فخر الدين ألتون – صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
شهد التاريخ السياسية التركي صفحات قاتمة عديدة. وكذلك صفحات عن تركيا القديمة ومؤسسها. وبمجرد الحديث عن هذه الصفحات القاتمة تتبادر إلى ذهننا فورا الانقلابات، ومجهولو الهوية، والصراع اليميني – اليساري... إلخ. حيث قلبت هذه الأحداث النظام الاقتصادي والاجتماعي التركي رأسًا على عقب وأحدثت جراحًا عميقة في ذاكرة المجتمع.
كما شكل المثقفون والسياسيون الانتدابيون عنصرًا آخر صاحب تلك الحقب المظلمة. في الوقت الذي أدرك فيه البعض دخول تركيا المحور الأمريكي بسبب التهديد السوفيتي في نهاية عام 1950 على أنه ضرورة، اعتبره الانتدابيون فرصة. و"أن جميع المشاكل سوف تحل من خلال الانتداب الأمريكي لتركيا" على حد تعبيرهم. وإن لم يعبروا عن ذلك صراحة نتيجة خوفهم من الأمة، فإنهم تحدثوا عنها جميعًا فيما بين السطور.
بالإضافة إلى شعورهم بالقلق أثناء قيامهم بالإنقلاب العسكري وأيضًا قيام السياسيين المدنيين بالإصلاح، إزاء الحصول على موافقة أمريكا. وجعلوا سياساتهم الاقتصادية ملائمة للمحور الأمريكي دون أي اعتراض على سياساتها الخارجية. وخلال تلك الحقب قدم العملاء الراغبين في فتح مجال سياسي لأنفسهم كانعكاسات لتركيا القديمة رسائل إلى الولايات المتحدة الأمريكية مفادهم أنهم ذو فائدة أكبر بالنسبة لها.
وبعد عام 2000 تغيرت طبيعة العلاقات التركية – الأمريكية ولكن لم تتخلص تركيا من هذا الإدمان. وفي نهاية عام 2002 وجهت جميع عناصر المعارضة باستمرار رسائل إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وشوهت سمعة السلطة، وأظهرت نفسها كعناصر مفيدة.
وفي الوقت الذي تبرأ فيه الجيش من مسؤولية رفض مذكرة الأول من آذار ووجه التهمة إلى الحكومة، طالب زعيم حزب المعارضة بدعمهم بحجة وجود قاعدة جماهيرية لديهم من خلال توصية إلى اجتماع الجمهورية.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية العنوان الوحيد للمتجولين والتي رأوها بمثابة الحامي للثورات المخملية. كما أخذوا جميع "معادي الإمبريالية" وتجمعوا في الساحات. ووضعوا اللافتات المكتوبة بالإنكليزية أمام أعين الكاميرات. وغايتهم الوحيدة هي إيصال أصواتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ألم يفعلوا الشيء نفسه عند إقامة الدولة الموازية؟ وعبروا لسنوات عن مدى فائدتهم للولايات المتحدة الأمريكية.
ولإثبات ذلك بدأوا بانقلاب فيما بعد. وسببوا حالة من الفوضى. واليوم أيضاً تحدثوا مع الولايات المتحدة الأمريكية، وطلبوا المساعدة منها.
هل بي كي كي مختلف؟ من أجل ذلك قام بإجراءات بهدف إثبات نفسه للولايات المتحدة الأمريكية. ودلل نفسه نظرًا لاعتباره مفيدًا جدًا للولايات المتحدة الأمريكية في سوريا وتوجه إلى تركيا. كما واجه ظروف صعبة لم تكن بالحسبان. في الواقع إن جميع أعضاء المعسكر المعادي لأردوغان دخلوا في مسابقة "من الأكثر فائدة". ولم يروى أنها مسابقة من دون متابعين أو جوائز، ومجرد كدح وشقاء لا فائدة منها.
وفي الفترة القادمة سوف تنتقل السياسة التركية من صراع بين ممثلين غير قوميين يتوسلون الولايات المتحدة الأمريكية لكي تنظر إليهم، إلى ممثليين قوميين بأجندات حقيقية ووطنية. واعتقد أن ذلك سيشكل إضافات جديدة إلى صفوف هؤلاء الممثلين غير القوميين في صراعهم هذا. وسيحاول البعض تسخير مصلحة البلد من أجل منفعته الخاصة مثلما فعل أي عنصر جديد كتب للجبهة المعادية لأردوغان.
ومما لاشك فيه أن أحداً لن يعارض مصلحة البلد. ولكن عندما يتعلق الأمر بوضع مصلحة البلد أمام منفعته الخاصة، سيكون هناك الكثير ممن سيعارض ذلك.
ليكن في معلومكم!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس