محمد بارلاص - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
العلاقات بين الدول في العادة لا تكون واضحة بدقة مثل اللون الأبيض واللون الأسود، وهذا ما تستطيع أن تراه بوضوح في اجتماع قمة العشرين في أنطاليا، وعلى سبيل المثال نرى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا يقفون في صف واحد من أجل مكافحة تنظيم داعش، بينما يختلف الطرفان بشدة في مواضيع مثل بقاء الأسد على راس النظام السوري والأزمة الأوكرانية.
ومن الملاحظ على تلك الدول عندما تبحث عن الحل تهرب من الوصول إلى جذور الأزمة، فعلى سبيل المثال فإن القضية الفلسطينية هي أهم قضية شغلت منطقة الشرق الأوسط منذ عام 1948 أليس كذلك؟
إذا كان تنظيم القاعدة على سبيل المثال خطر يهدد كل دول العالم فالسبب الرئيسي هو ترك القضية الفلسطينية من دون حل، فالقضية الفلسطينية جعلت من الشرق الأوسط بيئة جيدة لظهور حركات متطرفة، والاحتلال الأمريكي والإسرائيلي أدت إلى ظهور تيار يكره إسرائيل وأمريكا.
إلى الآن لم يتغير مواقف تلك الدول من حل القضية الفلسطينية، فلا يغركم الخلاف بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فالجيش الإسرائيلي هو أكبر جهة تلقت دعم ماديا من الجانب الأمريكي في هذا العام، والجيش الإسرائيلي لا يزال يقصف الفلسطينيين في قطاع غزة.
فالغزاويين يحدث معهم بالضبط كما حدث لليهود في ألمانيا وقت الحكم النازي.
فبتقديري أن سبب ارتفاع وتيرة الأعمال الأرهابية ناتج بالدرجة الأولى عن سياسات الدول العظمى في المنطقة، على سبيل المثال بعد احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، خرجت وجاءت بالمالكي ليخلق حربًا مذهبية بين السنة والشيعة في العراق. ولولا هذا القرار الأمريكي بتعيين المالكي رئيسا لوزراء العراق لما رأينا اليوم العرب السنة يقفون إلى جانب تنظيم داعش لمواجهة الظلم الشيعي. وهل سنرى أن بقايا نظام صدام حسين سينضم إلى تنظيم داعش؟
نعم النظام العالمي يسير في هذا الاتجاه، ولهذا السبب لا ينسى السياسيون إن صح التعبير أبدا يوم الميلاد لسيدة ما ولكن لا يتذكرون مطلقا في أي سنة ولدت، والانعكاس الآخر لهذا النظام الدولي هو الكيل بمكيالين بمعنى أن هناك إرهابًا جيدًا وآخر سيئًا. وهنا لا ينبغي أن نلقي كل اللوم على النظام العالمي في هذا الإطار، بل يجب أن نرى أنفسنا وساحتنا الداخلية، فبعض السياسيين يرفضون تسمية الأعمال الإرهابية بالإرهابية. فتنظيم بي كي كي الإرهابي الذي أذاق الشعب في جنوب وجنوب شرق البلاد الأمرين، تجد من يخرج ويقول إن ما يفعله تنظيم بي كي كي هو حراك طبعي لحركة تحرر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس