أ. د. محمد مرعي مرعي - خاص ترك برس
عاشت البشرية عصر الإقطاع قبل قرون في الدول المتقدّمة وقبل عقود في الدول المتخلّفة ومنها سوريا، ويتسم عصر الإقطاع بوجود الإقطاعي (صاحب الملكية والسلطة المطلقة والقوة السياسية) ووكيل الإقطاعي وأزلامه (الذين يمثلون القوة البشرية والعسكرية الضاربة).
بعد تفكّك الاتحاد السوفييتي وتحوله إلى 15 دولة وتفتّت قوته المضادة لحلف الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية، فرضت أمريكا واقعا جديدا في عالم القوة بالعالم تمثل بمنح روسيا الوريث العسكري للاتحاد السوفييتي البائد أدوارا جديدة أبرزها ترهيب الشعوب التي تنزع لنيل حريتها وتسعى لتحقيق تنميتها واختارت "يلستين" رئيسا مخمورا كمرحلة انتقالية، وبعده "بوتين" رئيسا للأبد على طريقة إمبراطوريات العسكر في الدول المتخلفة، وتحوّلت روسيا بوتين القائد الأوحد إلى شرطي العالم المتعجرف بل إقطاعي القرن الحادي والعشرين.
يعرف من عاش عصر الإقطاع أو من درسه أن "الإقطاعي" هو الشخص الأقوى والمتحكّم بكل شيء، لكنه يظهر بأنه يلعب دور الحكم
والدبلوماسي التوافقي مع الجميع من الخصوم والأتباع، بينما يعطي ذلك الإقطاعي وكيله وأزلامه الذين يديرهم الوكيل دور المجرم والفاسد والمعتدي على الناس والأبرياء لترهيبهم وفرض سطوة الإقطاعي ونفوذه في الميدان الذي يسيطر عليه دون أي اعتراض وبإذعان تام.
نعرف جميعا بأن "أمريكا هي اقطاعي العصر الحالي" الذي يهيمن ويسيطر على كل شيء ويكسب من كل ما يحيط به، ويوجّه وكيله الذي بدوره ينفذ أفعالًا مشينة ويأمر أزلامه بممارسة الإجرام لترهيب من يلزم. ونعرف أن وكيل الولايات المتحدة هو "بوتين روسيا" الذي حوّل بلده من قوة عظمى اقتصاديا وسياسيا إلى قوة بلطجة وعربدة عسكرية لقتل وتهجير الشعوب الثائرة التي تسعى لنيل حقوقها وكرامتها الإنسانية بحيث لا يتحقق تقويض نفوذ الإقطاعي الممثل بأمريكا، ويتولى الوكيل "روسيا" مع أزلامه ومرتزقته القيام بأدوار الاعتداء على كل من يضمر أو يعلن الخروج عن سلطة الاقطاعي الأمريكي.
يخطئ كل من يظن أن روسيا بوتين تسعى لفرض وجودها كقوة عظمة وتعيد أمجاد الاتحاد السوفييتي ونفوذه العسكري بالحرب الباردة، بل هي أضعف من أن تدير نفسها وكان من بنود دفتر شروط تولّي بوتين رئاسة روسيا كحاكم للأبد على شاكلة جنرالات العسكر في الدول المتخلفة أو ورثتهم بالحكم أن ينفّذ تعليمات الإقطاعي الأمريكي بكل حذافيرها كأداة قتل وترهيب للشعوب الثائرة والمتطّلعة للحريات كما حصل مع شعوب "الشيشان وجورجيا وأبخازيا وأذربيجان وأوكرانيا، وحاليا سوريا والعراق واليمن"، وبحيث يتولّى الوكيل بوتين روسيا مع اتباعه مثل "إيران ومرتزقتها من الشيعة" بالعالم وحاليا "أكراد أوجلان" أدوار القاتل المأجور لقاء فتات من المزايا كما كان يعيش أزلام الإقطاع في عهود غابرة.
لقد حقق الإقطاعي الأمريكي ما يريد، إذ بلغت مؤشرات التنمية الاقتصادية الأمريكية أقصى مداها وارتفع الدولار بنسبة 30% عن سعر صرفه مقابل كافة العملات العالمية وانخفضت البطالة إلى أدنى حدودها وأصبحت الهيمنة الأمريكية أعلاها على كافة الصعد العسكرية والتكنولوجية والعلمية.
بينما ارتضى الوكيل "روسيا بوتين" بتراجع دخله القومي بنسبة 50% وهبوط سعر صرف الروبل بنسبة 60% وهروب الاستثمارات المالية من روسيا وبلوغ معدلات الفقر 30% بين الشعب الروسي، مع قبول صفة أدوار القاتل للشعوب التي تطالب بالحريات فقط للحفاظ على دور وكيل الاقطاعي.
أما اتباع وكيل الإقطاعي ومرتزقته "إيران وشيعتها، وأكراد أوجلان" فأدوارهم تنحصر بالقيام بمهام القاتلين والزعران المأجورين مقابل مكاسب لا تتعدى الطعام والشراب والتباهي بحمل السلاح.
لقد ساعد "الإقطاعي ووكيله وأتباعه من المرتزقة" في الحالة السورية وجود ما تسمّي نفسها معارضة سياسية سورية تصرّفت على امتداد 5 سنوات بأساليب قيادة بلهاء وغباء سياسي وجهل عسكري وتخلّف إداري منقطع النظير، مما أفقدها مصداقيتها ورصيدها الشعبي وأهان ألق الثورة وتطلعاتها.
لقد عاد عصر الإقطاع بكل تفاصيله وممارساته الشنيعة في القرن الحادي والعشرين وبشكل خاص في ما يخص الثورة الشعبية السورية بوجود "الإقطاعي الأمريكي الكبير ووكيله الروسي وأتباعه ومرتزقته".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس