صلاح الدين تشاكرغيل – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
من الطبيعي جدا تأثر دول المنطقة بتدخل الإمبريالية الأمريكية في ربيع 2003 لإسقاط نظام البعث الدكتاتوري الذي استمر لأكثر من 35 سنة برئاسة صدام في العراق. وكان الربيع العربي في بداية عام2011 والذي امتد من تونس ووصل مصر وليبيا واليمن وحتى سوريا هو نتيجة تأثر المنطقة بهذا الغزو الأمريكي الذي لم نكن مستعدين له ولما قد يصحبه من تطورات. فبعد إقصاء الدولة العثمانية من المشهد السياسي أصبحت الدول الإمبريالية هي صاحبة الصوت المسموع في تحيد هذه التطورات.
وفي خضم كل هذه التقلبات السياسية كانت هنالك أصوات تطالب بعدم التدخل وترك الأمر للدول الإمبريالية العظمى، فهم لا يفقهون ما يحدث ولا يعلمون ماذا سيفعلون. وكانت تركيا إحدى هذه الدول سابقا، لكن وبعد أن استعادت تركيا كرامتها ودورها الحقيقي كدولة إسلامية في مذكرتها التي تم تصديقها في شهر آذار/ مارس من عام 2003 والتي رفضت بموجبها تدخل الإمبريالية الأمريكية في العراق. في اليوم التالي ردت صحيفة النيويورك تايم على المذكرة بمقال حمل عنوان "لن ننسى ما فعته تركيا" لكاتبها وليم سافري وقال فيه بأننا لن نسامحكم. وكان التحرك الميداني في المقابل يجري بتوطيد وتعزيز أقدام حزب العمال الكردستاني في الأراضي العراقية بجبل قنديل ليكون من بعدها رهن الإشارة الأمريكية.
بعد انفجار الثورة السورية تقدمت تركيا بنصائحها لنظام البعث، الذي رد على تلك النصائح بتنفيذ أدبيات المدارس القديمة في الدكتاتورية. في هذه الأوقات كان الناتو يعيش نشوة الانتصار بتدخله في الساحة الليبية، وأرادوا أن ينقلوا هذه التجربة الناجحة إلى سوريا، وأرادوا من تركيا أن تكون المطرقة والسندان على الأرض، لكن الرد التركي جاء بالرفض وأبدى رغبته وبكل وضوح في عدم قبول التدخل العسكري، حيث طالب بإنشاء منطقة عازلة تحل مشكلة اللاجئين؛ وهو ما قوبل بالرفض أيضا من قبل الناتو والدول الغربية.
في الجهة المقابلة كانت إيران تتحرك في اتجاه إقحام حزب الله اللبناني في الساحة السورية لتخفيف الضغط عنها وعن نظام البعث هناك، ثم أتبعت ذلك بكتائب السيدة زينب التي كانت تعبئته وتحشيده باسم حماية العتبات المقدسة، فقد تم إدراج آلاف المليشيات الإيرانية وغير الإيرانية من الشيعة والمرتزقة وكبار القادة والضباط في الجيش الإيراني في هذه المليشيات، ثم قامت بعدها برفع مستوى تنسيقها مع الإمبريالية الأمريكية والإمبريالية الروسية في سبيل حماية سوريا الأسد.
بعد انجلاء الغبار عن المعركة السورية، كانت النتائج تشير إلى سقوط أكثر من 400 ألف قتيل وتشريد الملايين، وفي هذا أوضح الرئيس أردوغان في بيانته وخطاباته بأنه لا يمكن إغلاق الأبواب أمام المكلومين الهربين من سوريا، لكن وبسبب طلب النظام السوري التأشيرات للقادمين من تركيا إلى سوريا، كان واجبا على تركيا طلب هذه التأشيرات كمطلب دبلوماسي، وهو ما أعلنت عن تطبيقه في 8 من الشهر الحالي. وفي الرد على هذا القرار أطالب رئيس الجمهورية الطيب أردوغان ورئيس الوزراء داود أوغلو بأخذ التدابير المناسبة لإصلاح الأمر وعدم التغاضي عنه، فمن غير المعقول إسلاميا وإنسانيا إغلاق الحدود إمام هؤلاء المنكوبين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس