محمد حسن القدو - خاص ترك برس
تنتظر لإيران بلهفة وبفارغ الصبر صدور قرار أممي يسمح برفع العقوبات الاقتصادية عنها بعد سنين من فرضها من قبل أمريكا والدول الغربية بعد اتهامها بسعيها إلى امتلاك أسلحة نووية بعد نصبها لأجهزة الطرد المركزي وتخصيبها لليورانيوم.
ومما لا شك فيه أن العقوبات الاقتصادية الغربية والأمريكية على إيران كانت نتائجها قاسية على الاقتصاد الإيراني والشعب الإيراني ابتدأ بانهيارسعر صرف العملة الإيرانية (التومان) ومرورا بتوقف عجلة الماكنة الإيرانية بسبب منع استيراد قطع الغيار إضافة إلى ندرة العملة الأجنبية، وانتهاء بتردي المستوى المعاشى للفرد الإيراني وهذا كان واضحا وجليا عندما أقدم كثير من الإيرانيين على طلب اللجوء إلى دول أوروبا وأمريكا بالذات.
إيران الحليفة القديمة لأمريكا وأوروبا الغربية والتي كانت أبرز المدافعين عن الفكر الرأسمالي الغربي وكانت هي بمثابة العصا الغليظة بيد أمريكا والتي كانت تحارب كل فكر اشتراكي شيوعي وكانت هي أشبه بالحاجز والمانع لطموحات الاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط قلب العالم النابض، ولكن بعد القطيعة العلنية منذ وصول آيات الله إلى الحكم، ما لبثت الآن تغازل الأمريكان والدول الغربية المسرورين من هذا التوجه الإيراني الفجائي للحبيب الأولِ.
وبالنسبة إلى إيران فقد أيقنت أن الدول الغربية بصورة عامة وأمريكا على وجه الخصوص هي من تملك مفاتيح السعادة والرفاهية لها، وأن ارتباطها الوثيق وتنفيذها للإملاءات الأمريكية والغربية هي بمثابة وضع القاطرة الإيرانية على خطوط سكك الحديد إن جاز التعبير، وأدركت أيضا أن الروس رغم مساعيهم المخلصة في منع أو تخفيف العقوبات الاقتصادية لم تجدي نفعا أمام الهيمنة الأمريكية على القرارات الاستراتيجية العالمية.
وعلى هذا الأساس فإنه في حال رفع العقوبات الاقتصادية عنها ولو بصورة تدريجية يتحتم عليها التنسيق المباشر أو التحالف مع الأمريكيين في مختلف القضايا وخصوصا قضايا الشرق الأوسط أو النزاعات الإقليمية في المنطقة، وبهذا تكون قد تخلصت من مصطلح قديم كانت تردده دائما وهو الشيطان الأكبر عندما كانت تنعت أمريكا.
لكن ما الذي يجعلنا نفترض هذه الافتراضات حول التحالف الإيراني الغربي أو الأمريكي جدلا، أقول إذا تذكرنا أن إيران كانت قد وقفت إلى جانب أمريكا عند احتلالها للعراق عام 2003 وساعدت الأمريكيين عسكريا واستخباراتيا في مهمتها آنذاك وطبعا هذا التصريح كان على لسان أكبر المسؤولين في الجمهورية الإسلامية في الوقت التي كانت تصريحات المسؤولين أنفسهم تشير إلى إن إيران العدو الأول لأمريكا عموما، لذا فإن كل ما نفترضه في هذه العلاقات تبدو طبيعية وواردة.
أما أمريكا والغرب بصورة عامة فإن طموحها من رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران هي لسحب إيران إلى التخندق معها ضد المحور الروسي الصيني الكوري الشمالي، أو على الأقل تحييد الدور الإيراني في المحور المذكور، وبالأخص سحب البساط من تحت أقدام الدب الروسي والذي يطمح كثيرا بإنشاء موطئ قدم له في الشرق الأوسط وخصوصا بعد تدخله العسكري السافر في سوريا ووقوفه إلى جانب نظام بشار الأسد، إضافة إلى احتلاله لشبه جزيرة القرم والتدخل في شؤون أوكرانيا.
ويبدو أن قطع السعودية علاقاتها مع إيران والتي يرى الكثير من المراقبين أن قطع هذه العلاقات تؤثر سلبا على المصالح الروسية في المنطقة قد أذكت هذا التوجه والذي لم تعبر الدول الغربية وأمريكا من امتعاضها منه بعكس روسيا التي أدركت أن قطعها سيؤثر على مصالحها والتي بادرت إلى التدخل للتوسط في في سبيل إعادتها إلى ما كانت عليه.
والملاحظ ومنذ الآن أن روسيا بدأت تشعر بالخطر المحدق حولها وخصوصا بعد ضخ كميات كبيرة من النفط في الأسواق العالمية والسماح للنفط الأمريكي بالاستغلال ونزول الأسعار العالمية للبرميل إلى مستويات متدنية قد تقترب من من كلفة الإنتاج الروسي لها والتي تقدر بـ22 دولار للبرميل مع العلم أن الروس سيعالجون العجز في الميزانية المقررة إذا وصل سعر برميل النفط إلى 85 دولار. مع العلم أن الروبل الروسي بدأ من جديد يخسر من قيمته وبلغ تقريبا الآن بحدود 12% من قيمته منذ العام الماضي.
وبعودة المياه الإيرانية والأمريكية الغربية إلى مجاريها تكون إيران قد رجعت إلى المربع الأول مربع عهد الحكومات الليبرالية ما قبل سقوط الشاه.
والسؤال هو. الكرة في مرمى من الآن؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس