جلال سلمي - خاص ترك برس
أعلن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، في الخامس عشر من الشهر الجاري، أن قواته ستنهي عمليات الانسحاب من سوريا خلال الشهر الحالي، مشددًا على أن قرار الانسحاب أتى في إطار تحقيق القوات الروسية لمهمتها في سوريا.
وفي ضوء تأكيد بوتين على أن القوات السورية تمكنت من تحقيق أهدافها، تناول الخبير في السياسة الخارجية "نزيه أنور كورو"، الباحث السياسي في مركز أنقرة للأبحاث الاستراتيجية، القضية في دراسة أكاديمية حملت عنوان "هل أنهى فعلًا بوتين مهمته في سوريا؟"، حيث أشار في مقدمتها إلى أن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" أعلن أن قواته ستنجز عملية الانسحاب من سوريا خلال الشهر الحالي، ولكنه لم يحدد التاريخ النهائي لعملية الانسحاب، مما يعني أن انسحاب روسيا من سوريا أتى في أعقاب اتفاق سياسي، وأن روسيا لم تحدد التاريخ النهائي للانسحاب، لتشير إلا أنه يمكن لها الرجوع إلى سوريا في أي لحظة إن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، وهذا ما أوضحه بوتين في أكثر من خطاب صحفي أعقب عملية الانسحاب.
وأوضح كورو أن تشديد بوتين على أن المهمة تمت بنجاح ينم، إعلاميًا، عن رغبته في عكس صورة الدولة العظمى التي لا تفشل، بل تحقق جميع أهدافها بقوة ونجاح، أم على صعيد الإنجازات الميدانية الفعلية، فهذه النقطة في موطن نقاشات حادة لم تتضح صورتها النهائية حتى الآن.
وأشار كورو إلى أن مصادر مطلعة بيّنت أن القوات الروسية ساندت قوات النظام في السيطرة على مساحات شاسعة في محافظة حمص، وإعادة السيطرة شبه الكاملة على مدن وقرى الساحل، والسيطرة على مساحة واسعة في مدينة حلب وحماه ودرعا والقنيطرة، مضيفًا أن مصادر مطلعة عن كثب لم تغفل التقدم الذي حققته عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا.
وبيّن كورو أنه على صعيد السياسة الداخلية فإن شعبية بوتين ارتفعت إلى ما يقارب 85% بعد ما كانت 60%، وذلك بفضل سرعته في تنفيذ العملية وإنجاز بعض أهدافها، بعيدًا عن تكبد الخسائر وهز هيبة روسيا، كما حدث في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، منوّهًا إلى أنه على صعيد الجبهة الخارجية أيضًا أحدثت روسيا صدى قويًا لنفسها، حيث حققت جزءًا كبيرًا من أهدافها في سوريا، وأنزلت كميات ضخمة من الصواريخ العابرة للقارات من بحر قزوين إلى البحر الأبيض المتوسط، وأضافت إلى قاعدة طرطوس العسكرية قاعدة حميميم، ومنعت تركيا من الاقتراب إلى سوريا، الأمر الذي أعطب تحرك تركيا في استهداف عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي "الإرهابي"، وبالتالي أسهمت في تقهقر قوات المعارضة على عدد من الجبهات، نتيجة لانقطاع الدعم اللوجستي البري والجوي الذي كانت تقدمه تركيا أو الأطراف الأخرى، من خلال الأراضي التركية، إلى قوات المعارضة.
وأكّد كورو أنه يجب الاعتراف بهذه الإنجازات الروسية، وعدم التغاضي عنها، لأنه من خلال التقييم الموضوعي يمكن التوصل إلى نتائج متوقعة تحاكي الصواب الواقعي أكثر من محاكاتها للخيال والتحرك الخاطئ، منوّهًا إلى أن سرد هذه الإنجازات لا يعني أن بوتين أحرز كافة أهدافه المرسومة في سوريا، إذ أن ثمة عناصر، مثل الأزمة الاقتصادية التي أصابت بلاده، نتيجة للحصار الاقتصادي المفروض من قبل دول الاتحاد الأوروبي، وانخفاض أسعار النفط بشكل ملموس، واستخدام تركيا لحقها في الدفاع المشروع عن نفسها، بعد تكرار عملية اختراق الطائرات الروسية لأجوائها، واحتدام الصراع الإعلامي المحفوف بالتهديدات المتبادلة بين روسيا وبعض دول المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية، الأمر الذي خشيت منه روسيا أن يتحول إلى احتدام عسكري مباشر، ساهمت بشكل أو بأخر في الحيلولة دون توصل بوتين إلى إتمام كافة الأهداف التي كان يسعى عليها.
وخلص كورو إلى أن هدف بوتين في القضاء على داعش، كان هدفا أساسيا كما بيّن قبل إعلان بدء عمليته العسكرية، ولكن يبدو أنه حاد عن هذا الهدف إلى أهداف أخرى أنجز بعضًا منها، مبينًا أن تركيا وبعض الدول الأخرى قطعت الطريق بشكل فعلي عن بوتين في تحقيق أهدافه كاملة، واليوم يعول الكثير على هذه الدول للاستمرار في الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لإيجاد حل متزن للأزمة السورية، من خلال مفاوضات جنيف التي ما زالت سارية إلى اليوم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس