ترك برس
انتقل سكان المنطقة المحيطة ببحر إيجة في العصر الحجري إلى وسط وجنوبي أوروبا منذ حوالي 8 آلاف عام، وأحضروا الزراعة إلى قارة كان سكانها لا زالوا يعتمدون على الصيد، حسب دراسة جديدة.
بُنيت نتائج الدراسة على عينات جينية من مجتمعات الزراعة القديمة في ألمانيا وهنغاريا وإسبانيا. وبمقارنة هذه العوامل الوراثية التي عُثِر عليها في اليونان وفي شمال غربي تركيا، حيث كانت الزراعة سائدة قبل قرون من تلك الفترة، تمكن الباحثون من رسم خط جيني يربط شعوب أوروبا بشعوب منطقة بحر إيجة.
يقول جواكيم بيرغر أحد مُعِدّي الدراسة إن التحليل الجيني للعينات أظهر أن ارتباط المزارعين القدماء في وسط أوروبا وإسبانيا بسكان بحر إيجة كان أكثر من ارتباطهم ببعضهم البعض. وهذا يدل على أن المزارعين جاؤوا في موجتين منفصلتين: واحدة إلى أوروبا في الشمال، وأخرى باتجاه الغرب على امتداد الساحل وصولًا إلى إسبانيا.
ويشير بيرغر، الأنثروبولوجي وعالم الوراثة الإنسانية في جامعة جوهانز غوتنبرغ في مينز بألمانيا، إلى أن "أحد الطرق هو طريق البلقان والآخر هو طريق البحر الأبيض المتوسط، وهو نفس الطريق الذي نعرفه من الهجرة اليوم".
تمكن الباحثون كذلك حسب بيرغر من تتبع منشأ بعض السمات لمزارعي منطقة بحر إيجة بناء على الحمض النووي، ومنها أنهم كانوا ذوي بشرة باهتة نسبيا وعيون غامقة اللون ولم يكونوا يملكون الجين الضروري لهضم الحليب بعد مرحلة الطفولة، وهي سمة طورت في أوروبا لاحقا.
وبدا كذلك حسب الدراسة أن مزارعي منطقة إيجة كانوا أقرب إلى رجل الثلج أوتزي، الذي حفظت بقاياه بشكل جيد بعد العثور عليها في بحر جليدي بين إيطاليا والنمسا.
وفي النهاية، بمقارنة العينات القديمة بعينات حديثة من الأوروبيين، وجد العلماء أن المزارعين القدماء لم يكونوا أجدادهم المباشرين. فمن بين أجدادهم كذلك الصيادون الأوروبيون القدماء الذين اندمجوا مع القادمين الجدد، ومجموعة ثالثة يُعتقد أنها قَدِمَت من السهوب الأوروبية الشرقية قبل حوالي 5 آلاف عام.
وقد وصف خبير لم يعمل في الدراسة، نتائج الدراسة بأنها "قوية ومُنفذة بإتقان"، ولكنه حذر من أن بعض نتائج الدراسة بُنِيَت على بيانات محدودة. يقول مايكل هوفريتير عالم الوراثة التطورية في جامعة بوتسدام بألمانيا إن "بعض النتائج الإحصائية قد تكون خرجت بطريق الصدفة".
إلا أن هوفريتير أشار في الوقت نفسه إلى أن المدخل الذي قدمته الدراسة للهجرة الأوروبية في العصر الحجري كان قيمًا، وقال إنه "يضيف إلى معلوماتنا عن التاريخ البشري. وأعتقد أنّ من القيّم دائما استبدال التّخمين بالدليل الواقعي".
يقول بيرغر إن الباحثين سيستقصون الآن عما إذا كان يمكن ربط مزارعي منطقة بحر إيجة مباشرة بشعوب مناطق أبعد باتجاه الجنوب الشرقي في الهلال الخصيب الممتد من سوريا إلى جنوب غربي إيران، حيث يُعتقد أن الزراعة ظهرت لأول مرة قبل أكثر من 10 آلاف عام.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!