ترك برس
بدأت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل التي عُلّقت لخمس سنوات بعد اعتداء القوات الإسرائيلية على سفينة مرمرة الزرقاء في عام 2010، بالعودة مع تصاعد الجهود الدبلوماسية للوصول إلى تطبيع العلاقات. وبعد تلبية إسرائيل واحدًا من الشروط التركية المتمثل بتقديم اعتذار، يجري اتخاذ خطوات لتلبية الشرط الثاني وهو تعويض الضحايا.
والآن فتحت الحكومة الإسرائيلية الباب لرجال الأعمال الأتراك للدخول إلى قطاع غزة لأول مرة منذ حادثة مرمرة الزرقاء، في إشارة على نية في السماح لرجال الأعمال الأتراك بدخول المنطقة بصورة متدرجة. وزارت مجموعة كبيرة من رجال الأعمال الأتراك برئاسة اتحاد الغرف وتبادل السلع التركية، قطاع غزة بتصريح خاص وسط حديث عن سماح قريب بدخول البضائع التركية.
تستمر المحادثات لتبادل سفراء، في حين رُفع حظر الطيران بين الدولتين، وتشير الزيارات رفيعة المستوى مؤخرًا لمسؤولين أتراك إلى كل من رام الله وغزة إلى أن عملية التطبيع ماضية.
إعادة إعمار غزة
ذكر مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية التركي أن غزة لن تكون قابلة للحياة في عام 2020، وأطلق في وقت سابق مشروع التطوير الحضري للقطاع مع أكاديميين من جامعة الشرق الأوسط التقنية (ODTÜ) المرموقة. وكانت حوالي 50 دولة قد تعهدت بتقديم 5.4 مليار دولار كمساعدات للقطاع في عام 2014، إلا أن حوالي 20 بالمئة فقط من هذا الدعم تم استخدامه. وفي هذا الصدد أشار المدير التنفيذي لمركز الأبحاث غوفان ساك إلى أنه "تم إعداد خطة استراتيجية. وسيكون ميناء في غزة أحد أهم المشاريع في هذه الخطة".
وقد زار رئيس اتحاد الغرف وتبادل السلع التركي رفعت حصارجيك أوغلو برفقة لجنة من مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية التركي مدينتي رام الله وغزة، وأبلغ الوفد الأطراف المعنية باستعداده للاضطلاع بعملية بناء الميناء والتحويل الحضري في غزة التي تعهدت الدول المانحة بتقديم 5 مليار دولار من الاستثمارات لها.
أشار حصارجيك أوغلو إلى أن زيارة غزة كانت إشارة على تحسن العلاقات وأن هناك مشاعر إيجابية تجاه الأتراك. وقال: "إننا مستعدون للاستثمار في غزة بشركاتنا المعروفة عالميًا. لم نواجه أي معوقات في دخول المدينة، وحتى يتم تنفيذ المشاريع ينبغي أن تبدي كل من غزة ورام الله وإسرائيل استعدادها".
ووفقًا لمركز الأبحاث السياسية والاقتصادية التركي، فإن 3.5 مليار دولار من المبلغ الإجمالي (وقدره 5 مليار دولار) مخصصة لقطاع غزة، و1.5 مليار دولار المتبقية مخصصة لرام الله. وربما تتولى الشركات التركية مشاريع بقيمة تبلغ قيمتها الإجمالية مليار دولار في هذه المناطق، وفي حين يجري إعداد خطة تحديث استراتيجية لقطاع غزة، المبني على مساحة 360 كيلومتر مربع ويسكنه أكثر من مليوني إنسان، فإن الشركات التركية مستعدة لتولي هذه المشاريع.
عقد الوفد التركي عددًا من الاجتماعات مع مسؤولين في القطاع مثل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وعدد من الوزراء. كما حضر نائب وزير الخارجية الفلسطيني لقاءات مع هنية. وأبدى الوزراء وعدد من المسؤولين استعدادهم لدعم تركيا في أخذ دور رئيسي في إعادة إعمار غزة. وقالت السلطات في القطاع: "إن علاقاتنا مع إسرائيل مختلفة تمامًا. ولتركيا رؤية وسياسات مختلفة. إننا مستعدون لتوفير الدعم لتنفيذ المشاريع المقدمة لغزة".
والتقى الوفد مع رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد لله ووزيرة الاقتصاد الفلسطينية عبير عودة، ومسؤولين إسرائيليين. وشكر الوزراء الفلسطينيون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على دعمه، وأضافوا أنهم مستعدون للتعاون في هذه المشاريع وأنهم ربما يزورون تركيا في الأسبوع الأول من شهر أيار/ مايو المقبل.
مسابقة لتصميم "غزة الجديدة"
وستساهم آراء سكان قطاع غزة في تشكيل المشاريع المتعلقة بالتحويل الحضري. وسيكون السؤال "كيف تريد أن يكون شكل بيتك؟" السؤال الرئيسي. حيث تتضمن الخطة إطلاق مسابقات تصميم دولية لغزة وسؤال سكان القطاع عن أفكارهم لـ"غزة الجديدة".
ويبلغ عدد السكان في قطاع غزة حاليًا 1.8 مليون نسمة. ووصلت نسبة البطالة إلى 67 بالمئة بين الشباب تحت سن 30 عامًا، الذين يشكلون 48 بالمئة من سكان القطاع. ويُعادل الدخل الشهري للفرد في القطاع 174 دولار أمريكي، ويُعاني 57 بالمئة من السكان من مشاكل في تأمين الطعام. وقد دُمِّرت أكثر من نصف الصناعة في غزة، وتُشكل نسبة المياه الصالحة للشرب 5 بالمئة فقط من المياه المتوفرة، ويُتوقع أن يُعاني القطاع من الجفاف في عام 2020.
المنطقة الصناعية المنظمة في جنين
ستكون للشركات التركية أولوية فيما يتعلق ببناء قطاع غزة، الذي أوقفته إسرائيل خلال السنوات العشر الماضية، كما من المحتمل أن يتم إنشاء منطقة تجارية في فلسطين. فقد تمت إعادة إحياء بناء البنية التحتية للمنطقة الصناعية المنظمة في منطقة جنين، من قبل اتحاد الغرف وتبادل السلع التركي ومؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية التركي، وذلك تزامنًا مع حل مشكلة أسعار المصادرة المستمرة منذ عشر سنوات.
وفي هذا السياق، أشار خبراء مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية التركي إلى أنه تم دفع 10 مليون يورو للمصادرة، وأن مشروع المنطقة الصناعية المنظمة بات في مرحلة الموافقة النهائية بعد إصدار الخطة الرئيسية. ومن المنتظر أن تصدر وثائق العطاء في أيلول/ سبتمبر، وسيتم وضع تسوير المنطقة على مساحة 900 ألف متر مربع تقريبًا حيث سيُبنى مبنى الإدارة. وستُستَقبل الخدمات مثل الكهرباء والماء من إسرائيل، وحال اكتمال خطط البناء، سيتم تنظيم جولة ترويجية دولية.
سيوظف المشروع في المرحلة الأولى 5 آلاف شخص، وسيصل عدد الموظفين إلى 10 آلاف شخص في هذه المنطقة القريبة من الميناء. ومن جهتها، ستسهل الحكومة الإسرائيلية الدخول والخروج من المنطقة الصناعية، حيث سيكون العمل متاحًا للمستثمرين الأتراك والفلسطينيين والإسرائيليين. كما ستوفر تركيا تدريبًا مهنيًا للفلسطينيين للمنطقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!