، بهدف زعزعة أمن البلاد، وتحقيق مصالح خاصة، أو مصالح خارجية.
وفي حين يُعتبر الانفجار الذي هز العاصمة "أنقرة" هو الأعنف من نوعه، ولا سيما في فترة حرجة تمر بها تركيا، وهي فترة قبل عقد الانتخابات البرلمانية المبكرة، تُظهر الصور أن من شهداء انفجار أنقرة المشبوه، هم من حزب الشعوب الديمقراطي -الكردي (HDP)، حيث كانت أعلام الحزب تغطي بعض الجثث، وأن الاتهام يدور حول نفس الحزب، بهدف تحقيق تعاطف، أو من أجل تحقيق مكاسب انتخابية، أو لعلها تخدم أجندة خارجية.
وكردّة فعل بعد ساعات من الانفجار، أعلن حزب العمال الكردستاني المتمرد في تركيا، عن تعليق هجماته ضد قوات الأمن التركية، قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات النيابية المقررة في الأول من الشهر القادم، بهدف تمهيد الأجواء لإجراء انتخابات عادلة ونزيهة، على حد تعبيرهم، وهو ما يثير الجدل.
وفي حين يخرج الرئيس المشارك عن حزب الشعب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش، بانتقاد الحكومة التركية، ويوجه كلمة اتهام لها مصرحًا: "هذا الهجوم ليس على سلامة دولتنا وأمتنا، والتي تقوم بها هي الدولة ضد الشعب"، وهو ما يمكن اعتباره صفعة قوية للحكومة التركية، وللحزب الحاكم حزب العدالة والتنيمة، ولرئيس الدولة رجب طيب أردوغان، لتصوير الحكومة باعتبارها مرتكب الهجوم، ومحاولة زج الحكومة، وإلقاء اللوم عليها، وتحميلها الخسائر التي حصلت.
وسبق وأن استنكر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشدة الانفجار، مؤكدًا عزمهم على مجابهة "كل الهجمات والتنظيمات الإرهابية، مهما كانت مصادرها وشعاراتها وأهدافها وأسماءها".
ولفت أردوغان، في بيان حول الانفجار، إلى أن من يتعاملون (دون أن يسميهم) بمعايير مزدوجة مع الأعمال والتنظيمات الإرهابية، هم أكثر من يقدمون الدعم للإرهاب، في اشارة إلى بعض الجماعات المدعومة من الخارج.
ويؤكد الرئيس أردوغان أنه "لا فرق أبدًا بين الأعمال الإرهابية التي استهدفت جنودنا وشرطتنا وموظفينا ومواطنينا الأبرياء في السابق، وبين الهجوم الإرهابي، الذي استهدف مواطنينا المدنيين في محطة القطار بأنقرة".
كما أن رئيس الحكومة التركية، داود أوغلو، أعلن الحداد في البلاد لمدة 3 أيام، ويشير إلى أن مقاتلي داعش، وحزب العمال الكردستاني، وحزب التحرر الشعبي الثوري- جبهة، ضمن المشتبه بهم في الهجوم الدامي المزدوج.
ولابد من الاشارة إلى أن بعض الدول، والقوى الخارجية، وإن لم تكن لها يد مباشرة في هذه التفجيرات الإرهابية، فهي دول تسعى لزعزعة الإستقرار التركي، فتارة تهدد دولة تركيا من قبل النظام السوري، وتارة أخرى من قبل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
ومن الممكن أن تكون هذه التفجيرات، بهدف نقل رسالة للحكومة التركية، مفادها بأن على تركيا، وحكومتها الحالية عدم التدخل بشؤون تلك الدول الخارجية، وإن حدوث هذا الانفجار في قلب العاصمة التركية أنقرة، له دلائل وإشارات دبلوماسية للحكومة التركية.
مما لا شك فيه أن تركيا تمر بمرحلة هي الأصعب، وأن الطيور السوداء تحلق في سمائها، وتبث السموم في هوائها، تستهدف الأرض والانسان والحياة، وأن النهضة التركية التي تعد الحكومة مواطنيها ماضية في تحقيقها، إلا أن هناك أيادي خفية تطال حلم نهضة تركيا العظيم، وهدفها المرجو تحقيقه في عام 2023.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس