سعادت أوروتش - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

الموصل هي محور اهتمام العالم في الوقت الراهن. لحسن الحظ تتوفر سجلات الأخبار. ولحسن الحظ نحن نتحدث عن الماضي القريب فقط. بالعودة إلى المقالات التي كتبت بعد "اجتياح" داعش للموصل، المدينة الغنية بالنفط في صيف عام 2014، يمكن أن تعثر بسهولة على مقالات تصف الاجتياح "حتى دون وقوع حادث مروري".

سلم رئيس الوزراء العراقي في ذلك الوقت، نور المالكي، المدنية لداعش دون أي مقاومة.

وحاليا يمكننا أن نرى سلسلة من التصريحات المتصاعدة الصادرة من بغداد عن العملية القادمة لتحرير الموصل من داعش. أصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وغيره من الفصائل السياسية العراقية بتصريحات تحذر أنقرة بالبقاء بعيدا عن الصورة عملية تحرير الموصل.

حتى هذا التاريخ كان أكراد العراق فضلا عن الحكومة المركزية في في بغداد قد طلبا من تركيا تقديم الدعم لمواجهة داعش وغيرها من التهديدات.

طلب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من أنقرة المساعدة في تطهير بلاده من التهديدات الإرهابية ومن اجتياح داعش. لكن في الآونة الأخيرة بدأ العبادي ينكر الحقيقة الواضحة بأن معسكر بعشيقة الذي توفر فيه تركيا التدريب للعراقيين، قد تأسس بناء على طلب بغداد. وبطبيعة الحال ينبغي لنا أن نفترض أن رئيس الوزراء العراقي قد أُبلغ عن معسكر بعشيقة،وأن ما قاله لم يكن مقصودا . ما قاله العبادي كان نتيجة نقص في المعلومات.

ومع تَكَوُّن انطباع بأن "أحدا قد ضغط على الزر" بدأ المسؤولون العراقيون يدلون بتصريحات بهدف تصعيد التوتر مع تركيا. ومن الواضح أن العبادي قد أدلى بهذه التصريخات بعد ضغطة ممن يمكلون زر السيطرة عليه.

اتحد مقتدى الصدر ونور المالكي وبعض الشخصيات العراقية معا في جبهة مشتركة ضد تركيا. لم يتمكنوا من تشكيل جبهة مشتركة لإنقاذ بلادهم من أن تتحول إلى ملعب للقوى العالمية. شكلوا جبهة مشتركة لم تتمكن من إحباط سيطرة داعش على بلادهم.

ينبغي التأكيد على أن تركيا كانت بالفعل في الصورة لاعبا رئيسا في الموصل، وأنه لا يمكن استبعادهها بالتصريحات. وبتدريبها مجموعات مختلفة من العراقيين، بمن في ذلك البيشمركة، فإن تركيا موجودة في الصورة كمحدد للعبة.

اكتمل المستويان الأولان من عملية الموصل التي خطط لها أن تتكون من ثلاثة مراحل. ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة النهائية قريبا جدا في غضون بضعة أيام أو أسابيع، وهي المرحلة التي تشمل القوات البرية.

تتوقع تركيا أن تؤخذ حساسياتها في الحسبان. إن احتمال مشاركة حزب العمال الكردستاني في عملية تحرير الموصل، والتهديد بعمليات التغيير الديموجرافي والعرقي في الموصل هي خطوط حمراء بالنسبة لأنقرة. لا ينبغي لأحد أن يفترض أن أنقرة ستتجاهل التطورات التاريخية في جوارها، في الموصل وكركوك والاستعصاء السياسي في المدن الغنية بالنفط.

الاستقلالية بوصفها مزية نفيسة لرجل الدولة

إن مقطع الفيديو الذي يظهر فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهو يتجاهل العبادي بينما يحاول الأخير هو ومترجمه أن يتختلسا لحظة لحديث مع أوباما خلال قمة الدول الصناعية السبع في ألمانيا عام 2015 ، قد سُجل في التاريخ الدبلوماسي بوصفه إحدى لحظات التاريخ إثارة.

أعتقدُ أن شهرة العبادي في الدبلوماسية العالمية هي من قبيل شئ يحسده عليه اليوم رؤساء الدول والحكومات.

دعونا ننحي جانبا تحليل مقطع الفيديو المضحك، ولنتحدث عن الواقع.

أوباما في الواقع يحب العبادي، ولم يسبق أن اندلعت مشكلة واحدة في العلاقة بينهما. لم يشعر الرئيس الأمريكي قد بالخجل وهو يشرك رئيس الورزاء العراقي في آرائه عن العراق، والعكس بالعكس في محادثات من القلب للقلب.

أعتذر عن قول الحقيقة، ولكن السيد العبادي لم يكن ناضجا بما يكفي، فاحتفظ بعادته في الحديث عن سر شخص آخر. اعتراض العبادي الأخير على مشاركة تركيا في عملية الموصل ضد داعش هو دليل شديد الوضوح على ردود أفعاله الصبيانية، ويكشف مرة أخرى أنه أخذ النصيحة من آخرين.

لا يملك رئيس الوزراء العراقي خطة حقيقية للعراق، وسيواصل، ويا للأسف، في التشاور مع أصدقائه في الغرب حول مستقبل الشعب العراقي.

وأخيرا، ينبغي للعبادي أن يفكر في مستقبل منصبه، وفي مصداقيته قبل إصدار تصريحات متلاعبة. ينبغي للعابدي ألا ينسى أن من ضغطوا على زره يمكنهم بسهولة أن يطردوه خارج اللعبة. الاستقلالية بوصفها مزية هي أكثر نفاسة في منطقتنا في الوقت الحاضر.

عن الكاتب

سعادت أوروتش

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس