جلال سلمي - خاص ترك برس
التقى وزراء خارجية ودفاع روسيا وإيران وتركيا في موسكو بهدف صياغة ما بات يُعرف "بإعلان موسكو" الرامي لتحديد خارطة طريق تساهم في إنهاء الأزمة السورية حسبما أوضحت وزارة الدفاع الروسية.
لقد أظهر الطرفان التركي والروسي رغبتهما المتبادلة في تسريع عملية إيجاد تسوية أو حل وسط للأزمة السورية من خلال عدد من العوامل لعل أهمها:
1ـ اتفاق حلب الذي تم بينهما فقط مستثنيًا إيران والولايات المتحدة اللتين تبديان طموحهما في كسب الوقت لتحقيق التقدم الميداني الذي يعزز أوراقهما أثناء التفاوض الكامل حول الأزمة، فإيران حاولت تكرارًا ومرارًا نكث اتفاق حلب، والولايات المتحدة ماضية، عبر قوات "قسد"، في تحقيق المزيد من التقدم الميداني من خلال عملية "غضب الفرات".
2ـ تهميش روسيا لحادثة اغتيال سفيرها على يد موظف أمن في أنقرة.
3ـ ابداء المرونة في الاتفاق حول "إعلان موسكو"، حيث عمد الطرفان إلى الموافقة على إشراك إيران للإعلان دون شروط، وأجلا بعض الخلافات التفصيلية، كتعريف المنظمات الإرهابية الفاعلة في سوريا على سبيل المثال، إلى جلسات أخرى، وعزما على إعلان موسكو الذي يُتوقع أن يفضي إلى اتفاق عسكري تكون تركيا وروسيا وإيران الضامن له.
على ما يبدو تحاول روسيا تحقيق اتفاقات إقليمية خالية من التعقيدات عبر التعاون مع العناصر الإقليمية الأكثر فاعلية في المنطقة، وبعد إحراز هذه الاتفاقات تنوي نقلها إلى مظلة الأمم المتحدة لإكسابها روح الشرعية الدولية من خلال الأمم المتحدة أو مؤتمر دولي خاص بسوريا، وعلى الأرجح سيكون هذا المؤتمر إما مؤتمر أستانة أو المؤتمر الذي سيتم برعاية دي مستورا في الثامن من شباط/ فبراير، حيث قد يتضمن الولايات المتحدة التي ستكون أمام قوة إقليمية قوية متوافقة على عدد من النقاط، الأمر الذي يرغمها على الموافقة على بعض النقاط التي لا تخدم رؤيتها بل رؤية هذه الدول.
وتحمل تصريحات وزراء الخارجية التي أكّدت بشكل مشترك على ضرورة إقصاء جبهة النصرة وداعش و"منظمات إرهابية أخرى" عن الساحة السورية، بأن هناك عددًا من فصائل المعارضة قد تقع في شباك تعريف "الإرهاب".
ختامًا يبدو أن تركيا وروسيا أدركتا مدى التكاليف الباهظة التي تعود عليهما من الأزمة السورية المستمرة لخمس سنوات دون حسم نهائي، والمراوغة الأمريكية في مماطلة الاتجاه نحو الحل حتى تسيطر قوات سوريا الديمقراطية ـ الذراع الأمريكية في سوريا ـ على مساحات أوسع، وحتى تستنزف القوى المعارضة والقوات الروسية والسورية وحتى التركية قواها العسكرية وتضطر لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات ـ سياسة أمريكية تقليدية، وقد دفعهما ذلك إلى النظر في إمكانيات تحقيق تحالفات عسكرية نجح أحدها في قضاء تركيا على "داعش" حتى قرية الباب، وآخر عندما تم إجلاء المسلحين من حلب، وإيقانًا لصناع القرار الروس والأتراك أن التحالف العسكري والمشاورات الدبلوماسية لا يمكن أن تتم دون إشراك إيران تم دعوتها والتوصل إلى إعلان "وثيقة موسكو" التي ستكون على الأرجح حجر الأساس في إنهاء الأزمة السورية، لا سيما بعد إعلان الطرفين التوصل إلى اتفاق لهدنة شاملة تبدأ اليوم، الأربعاء، وبالتالي ابتعاد تركيا عن دور الداعم للثورة السورية والاتجاه نحو لعب "دور الوسيط الدبلوماسي" بينها وبين روسيا مارةً بذلك من "منعطف تحولي" يلمح إلى أن الداعمين والحاضنين الأكبرين لأطراف الأزمة السورية ـ روسيا وتركيا ـ اختارا طريق التسوية، لذلك فإنهما ماضون صوب إجراءات إنهاء الأزمة محاولين تخطي كافة العقبات التي أبرزها العقبة الإيرانية والأمريكية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس