نهال بينغيسو كراجا – صحيفة خبر ترك - ترجمة وتحرير ترك برس
الاقتراحات التي تقدمت بها تركيا لوضع نقطة نهاية للحرب في سوريا تم رفضها تباعا بحجة أن ذهاب الأسد يعني وصول داعش للسلطة. الأسد ما زال في مكانه ويد داعش طالت باريس متحدية العالم بسبع تفجيرات في لحظة واحدة.
المؤكد أن تفجيرات باريس هذه لم يبقَ تأثيرها حكرًا على فرنسا وإنما طال العالم أجمع. لكن يد زعماء الدول الكبرى مربوطة، فدول الاتحاد الأوروبي والتي تملكها الخوف أدركت وعلى مضض "أهمية" تركيا، فنراها تتأرجح بين تكليف لا أخلاقي من جهة والتهديد من جهة أُخرى. السيد عمر جيليك أجاب بطريقة جيدة عندما قال: "تركيا ليست بديلًا صناعيًا لأوروبا (ليست ألعوبة)، تركيا ليست بمخيم إيواء كبير وإنما هي دولة حرة ذات سيادة. يجب أن يتم تقييم تركيا كذات مكافئة ومساوية للدول الأوروبية".
أما روسيا فقد رأت بهجمات باريس فرصة للحصول على غنائم؛ فلافروف عندما قال: "الدول الغربية بدأت تفهم أخيرا أن المطلوب منها ليس الإطاحة بحكم الأسد وإنما محاربة داعش" كان قد أعطى إشارة على محاولة روسيا الاستفادة والانتفاع بما استجد من تطورات.
ويبدو أن الدور قد أتى على جبل التركمان أو ما يعرف بـ( باير بوجاق)، فالمنطقة التي ترزح ومنذ أكثر من 20 يوم تحت تهديدات قوات النظام، نراها الآن تتعرض لقصف عنيف. ففي يوم الخميس الفائت قامت القوات الروسية ومعها قوات الأسد بقصف وتفجيرات في مناطق على مقربة من الحدود التركية. وبناءا على المصادر الموجود في ساحة المعركة فإن قوات الأسد وبمساندة القوات الروسية ومعهم بعض التنظيمات الشيعية قامت بقصف جوي وهجوم عسكري بري على تجمعات سكانية في المنطقة منها جبل الـ 45 ، وكسب، وفرنلق. في البداية حولوا المنطقة إلى مغناطيس لجذب المجاهدين السوريين، ثم أنشؤوا مخيمات التجميع المركزة بالدماء والآن بحجة داعش يقومون بقصف الأهالي الذين سكنوا المنطقة منذ مئات السنيين.
لسان الشعب يسأل كيف خرجت داعش هذه إلى الوجود؟ احتلوا العراق وعندها خرجت داعش
فقد أكثر من مليون إنسان حياتهم إثر احتلال العراق، ثم إن النظام الذي صُنع بأيدي أمريكية قسم الشعب إلى سنة وشيعية ثم جعل للسنة "كوتة" وبذلك منعوهم من التمثيل النيابي في المجلس التشريعي. وعندما لم يجد أسلحة صدام الكيماوية قالوا – أي الأمريكان – "Sorry". ثم تحول سجن غوانتانامو إلى مركز تعذيب يقبع فيه الألوف من الناس.
النظام الشيعي الجديد في العراق الجديدة انتقم من الأهالي السنة على أعمال صدام حسين، فامتلأ سجن أبو غريب بالأسرى، وفي حزيران/ يونيو عام 2013 شهدنا هروب آلاف السجناء من هذا السجن؛ هؤلاء الأسرى السابقون اتحدوا مع الأحزاب المقاومة التي تعيش في أغوار العراق ورحلوا جميعا إلى سوريا ليشكلوا أول ظهور لداعش.
بمنطق الضغينة وبمزج مسلسلات مثل “Game of Thrones” و“Counter Strike” قام الغرب بالتخلي عن مواطنيه من الشبان الفرنسيين، والألمان، والإنجليز والأمريكان الذين لم يتخلوا عن أصولهم المغربية أو الشرقية. فالدول الغربية الليبرالية رأت في هذا وسيلة للتخلص من مواطنيها ذوي الأصول الشرق أوسطية أو المغاربة، خصوصا منهم أولئك الذين يتسمون بـ"التطرف" أو "قد يتسببون بالمشاكل". ولسان حالهم يقول ليكن هذا الكائن الوحشي في العراق وسوريا فهو أكثر من قتل كانوا المسلمين... ليكن وليقتل!
على أرض الواقع ليست هناك أي إجراءات حقيقية لمنع تدفق الشباب إلى داعش، والمماطلة في حل القضية السورية وإبقاؤها على الأعراف يشكل الأرضية الخصبة التي تحتاجها داعش. ولتسريع هذه العملية نراهم ساعدوا في الانقلاب على مرسي الذي وصل إلى سدة الحكم بطريقة ديمقراطية؛ وعملوا على إيجاد أحزاب سلفية مثل حزب النور الذي لا يتوانى عن إصدار الفتاوى الغريبة كفتوى "كم ساعة يحق للرجل التمتع بزوجته الميتة بعد موتها؟"، وتسويقها وكأنها من فتاوى حزب مرسي؛ وذلك في سبيل القضاء على الإخوان المسلمين. وبذلك هدموا آخر العتبات التي تقلل من المشاركة في جيش داعش وتجعلها في الحد الأدنى.
من الواضح جدا أن المسلمين الذين يرغبون في الحفاظ على هويتهم بجانب تكاملهم مع بقية العالم غير مرغوب بهم. ويتم التعامل معهم بمنطق "يا أن تكون منا بشكل كامل أو تكون منهم بشكل كامل"، وبسبب طمع الغربيين وسعيهم للاستفادة الذاتية نراهم وبمنطق "غدا يوم آخر، لنستغله من أجل اللعب بموازين دولة أُخرى" يفتحون الأبواب أمام داعش. وفي سبيل عدم تحمل مسؤلية هؤلاء البشر القادمين من الشرق وبالتحديد من المنطقة التي تعج بالمشاكل نراهم يغضون الطرف ولا يحركون ساكنًا. آخر المطاف دخلت روسيا على مسار اللعبة؛ هذه الدولة المشهورة لا تفرق بين حق وباطل في أثناء سعيها للمكسب والتي لم تنسى إلى الآن الآلام التي ذاقتها على يد المجاهدين الشيشان.
لو تفحصنا الحساب الشخصي لـ"حسنى عايد بولهجين" لإحدى منفذين هجمات باريس لوجدناه مليء بالصور العارية الجريئة، وبالتالي القول أن هؤلاء الانتحاريين قد "تأثروا بالقرآن" في حين أنهم لم يفتحوه لمرة واحدة في حياتهم ما هو إلا ادعاء باطل وساذج.
العمليات التي بدأها بوش في العراق وقال حينها "بدأنا" والتي أماط أوباما اللثام عنها بـ"عدم فعل شيء"، هذه العقيدة وهذه العمليات التي إذا لم تتغير ستؤول الأمور من سيء إلى أسوأ سيدفع ثمنها الناس الأبرياء سواء في الشرق أو الغرب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس