ترك برس
رأت الكاتبة الصحفية التركية، الخبيرة في الشؤون السياسية، عائشة قَرابات، أن "إسرائيل تحتاج لتركيا من أجل بيع الغاز الطبيعي إلى أوروبا، واستمرار الأزمة السورية بات يشكّل خطرًا على أمن إسرائيل، والانفتاح الأمريكي على إيران مصدر إزعاج لتل أبيب، لذلك فإن إسرائيل تبحث عن تحالفات جديدة"، مشيرة أن تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية من شأنها أن تغير الموازنات في شرق البحر الأبيض المتوسط".
جاء ذلك في مقال للكاتبة التركية، نُشر عبر الجزيرة ترك، بعنوان "إسرائيل بحاجة تركيا"، في معرض تعليقها على التطورات الأخيرة في العلاقات الثنائية بين تل أبيب وأنقرة، وتصريحات المسؤولين الأتراك حول استمرار المباحثات لإعادة التعاون المشترك بين الطرفين، في إطار الشروط التي أعلنتها تركيا سابقًا.
وأضافت قرابات، أن تركيا لن تكتفي بتنويع مصادرها من الغاز الطبيعي من خلال تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وإنما سيتقترب أكثر من الحل في القضية القبرصية، مشيرة أن "حل الأزمة القبرصية، قد يعود بفوائد أكبر لأنقرة، وخاصة في العلاقات مع الاتحاد الاوروبي، في المقابل هناك أشياء كثيرة ستكسبها إسرائيل من تطبيع علاقاتها مع تركيا".
وأشارت قرابات، إلى أن الغاز الطبيعي الذي تملكه إسرائيل، يعادل 19 ضعف الاستهلاك السنوي لتركيا والبالغ 50 مليار مترمكعب، مضيفة: "رغم أن هذه الكمية ليست كبيرة جدًا ولكنها مهمة بالنسبة لتنويع أوروبا مصادرها من الطاقة، من جهة أجرى تواصل إسرائيل البحث عن الغاز في مناطق أخرى من البحر الأبيض المتوسط".
وأوضحت الكاتبة التركية، أن "الأزمة السورية تؤثر على التوازن الداخلي لإسرائيل، لأن أقرباء الأقلية الدرزية في سوريا يقيمون في المناطق التي تحتلها إسرائيل وخاصة في الجولان، ويصل عددهم إلى نحو 130 ألف شخص، ويقومون بمهام داخل الوحدات الأمنية الإسرائيلية، وهم صادقون تجاه إسرائيل إلى جانب أنهم من العرب، يعني أنهم من الأقليات التي تهم إسرائيل".
من جهته، اعتبر الأكاديمي التركي في جامعة "بيلكنت"، الخبير في مجال الطاقة، نجدت بامير، أن الغاز الذي تملكه إسرائيل، قد يكون بديلًا للغاز الروسي بالنسبة لتركيا، مشيرًا إلى أن تركيا توفر 32.5% من طاقتها الأولية عبر الغاز الطبيعي، وأنها تستورد من روسيا، 55% من احتياجاتها.
ولفت بامير، إلى أن "تركيا تعد السوق الأكثر ربحًا وواقعيًا بالنسبة لإسرائيل في تصدير الغاز الطبيعي، ولكن توقيع اتفاقية مد خطوط أنابيب جديدة، وتأسيس الشركات العاملة، وتأمين التمويل، والبناء، وتفعيل محطات الغاز الطبيعي المسال، قد يحتاج إلى عدة أعوام، ولذلك لا يمكن لا للغاز الإسرائيلي ولا القطري والعراقي أن يحل محل الروسي في حال انقطع خلال فترة قصيرة".
في سياق متصل، الناشط والأكاديمي التركي، بولنت أرص، قال في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الإجتماعي، تويتر، إن العلاقات التركية الإسرائيلية تعد أرضًا ملغومة في السياسة الداخلية التركية، وأن من الصعب إدارة هذه العلاقات في حال لم تتغير المواقف تجاه الفلسطينيين، مضيفًا أن "تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، خطوة لازمة، إدارة السياسة الداخلية والمرحلة التي تمر بها المنطقة تتطلب مهنية دقيقة، تحسين العلاقات سيستغرق مدة طويلة".
بدوره اعتبر الأكاديمي التركي، بورا بيرقدار، أنه من الصعب جدًا تحسين العلاقات بين تركيا وإسرائيل في ظل استمرار أعمال العنف في فلسطين، مشيرًا أن العلاقات التركية الإسرائيلية مرتبطة بالقضية الفلسطينية.
وكانت مصادر دبلوماسية تركية، أفادت أمس الخميس، أن مباحثات بين تركيا وإسرائيل تتواصل، من أجل إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، في إطار الشروط التي أعلنتها تركيا سابقًا، مشيرةً إلى أن "تدهور العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل، جاء في أعقاب تعرض سفينة مرمرة الزرقاء، التي كانت تحمل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، لهجوم من قبل جنود إسرائيليين في المياه الدولية، يوم 31 مايو/ أيار 2010، وأسفر الهجوم المذكور، عن سقوط 10 ضحايا".
وحول الأنباء التي تناقلتها وسائل إعلام إسرائيلية تفيد بوصول البلدين لاتفاق، أفادت المصادر أن "مباحثات جرت بهدف تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين، وأن العمل متواصل من أجل الوصول إلى نتائج بأقرب وقت".
من جهة أخرى، أفاد مسؤولون في رئاسة الوزراء التركية، في معرض تعليقهم على المسألة، بأنه "لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن، فاللقاءات ما زالت متواصلة، وتجري بإيجابية"، لافتين إلى أنَّ اللقاءات بين إسرائيل وتركيا تجري منذ مدة.
وكانت تركيا اشترطت على إسرائيل الاعتذار جراء اعتدائها على سفينة مرمرة الزرقاء، ودفع تعويضات عن الضحايا، ورفع الحصار عن قطاع غزة، من أجل إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الهجوم، حيث نفذت إسرائيل الشرط الأول فقط.
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية "إبراهيم كالن"، قال في مؤتمر صحفي يوم 9 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، "طُرح موضوع عملية تطبيع العلاقات السياسية العامة بين تركيا وإسرائيل، واتخاذ إسرائيل الخطوات اللازمة التي ينبغي عليها اتخاذها فيما يتعلق بدفع تعوضيات، جراء اعتدائها على سفينة مرمرة الزرقاء، ورفع الحصار عن قطاع غزة".
وأضاف كالن: "إذا قام الجانب الإسرائيلي باتخاذ خطوات في هذا الصدد، فإننا بالطبع سنتخذ الخطوات المطلوبة في هذا الإطار"، مشددًا على أهمية "تطبيق الاتفاق الذي تم التواصل إليه سابقاً حول التعوضيات، والوصول لنتائج في المفاوضات التي جرت".
وكان مستشار وزارة الخارجية الإسرائيلية "دور غولد"، أوضح في 14 كانون الأول/ ديسمبر الحالي، أن لدى إسرائيل رغبة دائمة بوجود علاقات مستقرة مع تركيا، وأنها تسعى بشكل مستمر لإيجاد السبل الكفيلة لتحقيق ذلك".
وأكّد مسؤول تركي رفيع المستوى (طلب عدم الكشف عن اسمه)، لوكالات الأنباء البريطانية "رويترز"، أنّ المحادثات الجارية بين تركيا وإسرائيل، حققت تقدمًا ملحوظًا فيما يخص رفع الحصار قطاع غزة، لافتًا إلى أنّ المفاوضات بين الجانبين، لتطبيع العلاقات بينهما من جديد، وصلت إلى مراحلها النهائية، وأنّ الإعلان عن التسوية لن يدوم طويلًا.
وفيما يخص دفع الجانب الإسرائيلي تعويضات مادية لأهالي ضحايا سفينة "مافي مرمرة" قال المسؤول التركي: "إنّ المحادثات بهذا الشأن كانت قد تعرضت للسكتة، فيما تمكنا من تحقيق تقدمٍ إيجابي على هذا الصعيد خلال المفاوضات الأخيرة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!