ترك برس
على الرغم من تقديمه نفسه على أنه معلم مواد اجتماعية للمرحلتين الابتدائية والاعدادية، يُشير كل من يعرف المعلم "يحيي كامجي" إلى أنه معلم "السلام والمصالحة" لما لعبه من دور كبير في حل عدد كبير من القضايا والمشاكل بين أهالي مدينة ديار بكر، لا سيما تلك المتعلقة بالثأر والدم.
تحتفل الجمهورية التركية بيوم المعلم في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، وقد تناول الصحفي لدى موقع الجزيرة ترك عبد القادر كونوك سفار في تقريره "معلم السلام" قصة واقعية تصور الدور التربوي والتعليمي والاجتماعي لإحدى معلمي ديار بكر يحيى كامجي.
يعمل المعلم كامجي في مدينة ديار بكر كمدرس للمواد الاجتماعية منذ 17 عامًا، ويُعرف في محيطه على أنه رجل قيادي ذو مكانة اجتماعية مرموقة يقدرها الكبير ويحترمها الصغير.
كامجي مثال نموذجي للمعلم الذي يعي أن دوره لا يقتصر فقط داخل جدران المدرسة بل يمتد ليشمل مساحات واسعة من الحياة الاجتماعية، مضيفًا أن كامجي سجل بصماته الشخصية على المشاريع الاجتماعية من خلال تجميعه عام 2012 150 ألف غطاء زجاجة بلاستيكية للمساهمة في صناعة عدد من المقاعد المتحركة لذوي الاحتياجات الخاصة، وفي عام 2014 عمل على تجميع ألفي لتر من الزيت المستخدم، وفي عام 2015 عمل على تجميع 250 كيلوغرام من البطاريات المستخدمة وإرسالها إلى معامل إعادة التدوير للمساهمة في الحفاظ على البيئة نظيفة.
وتقديرًا لجهوده الاجتماعية تم اختيار كامجي "معلم العام" من قبل اتحاد منظمات المجتمع المدني الفاعلة في مدينة ديار بكر، وتُعتبر المشاريع التي قام بها كامجي بسيطة بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، فالنشاط الاجتماعي الحقيقي الذي نال كامجي على إثره جائزة "أفضل معلم لعام 2016" هو دوره في نشر السلام والمصالحة بين سكان المدينة.
الجزيرة ترك: صورة لكامجي مع طلابه أثناء قيامهم بمشروع تجميع أغطية الزجاجات الفارغة
يقول كامجي: "إن بداياتي كانت عام 2003، حين زرت الشخصية الاجتماعية المشهورة في مدينة ديار بكر "سعيد شانلي" في ديوانه، وبينما كان يحاول الإصلاح بين عائلتين تجمعهما قضية ثأر، طلبت منه الإذن للتحدث ومنحني الفرصة، فتمكنت من إقناع الطرفين بالتصالح، الأمر الذي أثار إعجاب السيد سعيد بي، ليعرض فيما بعد عليّ الاستمرار في هذا المشوار الذي فيه الخير الكثير".
وتابع مبينًا أنه قبل بالعمل بعد إصرار السيد سعيد الذي أكّد له أن المُعلم أكبر واجهة اجتماعية تُحترم داخل المجتمع، ولكن الُمعلمين عادةً ما يحصرون أنفسهم داخل جدران المدرسة، ونتيجة لاقتناعه بقول سعيد قرر القيام بذلك العمل الخيري.
الجزيرة ترك: صورة لعائلتين تقسمان على القرآن بعدم التعرض لبعضها البعض من جديد
وأضاف كامجي أن أمر التصالح يتم من خلال مقابلة العائلتين كل على حدا، وبعد الاستماع لمطالب الطرفين، نحاول تقريبها لأقصى حد، وإذا تم التصالح نذبح الذبائح ونجبر العائلات المتصالحة للقسم على القرآن لعدم العودة إلى التناحر مرة أخرى، مشيرًا إلى أن حجم السكينة التي تصيبه بعد مصالحة الأطراف المتنازعة لا توصف.
وذكر كامجي أنه سعى حتى الآن في حل ما يقارب 170 ألف عائلة، موضحًا أن التجربة التعليمية والتربوية أضافت إليه خبرة مهمة في فهم الناس ومطالبهم بسهولة، وهنا يكمن سر نجاحه في إتمام مشاريع المصالحة.
ووفقاً لكامجي، فإن اللاعب دور المصالح بين الناس يجب أن يتحلى بالحساسية الشديدة والصبر، ولا شك في أنه يجب أن يبتعد عن الانحياز لطرف ما، فإن انحيازه يظهر عاجلًا أم آجلًا ويفسد المصالحة التي يُراد منها الخير ولا شيء غيره.
وفي ختام حديثه، يؤكد كامجي على نيته في مواصلة هذا العمل حتى مماته، معبرًا عن أمله في أن يلعب دورًا كبيرًا في إحلال السلام في جميع أنحاء مدينة دياربكر التي تقاسي الأزمات منذ فترة طويلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!