حسناء كلينج أرسلان - خاص ترك برس
يعدالبروفوسر نجم الدين أربكان واحدًا من السياسيين الإسلاميين البارزين، وواحدًا من أهم الشخصيات وكما هو من أبرز الزعماء تيار الإسلام السياسي في تركيا. وقاد نجم الدين أربكان حربا سياسيا ضد العلمانية، وحيث أنه استطاع أول مرة في التاريخ التركي المعاصر أن يوصل الإسلاميين إلى السلطة في بلد علمانية.
ولا أحد يستطيع أن ينكر أن نجم الدين أربكان، كان جزءا من تاريخ الحياة السياسية والحزبية في تركيا لا يمكن تجاهله رغم بعض محاولات الإقصاء والتهميش، والتي فرضت عليه بعد إبعاده عن الساحة السياسية التركية.
وأنصار العلمانية ومن ورائهم جهات عديدة وكما وصفها نجم الدين أربكان بـ"القوات الخارجية" داخل تركيا وخارجها، حاولوا إبعاده عن الساحة السياسية في تركيا لمنع تحويل تركيا لهويتها الإسلامية مجددا. ولكن منذ البداية الأحزاب التي أسسها نجم الدين أربكان ومواقفه تجاه الإسلام كانت صفعة تاريخية بعدائه للصهيونية والماسونية والأمريكان، الذين عملو للسيطرة على ثروات الأمة الإسلامية في الدول الإسلامية عبر التاريخ.
كان نجم الدين أربكان يهتم بالعلاقات مع الدول العربية والإسلامية، وعندما كان نائبًا لرئيس الوزراء ورئيس الوزراء التركي أول عمل قام به هو بدء تقارب حقيقي بين تركيا والدول الإسلامية. أيضا فقد كان أول شروط أربكان للدخول في ائتلاف حكومي مع "حزب العدالة" بقيادة سليمان دميريل، وبعدها مع "حزب الشعب الجمهوري" بقيادة بولند أجاويد، إعطاء أهمية خاصة للقرارات التي تربط بين الشعبين التركي والعربي.
كما كان أربكان عدوًا للصهيونية ومحاميًا عن فلسطين، وفي كلمته التي ألقاها في البرلمان التركي بعام 1980 قدم مشروع قانون إلى مجلس النواب التركي حول قطع علاقات تركيا مع الكيان الصهيونية.
وفي نفس العام، نظم حزب السلامة الوطنية الإسلامي بزعامة نجم الدين أربكان في مدينة قونيا وسط البلاد، مظاهرة في يوم القدس العالمي للتضامن مع إخوانهم أهل فلسطين، شارك فيها أكثر من مليون تركي وحملوا مجسمًا لقبة الصخراء المشرفة ولافتة عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وطلبوا قطع جميع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، هذه المظاهرة كان يراها العلمانيون بدء تحويل تركيا إلى دولة الشريعة.
وفي اليوم التالي، قامت القوات المسلحة التركية بقيادة الجنرال "كنعان إفرين" اليساري بالانقلاب العسكري، وعقب ذلك مباشرة تم إصدار قانون "لوائح اللباس في مؤسسات العامة"، وبسبب ذلك مُنِعت المُحجّبات من ممارسة عملهن في المؤسسات العامة بحجابهن لكي لا يقُمن بالعمل ورؤوسهن مكشوفة. وأُغلِق حزب السلامة الوطنية وسُجِن أربكان ومُنِع النشاطات الإسلامية في تركيا.
وعندما كان أربكان رئيسا للحكومة التركية التي شكلها حزبه حزب الرفاه في عام 1997، والتي كانت تُعرف في تلك الفترة بـ"حكومة رفاه" و"حكومة أربكان"، قدم صورة جيدة لتركيا وخلال أقل من سنة واحدة قام الكثير من الأعمال لمصالح تركيا ومنها؛ خفض ديون تركيا من 38 مليار دولار إلى 15 مليار دولار، وكاد أن ينجح في حل الأزمة الكردية العويصة، ونجح إقامة دبلوماسية قوية على الساحة العالمية، وتقدم الاقتصاد التركي خطوات واسعة، ومن أهمها تم تأسيس "الاتحاد الإسلامي" (D8) بمشاركة إيران، وباكستان، وماليزيا، وبنغلادش، ومصر، ونيجيريا وإندونسيا.
ولكن حزب الرفاه بذريعة أنه يقوم بأعمال ضد الجمهورية العلمانية أغلقت من قبل المحكمة الدستورية التركية بعام 1998، وسجن أربكان لمدة سنتين، كما مُنِع أربكان وعدد من قادة الحزب من العمل السياسي لمدة خمس سنوات.
كان نجم الدين أربكان ممنوعًا من النشاط السياسي، ولذلك تم تأسيس حزبه الجديد "حزب الفضيلة" برئاسة "إسماعيل ألب تكين" في عام 1998. ولكن العلمانيين حرصوا على تشديد حصارهم حول أربكان وأحزابه، ولم يكتفوا بالحكم الصادر بمنعه عن العمل السياسي بذريعة أن حزب الفضيلة هو الحزب الذي يقوم بأعمال ضد الدولة مثل حزب الرفاه، فقد قاموا بإغلاقه في عام 1999. وهذا كان سببا في انفصال الحزب إلى حزبين؛ حزب السعادة وحزب العدالة والتنمية الحاكم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس