د. محمد مرعي مرعي - خاص ترك برس
يعرف كل من يعيش في وسط بشري تحيط به عصابات الجريمة والمافيات أن زعماء تلك العصابات يتّبعون استراتيجيات متوحشة لترهيب الوسط الذي يحيط بهم، وتلك الاستراتيجية تقوم على التعدي الاجرامي واحتلال أماكن صغيرة من مواقع تواجدهم وبعد ذلك تقوم تلك العصابات بتضخيم وإظهار تلك التعديات والجرائم والمواقع المحتلة في الجزء الذي يسيطرون عليه بغية ترهيب الكل الذي يحيط بهم والذي يعيشون وسطه.
هذه الاستراتيجية الإجرامية اتبعتها روسيا مع تسليم بوتين السلطة فيها من قبل قوى الصهيونية العالمية لفرض منطق الغاب على شعوب العالم حيث الحيوانات المفترسة في الغابة تستحوذ على مساحات قليلة منها لكنها ترهب كافة مساحة الغابة بفعل تعدياتها وجرائمها على من حولها.
لقد بدأت سلطة بوتين روسيا تلك الاستراتيجية مع (احتلال الجزء وفرض سلطة القوة والأمر الواقع العسكري لترهيب الكل) مع جمهورية الشيشان واحتلتها بعد ثورة شعبية ضد روسيا لترهب كافة جمهوريات القوقاز التي تعيش حالة انتفاضة تحت رماء القتل والجرائم الروسية، ثم كررت روسيا احتلال جزء من أبخازيا وكذلك أوسيتا لترهب تلك الجمهوريتين وسكانهما وتذكرهما بما حصل مع الشيشان، وبعد ذلك احتلت جزء من أذربيجان تحت غطاء مساعدة أرمينيا لتحقق هدفها المتواصل بترهيب كل دولة اذربيجان، واتبعت الخطة نفسها مع جورجيا لترهيب الدول التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي المندثر، وتلتها باحتلال جزيرة القرم الاوكرانية وحققت غايتها بترهيب اوكرانيا كلها.
حاليا، انطلقت عصابات الروس لاحتلال الساحل السوري وأصبحت قواتهم محتلة لكل سلسلة الجبال الساحلية وسهولها بذريعة دعم سلطة آل الأسد وتستمر باتباع استراتيجيتها في احتلال جزء من الأراضي السورية لترهب كل الشعب السوري الثائر على حكم آل الأسد وحماته من إيران وشيعتها بالعالم وروسيا بوتين المافياوية.
لقد نجحت استراتيجية روسيا في ظل حكم بوتين على مدى عشر سنوات بالتعدي على القوانين والشرعية الدولية وتقويض الأمن والسلم الدوليين، وفرضت قوتها العسكرية المفرطةعلى الدول الضعيفة والشعوب الثائرة على حكم الطغاة والفاسدين، دون أي رادع لها أو مواجه لاستراتيجيتها المتوحشة في القرن الحادي والعشرين.
ويتحدث قادة العالم وخاصة في الدول الغربية والقوى العظمى عن تلك الاستراتيجية الروسية المتوحشة على استحياء، تارة بالإشارة إلى مخاطرها وتارة بالإشارة إلى ضرورة مواجهتها بغية الحفاظ على الأمن العالمي وكي لا تدمّر السلم الدولي، لكن تلك القوى العظمى تغض الطرف تماما عن جرائم روسيا طالما أن ضحاياها من الشعوب المستضعفة التي لا قيمة لها لدى تلك الدول العظمى والكبرى، دون أن ننسى أن رئيس أمريكا أوباما قد أعلن سابقا أمام الصحافة العالمية تقييمه لروسيا بوتين بأنها دولة إقليمية كبرى وليست دولة عظمى!!
فهل من تفسير للتغاضي الغربي والقوى الكبرى بالعالم عن جرائم روسيا تجاه الدول الضعيفة والشعوب الثائرة على الطغيان سوى موافقتها المضمرة على سلوك روسيا المتوحش طيلة عقد مضى؟؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس