عزام سعد - خاص ترك برس
كشفت الأزمة الأخيرة بين تركيا وروسيا بشأن حادثة إسقاط الطائرة الروسية حجم الترابط بين الأمة الاسلامية كأمة واحدة يجمعها دين واحد وتاريخ مشترك وجغرافيا مترابطة وليس هذا بغريب على الأمة الإسلامية فمن يتمعن في تاريخها يجد أن هذه الأمة ظلت متماسكة مترابطة حتى وهى في أشد حالات ضعفها عبر التاريخ، فحين تواجه الأمة حالات تحد لوجودها ومحاولات المس بكرامتها تصبح كالجسد الواحد وتنهض من جديد وتهب كالإعصار في وجه المعتدين، ولم يسبق لهذه الأمة أن رضخت لإهانة أو استكانت لظالم أو خضعت لحكم مستعمر , بل ظلت تقاوم بكل ما أوتيت من قوة ولا زال كفاح اخواننا في فلسطين شاهد على ذلك رغم كثرة الأعداء وقلة الناصر وتقادم الأيام.
حظيت تركيا بتعاطف شعبي كبير في العالم الاسلامي عامة وفي العالم العربي خاصة بعد اسقاط المقاتلة الروسية وقرار روسيا فرض عقوبات اقتصادية عليها ؛ تمثل ذلك في حملات شعبية عبر وسائل الإعلام المختلفة وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي لدعم الموقف التركي وأخرى لدعم الاقتصاد التركي في لفتة رائعة تقول لتركيا نحن أمة واحدة ومصيرنا واحد وأن مواقفكم في دعم شعوب المنطقة والمظلومين في العالم محل تقدير واحترام منا؛ كما أظهر هذا التعاطف والتأييد حقيقة أن أمتنا تعشق العزة والرفعة وأن معاني الريادة والكرامة تسري في دمها؛ وهذه هي حقيقة أمتنا الاسلامية عبر تاريخها الطويل وليس بمستغرب عنها كما أسلفت.
إنما الغريب أن تجد في هذه الامة من يقف في صف أعداءها بل ويجاهر بذلك ويفخر به وهو يدعي أنه ينتمي لهذه الأمة ويدين بدينها، وهم وان كانوا قلة لكنهم يظهرون حجم الاختراق الذي تعرضت له الأمة من قبل أعدائها حتى وجد فيها اليوم من يريد أن يظهر المدافع عن الأمة بمظهر المعتدي والارهابي ويصوره على أنه خطر داهم ومن يقتل شعوب الأمة ويستولى على خيراتها بانها صديق حميم وشريك استراتيجي يستحق الود والحب.
أن أمتنا الإسلامية تتعرض اليوم وهي تحاول النهوض إلى حملات رهيبة من أعدائها في محاولة لتركعيها، فما أن بدأت هذه الأمة تفكر بالعزة والكرامة والتخلص من الظلم والقهر الذي تعاني منه حتى سلط عليها الأعداء معاولهم من كل مكان، وباتت أمتنا اليوم تمر بظروف عصيبة، وأوقات حرجة، ومواقف صعبة، في مسعى جديد من الأعداء لتمزيق جسد الأمة وجعلها تعيش قرونًا أخرى من الضياع والشتات والفرقة، وكلما حاولت الأمة أن تبرأ من جراحها عاد الاعداء لتعميق جراحها مرة أخرى، ولكن ما يميز هذه المرة أنها بمعاول داخلية، من جسد الأمة نفسها، زرعها الأعداء على حين غفلة من الأمة، فحان وقت استخدامها، بعد أن رعاها ونماها، وزين وجهها القبيح لتبدو رائعة المنظر، باهية المظهر.
تلقت الأمة في السنوات الأخيرة طعنات قاتلة من جهات شتى - دول وأحزاب وتيارات مختلفة - التي زرعت في الأمة تحت مسميات عدة وشعارات مختلفة من قومية وحداثية وتقدمية وبعضها للأسف تدعي العمل للإسلام - فاذا بها أول المتآمرين على الإسلام نفسه - اضطرت إلى كشف قناعها والظهور على حقيقتها في الأعوام الأخيرة وجاهرت بعدوانها لكل ما ينتمي للإسلام بصلة كردة فعل بعد أن أغاضها التمدد الواسع والانتشار السريع للحركات الإسلامية التي تعمل من أجل نهضة ورفعة الأمة.
لقد زرعت تلك البذرات الخبيثة فنمت كجسم دخيل على الأمة، وأوكل اليها مهمة تمزيق جسد الأمة فباشرت المهمة بخناجر مسمومة وأيد ملوثة وقلوب حاقدة جعلت كل همها ووظفت كل مواردها وجهدها للإجهاز على الأمة حتى لا تقوى مرة أخرى – ولو بمجرد التفكير – على العمل لتكون قوية وتأخذ مكانها بين الأمم والشعوب كأمة لها ماض عريق ومشرق.
نحن أمة واحدة وسنظل رغم كل المؤامرات على هذه الامة لأن مشاريع التفرقة والتمزيق والعمالة لن يكتب لها البقاء لأنها تتعارض مع فطرة الأمة وهويتها؛ وستنكسر كل معاول الهدم التي تريد أن تنال من أمتنا؛ بل وستحتضن الأمة كل من يسعى من أجل رفعتها وعزها وستظل متمسكة بهويتها الإسلامية رغم كل المكائد والمحن؛ وسيأتي اليوم الذي تنتصر فيه أمتنا على أعداءها وستلفظ كل مشروع غريب على جسده.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس