رسول طوصون – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
المتحدثون باللغة العربية في الإعلام التركي محدودي العدد ولهذا ومنذ اللحظات الاولى لمحاولة الانقلاب واجهنا طلب كبير من وسائل الإعلام الناشرة باللغة العربية من جميع أنحاء العالم.
فلم تتوقف محطات التلفزة والراديو وغيرها من وسائل الإعلام ممن سمعنا باسمها وما لم نسمع عن الاتصال طلبا لمعلومات بخصوص محاولة الانقلاب.
لم أستطع الإجابة على ذلك الكم الهائل من الاتصالات ولكن يمكنني القول إن وسائل الإعلام العربية قد سقطت ورسبت في الوقوف ضد الانقلاب بعكس وسائل الإعلام التركية التي رسمت صورة مشرفة بوقوفها في وجه الانقلابيين ونجحت في ذلك.
فبأستثناء قناة الجزيرة الاخبارية التي اتخذت موقفا ضد محاولة الانقلاب لم نشهد ولم نرى من أي مؤسسة إعلامية عربية أخرى موقف معارض للانقلاب.
حتى أن وسائل الإعلام العالمية والمتحدثة باللغة العربية أمثال سي أن أن (CNN) وبي بي سي (BBC) والتابعة في الغالب للدول الغربية كانت تتصل والأمل يحذوها بنجاح الانقلاب وترغب في سماع ما يؤكد لها أمانيها، وتصيبها خيبة الأمل وعدم الرضا عندما نؤكد لها فشل الانقلاب.
موقف الإعلام هذا يعكس موقف الشعوب والدول ووجهات نظرها. ولو قلنا إن الإعلام العربي لا يتمتع بالديمقراطية وإنه يخضع لمقص الرقيب وبالتالي لا يمكنه اتخاذ موقف ضد محاولة الانقلاب عكس موقف الحكومات الخاضع لها فما الحجة التي يمكن أن نسوقها لتبرير موقف الإعلام الغربي ومن ضمنه الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي حرية الإعلام وديمقراطية التعبير... لقد سقط الإعلام الغربي كذلك في الامتحان. حتى أن الإعلام الغربي بطريقة عرضه للأخبار والمتحدثين الذين استضافهم حاول أن يثبت بطريقة أو بأخرى أن الحكومة التركية والنظام في تركيا يستحق ما يجري وأن محاولة الانقلاب نتيجة طبيعية لتصرفات الدولة التركية وحاولوا التبرير للانقلابيين.
زد على ذلك ان بعض ضيوف ومتحدثي المؤسسات الاعلامية الغربية خرج علينا بتفسيرات غريبة تتحدث عن ان اردوغان هو من نسق وخطط للانقلاب حتى ان المذيعين والمحاورين حاولوا ان يقنعونا بذلك.
الجميع يعلم ان النظرة الغرب لتركيا منذ البداية غير طبيعية ويشوبها الحول. فلو كانت الادارة التركية تابعة لهم وخاضعة لأوامرهم وتسير حسب الخطوط التي رسموها لكانوا هبوا للدفاع عنها وتبنوها لكنهم لن يرضوا بالتاكيد عن الادارة التركية الحالية التي تعمل بما فيه مصلحة الشعب التركي وتتخذ من مصالح الامة التركية هدفا لها وتعمل على تحقيقها، كما أن التوجهات الدينية للحكومة التركية الحالية تزيد من حنق الغرب وعدم رضاه. ولذلك وفي سبيل تقويض الإدارة التركية الحالية نجد من دول الغرب من يدعم التنظيمات الإرهابية بطريقة غير شرعية ويعمل على الحفاظ على اتصالته معها ويمد يد العون لها للتضيق على الحكومة التركية بين الفينة والأخرى.
أتوقع أن أحدا لم تسهو له عين طوال اليومين السابقين، فالكل يتابع الأحداث على القنوات التلفزيونية. أرجو منكم مراجعة الموقف الغربي بعد التأكيد على حدوث محاولة للانقلاب في البلاد؛ هل رأيتم أيًا من الدول الغربية خرجت وأعلنت رسميا إدانتها لمحاولة الانقلاب مباشرة بعد تسرب الأخبار؟ بالطبع لا... فالدول الغربية انتظرت إلى النهاية لتتأكد من مجريات الأحداث ولرؤية النتيجة وعندما تم الإعلان عن إفشال محاولة الانقلاب خرجت تباعا لتعلن عن إدانتها لمحاولة الانقلاب وعن دعمها للحكومة الديمقراطية الحالية.
حتى الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الحليفة! انتظرت عشر ساعات لتعلن عن وقوفها بجانب الحكومة الشرعية الحالية، ورغم ذلك ما زالت تحتفظ برأس الافعى في عقر دارها وتحمي قائد الانقلاب بشكل يؤكد على قيمة الصداقة والتحالف مع تركيا عندها. وذات الشيء ينسحب على باقي الدول الغربية التي لا تعدو الصداقة عندها أكثر من كلام.
إن السبب وراء انتظارهم لذلك الوقت وإعلانهم متاخرا عن موقفهم هو انتظارهم لنتيجة محاولة الانقلاب والتصرف حسب تلك النتيجة، فلو نجح الانقلابيين في مساعيهم لا شك أن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية كان سيحتضن الانقلابيين ويتبناهم كما احتضن الانقلابيين في مصر سابقا.
وزير الخارجية التركية ووزير الاتحاد الأوروبي كانا قد تحدثا هاتفيا مع نظرائهما في الدول الغربية المختلفة، الوزراء الغربيين كانوا قد أكدوا على رفضهم للانقلاب ودعمهم للحكومة الشرعية في البلاد لكن أيًا منهم لم يخرج على وسائل الإعلام ليعلن عن موقفه صراحة ولم يدين أي منهم محاولة الانقلاب رسميا.
إن صديق هؤلاء الغربيين هو مصالحهم ومصالحهم فقط. إنهم الاصدقاء المزيفين والديمقراطية ذات الوجهين. إن سبب تأخر مؤسسات المجتمع المدني المعارضة في تركيا في الإعلان عن موقفها لا يختلف عن سبب تأخر الغرب فكلاهما انتظر النتيجة ليسير وفقها.
الغرب هو صديق مزيف يحاول أن يبطئ تقدم تركيا. هذا الصديق المزيف أظهر وجهه الخفي مرة اخرى. فالألعوبة المسماة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم يقدم بيان صحفي ناهيك عن بيان إدانة وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الحالة المتردية وعدم الفاعلية وحالة الفراغ الداخلي التي وصل لها، وما الاعتراض المصري إلا حجة واهية لتبرير موقف مجلس الأمن.
بمن نثق؟
بالطبع نثق في الله بداية ثم بأنفسنا وشعبنا.
هذا الشعب طيب الطينة والسريرة. فالملايين الذين ملؤوا الشوارع والميادين يستحقون الوثوق بهم.
لقد شاركت أول أمس في الوقفة الاعتصامية في ميدان التقسيم وتجولت بين الجماهير... المشاهد التي رأيتها ملأت عيني بالدموع... زرت كذلك الجماهير المتظاهرة في جادة الوطن في منطقة فاتح، حيث الجماهير التي يملؤها الحب وعشق الوطن تلوح بالإعلام التركية وتساند الحكومة الشرعية وتقف خلف الديمقراطية وتمقت الانقلاب وتلعنه.
التكبيرات والصلوات التي تملأ الميادين والشوارع كانت اللغة المشتركة لكل الجماهير... الحمد لله...
ما دام على رأس هذا الشعب قائد شجاع مثل أردوغان وما دام شعبنا المعطاء صامدا خلف هذا القائد يسانده بقوة فلن تستطيع لا الخطة (أ) ولا الخطة (ب) من التأثير فينا أو إضعافنا. أما الأصدقاء المزيفين ذوي الوجهين والمتلونيين حسب الظروف فلن ينالهم سوى سواد الوجوه وستبقى وصمات العار على جباههم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس