كوتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
نعيش في هذه الأثناء لحظات وأيام خدّاعات يحار فيها العاقل، ومن ذلك ما كتبه ايرتورال أوزتورك يحث الحكومة التركية على اتخاذ وحدات حماية الشعب الكردية حليفا لها بقوله بين ثنايا كلماته الغاضبة "إذا كان بمقدور بوتين المسيحي مد يده لنتنياهو اليهودي فكيف لا تمد الحكومة التركية يدها لوحدات حماية الشعب الكردية المسلمة؟".
تعالت وتيرة الأصوات المُنادية والمطالبة بما سبق في الأوساط السياسية والإعلامية بعد هجوم مطار أتاتورك الدولي، فالغرب وأمريكا المنافقتان اللذان ما انفكّا يسكتان ولا ينبسان ببنت شفة عند كل عمل إرهابي لحزب العمال الكردستاني رأيناهما وقد انفتحا بكل فيهما يندبون الهجوم الإرهابي بعد أن تبين لهما أن المنفذين هم عناصر مرتبطون بتنظيم داعش، فأين كانت هذه التنديدات والتصريحات والصوت الشجي عندما كان حزب العمال الكردستاني من يقوم بالأعمال الإرهابية؟ وبأي منطق يطالبون تركيا باتخاذ وحدات حماية الشعب الكردي المرتبطة بحزب العمال الكردستاني الإرهابي حليفا لها؟ أيحاولون تجميل صورة وحدات حماية الشعب الكردي بإظهار اسلامهم وربط العمليات الإرهابية فقط بداعش، أم ماذا؟
إذا وافقت تركيا على فكرة التحالف مع وحدات حماية الشعب الكدري فلا بد حينها أن يكون ذلك من علامات الساعة الكبرى، فمن أين تأتيهم مثل هذه الأفكار المنحرفة الجهنّمية؟ وكيف لصحيفة يسارية شعارها القومي "تركيا للأتراك" أن تقبل وتطالب بمشروع يعارض مبداها القومي العنصري؟ أم أن يد العم سام طائلة في هذا التحرك وتديرها أمريكا حيثما تريد، فتدور كما أرادت واشنطن! كل الشعارات الرنانة والبراقة التي تصف قوميّتهم ما هي إلا حبر على ورق يختفي عند حضور المشروع الأمريكي، وإلا فكيف نفسر دعم صحيفة يسارية ممثلة لرؤية اليسار السياسية وهي تطالب بتقديم الأصوات في انتخابات 7 حزيران/ يونيو لحزب العمال الكردستاني!
وكما سجلنا ذلك الموقف نعود ونسجل من جديد عودة تلك العقلية المريضة بالتسويق للتنظيم الإرهابي الذي ما انفك يقتل من أبناء شعبنا دونما تفريق، أم هل يريدون خداعنا بأن يلتفوا على مباحثات السلام وينجزوا ما لم ينجزوه في السابق بأن يأتونا من الباب الخلفي بعدما فشلوا في ذلك عندما جاؤوا من الباب الأمامي؟ لا لن يستطيعوا ذلك، فنحن خبرناهم وعلمنا حقيقتهم عندما جرّبناهم سابقا، فحزب العمال الكردستاني لا يزيد اليوم عن كونه تنظيمًا إرهابيًا لا يمت للعملية السلمية بأي صلة.
في السابق كانت الحكومة تتعامل مع حزب الاتحاد الديمقراطي كطرف رشيد في الساحة السورية ودعمته في كوباني، لكن بعد أن كُشفت الحقيقة ورأت أنقرة ما وراء تلك الأقنعة التي كانت تمثل مسرحية داعش وكوباني، علمت يقينا أن داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي ما هي إلا أطراف في لعبة قذرة لا تهدف إلا للمس بالسيادة التركية، وعلى إثر تلك التطورات لم يرضَ الرئيس أردوغان كل التمثيل الأمريكي والأوروبي، ووقف بثبات ضد الدعم الأمريكي لحزب الاتحاد الديمقراطي. فمنذ ذلك اليوم وحقيقة وحدات حماية الشعب الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي واضحة لا لُبس فيها عند الحكومة التركية، وبالتالي فإن أي أحلام وردية رومنسية شاذة بتحالف تركيا مع أولئك الإرهابيين لن تعدوا عن كونها أحلام، ولن يتحقق مبتغاهم إلا بحكومة انقلاب أو حكومة يترأسها الحزب الجمهوري، وهذه الخيارات السياسية ليست واردة في الفترة الحالية ولا في المستقبل السياسي القريب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس