أكرم كيزيلتاش – صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس
هل شارفت الأزمة السورية على النهاية أم أننا ما زلنا في مرحلة البداية، أمر في علم الغيب. لكن الأمر الذي نعلمه هو أن اصل المشكلة اتحاد وتعاون الدول الكبرى التي لا يسعها بالشروط الطبيعية التعاون أو العمل معا وتقديم هذه القوى العظمى لعروض اتفاقيات ومصالحات وحلول مشتركة للأزمة السورية. هل نحن في زمن سايكس بيكو الثانية وهل ستتفق القوى العظمى كما اتفقت في مؤتمر يالطا وستتقاسم المنطقة فيما بينها.
بناءً على حسابات الدول ومطامعها في المنطقة يفترض من الأمريكان الوقوف ضد الروس، أما أن تغض واشنطن الطرف عن تصرفات موسكو في المنطقة فهو أمر خارج حدود المنطق والمتوقع وإشارة إلى مسألة على درجة من الأهمية. المسألة الأخرى هي اتحاد الموقف الإيراني مع الموقف الروسي بشأن القضية السورية. لعل أهم هذه المسائل هو كيف اتفقت هذه الدول مجتمعة وما هي الظروف التي دفعت إلى اتفاق حزب الاتحاد الوطني ووحدات حماية الشعب مع نظام الأسد.
فالكيان أو الهيكلية التي سيتم إنشائها في الشمال السوري والتي تُحظى بالدعم الروسي تقوم على جماعات لم يمنحهم الأسد في الزمن الغابر الاعتراف بالهوية وعوضهم بعد ذلك مجبرا وصاغرا سيكونون سبب للقلق والقلاقل في إيران التي تعد أحد الأطراف الداعمه لهم.
موقف الولايات المتحدة والذي يتسم للوهلة الأولى بعدم الوضوح يقوم على حسابات أمريكية متعلقة بإسرائيل هذا الأمر غير المطروح للتداول كثيرا إلا أنه كافي لتفسير التصرفات الغريبة والمواقف غير المتوقعة التي تقدم عليها الولايات المتحدة الأمريكية التي لا ترغب بسوريا مستقبلية قد تثير القلق أو تسبب عدم الراحة للكيان الإسرائيلي.
كينونة النظام الأسدي وإيران محور الحديث والحدث تُعد أمرًا كافيًا لرفع مستوى غرابة الأحداث ولا نحتاج لأن نكون منجمين وكهنة لنتوقع مثلا أن نظام الأسد لن يتوانى عن طرق أبواب روجافا عندما تسمح له قوته بذلك، أو نتوقع ونخمن أن حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب بدورها ستحاول التوسع باتجاه إيران أولا وتركيا ثانيا بعد المرور والتوسع في شمال العراق.
أن تلقي بنفسك إلى التهلكة
تطبيق الهدنة والبدء بمحادثات جنيف سيدفع بجميع الأطراف إلى أن تلقي ما بجعبتها وبالتالي لن يكون من الصعب علينا فهم ما تكنّه حساباتهم وتوقعاتهم. لعل إحدى المسائل المهمة في هذه النقطة هو الموقف التركي، فتركيا التي رجحت الوقوف مع مطالب الشعب السوري وإرادته وحقه في تقرير مصيره اختلفت مع الروس وإيران ونظام الأسد وبالطبع مع الحليف الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يبدو أنها ستتراجع عن هذا الموقف بل أنها ستقاوم وتدافع عنه.
يمكننا أن نتفهم الموقف الروسي والإيراني والأمريكي والأوروبي في إطار بحثهم عن منافعهم الذاتية، لكن لا يمكننا أن نفهم أو نتفهم الموقف الداخلي المدافع عن هذه الرغبات الأجنبية والتي لا تخدم أي طرف داخلي أو مناطقي وكلها نابعة من أجندات خارجية ومنصبة في مصالح دول غريبة عنه.
لا بد لنا أن نتذكر أن إنشاء دولة تابعة لحزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديموقراطي في روجافا قد تم تزينها وتحسينها ورش ملح السحرة عليها لتتحول بقدرة المشعوذين إلى قصة رومانسية فتنت بعض المجموعات المحلية ودفعتهم إلى المناشدة بضرورة تفهم تركيا لأهمية إنشاء هذه الدويلة تحت راية حزب الاتحاد الديمقراطي – وحدات حماية الشعب في روجافا وحتى ضرورة تدخل تركيا ومساندتها في إنشاء هذه الدويلة. في أثناء تعالي هذه الصيحات والمناشدات لا بد أن نسأل أنفسنا هل تعرضت هذه المجموعات إلى غسيل الأدمغة أم أنهم باعوا عقولهم واشتروا بها الخبز والجبن إذ أنهم لا يعقلون ما يجري ولن يفهموا إذا ما قلنا لهم إن مساندة تركيا لذلك المشروع ومساعدتها في تمريره يعني أن تلقي بنفسها إلى التهلكة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس