برهان الدين دوران – صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
جاء وقف إطلاق النار المؤقت في سوريا مع حدوث نقاش جديد متعلق بمستقبل الدولة. هذا النقاش الذي بدأه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من خلال تصريح قال فيه: "في حال مُنِي وقف إطلاق النار بالفشل، وعدم المضي قدمًا باتجاه حكومة مؤقتة خلال بضعة أشهر" فإنه سيلجأ إلى الخطة "ب" التي تشمل "تقسيم سوريا".
وعلى إثر هذا النقاش التحذيري إلى كل من روسيا ونظام الأسد صدرت ردات فعل من دمشق بأنها "سوف تحافظ على وحدة دولتها ضد الإرهاب" ومن موسكو بقولها إن "الوقت ليس مناسبًا لمناقشة خطط بديلة". إن هذا النقاش حول الخطة ب هو مؤشر على رغبة إدارة أوباما خلال الأشهر العشرة الأخيرة في إحراز تقدم بالملف السوري. وبعبارة أخرى هو محاولة جمع التوتر الروسي - التركي، وقصف تركيا لوحدات حماية الشعب الكردي، وخطر سقوط حلب على الطاولة السورية.
حيث ترغب إدارة الرئيس أوباما في وصيتها إحراز تقدم على الطاولة السورية يؤدي إلى تحسين الوضع وتشكيل حكومة انتقالية. وبهدف تحقيق هذه الرغبة تسعى إلى القيام بالمبادرات الأخيرة على الطاولة السورية. ولأن واشنطن تدرك مدى صعوبة استمرار وقف إطلاق النار على المدى الطويل قامت بطرح هذا النقاش حول الخطة ب بهدف إجبار موسكو. حيث سوف تضمن هذه الخطة انزلاق بوتين بشكل أكبر إلى "المستنقع" في سوريا. أي أنها تتضمن تهديدًا "من أجل جعل ممارسات روسيا أكثر قبحًا".
وفي هذا السياق، عكست وسائل إعلامية النقاش الذي جرى في حال تم خرق وقف إطلاق النار "باتخاذ إجراءات تؤدي إلى إنزال ضربات عنيفة" ضد روسيا. وتقديم الدعم الاستخباراتي والمسلح للمعارضة المعتدلة وفرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا.
وفي المؤتمر الصحفي الأخير للرئيس أوباما امتلأ انتقاده لروسيا بالتحذيرات والتلميحات التي تهدد بالخطة ب. وتضمن حديثه تأكيدات على قيام "التدخل العسكري الروسي بتقوية نظام الأسد وجعل حالة الدمار الإنساني أكثر سوءًا" و"أنه اختبار لإظهار صدق أطراف اتفاق وقف إطلاق النار".
بالإضافة إلى تكرار أوباما مرة أخرى أن لا مكان للأسد في مستقبل سوريا. وسنرى خلال الأسابيع والأشهر القادمة مدى تأثير مناورة أوباما الجديدة هذه على روسيا والتي تسعى إلى حل انتقالي مستمر بالطرق الدبلوماسية في سوريا.
وفي سياق حديثنا عن الخطة ب ينبغي أن نذكر بالخطة أ، وهي النقطة التي تسعى مفاوضات جنيف لإيجادها. أي تأمين انتقال إلى فدرالية رخوة بإمكانها الحفاظ على وحدة سوريا. ولكن المشكلة الأكبر في هذه الخطة تركها مصير الأسد مبهمًا. بالإضافة إلى وجود صعوبات أخرى أمام استمرار جدول الحكومة الانتقالية في الخطة المشتركة الروسية الأمريكية. خاصة وأن حماية المعارضين من اعتداءات تحالف روسيا – الأسد – إيران ليس بالأمر السهل. وعلى سبيل المثال، يمكن قصف المعارضة تحت مسمى ضرب داعش والنصرة الذين لم يشملهم وقف إطلاق النار. وبناءً على ذلك يمكن أن يبقى وجود ما يسمى بالمعارضة المعتدلة في نهاية العملية التي ستمدد وجودًا رمزيًا على الطاولة.
ومن المؤكد أن هدف الولايات المتحدة الأمريكية من التهديد بالخطة ب هو عرقلة سقوط حلب. ولكن من المحتمل أن تنفيذ المناورات بشكل جيد سيؤدي إلى مغادرة روسيا المكتب عما قريب، ويؤخر إدارة أوباما "المدمنة" بالدبلوماسية. ولهذا السبب ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية اتخاذ خطوات جديدة تؤدي إلى دعم المعارضة المعتدلة.
وسيكون ذلك مفيدًا من أجل تذكير الأسد الساقط بالحدود وإعادة السيطرة على البلد بشكل كامل. كما ينبغي إبقاء خطوات الخطة أ هذه على الطاولة بشكل فعلي، وعدم الانتقال إلى الخطة ب. لأن بوتين لن يكتفي باستغلال ما يسعى إليه أوباما من خلال تهديداته، بل يتوقع فتح الملف الأوكراني مجددًا من خلال ثقل نفوذه في سوريا. وبذلك سوف يصبح انتظار إدارة المكتسبات التي نالتها روسيا من خلال تدخلها المباشر في سوريا في 30 من أيلول/ سبتمبر أمرًا خياليًا مع التهديد فقط بالخطة ب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس