عبدالله عيسى السلامة - خاص ترك برس
أمريكا اخترعت فلسفة الفوضى الخلاّقة ، وأدخلت ، في دوّامتها ، عدداً من الدول العربية، وتسعى إلى إدخال المزيد . والنتائج الباهرة ، ظاهرة للعيان ، براها الناس ، صباحَ مساءَ : دمّرت البلدان ، وسحقت الشعوب ، بين قتل وتشريد .. وأحالت الدول ، إلى دول فاشلة ، تهدّم فيها كل شيء ، من : مبان ، ومؤسّسات ، وأنظمة ، وقوانين ، ومبادئ ، وقيَم ، وأخلاق .. لتصنع لنفسها (أيْ : أمريكا) ، مناخاً خلاّقاً : سياسياً ، وعسكرياً ، وأمنياً ، واقتصاديا ..!
فهل يسعى قادة أوروبّا، إلى إدخال دوَلهم ، بأيديهم، في دوّامة فوضى خلاقة ، من نوع آخر، بدافع حقدهم على تركيا.. ويؤجّجون نار الصراع العرقي، أو الديني ، بين شعوبهم ، وبين تركيا، من جهة.. وبين مكوّنات شعوبهم ، داخل بلدانهم ، من جهة أخرى.. لأسباب، تختلط فيها الأهواء: الشخصية، والحزبية ، والعرقية.. والأحقاد التاريخية ، والهواجس المستقبلية.. ويدمّرون دولهم ، بالفعل ، وردّ الفعل .. داخلياً وخارجياً !؟ ولمصلحة مَن !؟
لقد ظلّ قادة أوروبّا العقلاء، سنين طويلة، يحرصون، على إطفاء المشاعر العنصرية، في بلدانهم، كلّما أجّجها سلوك بعض الحمقى ، المتطرّفين العنصريين.. ضدّ المسلمين، فيستمرّ التعايش ، بين مكوّنات شعوبهم ، ويستمرّ الهدوء والاستقرار..!
اليوم .. يحمل القادة ، في أوروبّا ، رايات التأجيج العنصري، ويسابقون الحمقى ، من أبناء دولهم ، في التطرّف العنصري ، ضدّ الإسلام والمسلمين ، عامّة ، وضدّ تركيا ، خاصّة !
فما النتائج المتوقعة !؟
نقلت الفضائبات، من سنين عدة ، صورة لرجال شرطة أمريكان بيض، يضربون أمريكياً أسود، في ولاية كاليفورنيا.. فاندلعت فوضى عارمة ، عجزت الولاية، عن إطفاء نارها، حتى استعانت بالجيش الفيدرالي! وتكرّر الضرب، في فترة أخرى، فتكرّرت الاضطرابات.. وما أخمِدت ، إلاّ بشقّ الأنفس !
فما بدائل أوروبّا ، اليوم – القادة خاصّة - في التعامل ، مع الأحقاد المضطرمة ، في بعض دولها ، ضدّ تركيا المسلمة ، وضدّ المسلمين !؟
-عودة الحكّام، إلى رشدهم ، والسعي الجادّ، إلى إطفاء جذوة المشاعر العنصرية، لدى شعوبهم.. وهذا هو الخيار الأسلم ، لأوروبّا قاطبة ، ولكل دولة من دولها ! وهذا يعني الوقوف، في منتصف الطريق الخطر، بين الإرادتين المتضادّتين ، الذي لاتؤدّي نهايته ، إلاّ إلى كارثة ، لأحد الفريقين ، أو لهما ، معاً ! نقول هذا الكلام ، لأن العمل السياسي ، إذا انتقل إلى العبث بمشاعر الشعوب ، وتحريضها : طائفياً ، أو عرقياً.. يصعب ضبطه، ويصبح فوضى مدمّرة ، تعجز الحكومات التي أثارتها ، عن السيطرة عليها !
-الاستمرار، في مشاركتهم لشعوبهم ، في تأجيج الأحقاد العنصرية ، ضدّ تركيا، وضدّ الإسلام والمسلمين.. وهذا البديل ، يُدخل أوروبّا، في نفق مظلم ،لا تستطيع الخروج منه، حتى تدمّر نفسها ، ذاتياً ، بالفوضى والاضطرابات !
ذلك ؛ أن الشعوب الأوروبية ، اليوم ، ليست نسيجاً واحداً: عرقياً، أو دينياً، أو مذهبياً! ففيها فئات ، كثيرة وكبيرة ، ليست نصرانية ، وليست من الأعراق الأوروبية .. وهي تحمل جنسيات الدول ، التي تقيم فيها، والتي ولِد فيها أبناؤها! والمسلمون ، فيها، يُعدّون بالملايين.. ولا يشعرون بأنهم غرباء عنها؛ بل هم شركاء، في سائر مناحي الحياة فيها، والكثيرون منهم ، يتعاطفون ، مع قضايا دولهم الأصلية، مثل تركيا وغيرها.. ومستعدّون، لبذل العالي والنفيس ، للدفاع عن دينهم ، وأنفسهم ، وآهليهم ، ضدّ كل حماقة !
فماذا يفعل قادة أوروبّا ، والحال هذه !؟
هل يقتلعون ملايين المواطنين ، المسلمين الأوروبّيين ، من مدنهم ، التي ولدوا ، ونشأوا فيها، ويهجّرونهم ، إلى دول أخرى .. أو يقتلون بعضهم ، ويزجّون ببعضهم في السجون، بقوانين عرفية، أو بإجراءات نازية.. دون أن يدافع هؤلاء الضحايا، عن أنفسهم وأسرهم ، وممتلكاتهم .. ولو عبر الشغب ، والاضطرابات الدامية ! ( ولبعض دول أوروبّا ، تجارب مريرة ، في مواجهة أنواع من الشغب العنيف، في مسائل ، هي أقلّ شأناً، من الصراع الديني ، أو العرقي! ومن أبرزها: ماجرى في فرنسا، قبل سنوات قليلة، على سبيل المثال)!
هل يتركون الصراع العنصري ، يتأجّج ويتفاعل ، بين عنصريّي دولهم ، وبين مواطنيهم من الملل الأخرى ، في بلدانهم .. بين الفعل وردّ الفعل ، حتى تدخل البلدان ، في دوّامة فوضى عارمة ، تأكل الأخضر واليابس!؟
هل يشاركون ، في تأجيج هذا الصراع ، عبر مؤسّسات دوَلهم : الأمنية والقضائية .. ويصدرون قوانين عنصرية ، ضدّ المسلمين ، وغيرهم ، فيزيدوا الفوضى تأجيجاً ، داخل بلدانهم ، كما يستنفرون- بحماقاتهم - مشاعر العداء ، ضدّهم ، لدى المسلمين ، في أنحاء العالم ، ولاسيّما في تركيا ! فتتعمّق الهوّة ، بين الشعوب !؟
هل يسعون، إلى تشكيل جيوش صليبية جديدة، ليشنّوا بها، حروباً صليبية جديدة– اقتداءً بجدّهم بطرس الناسلك - وهذا شبه محال ، لديهم ، لِما تعيشه دول العالم وشعوبه ، من اختلاط، أوتمازج ، لم يكن معروفاً ، أيّام الحروب الصليبية القديمة ! وحتى لو استطاعوا تشكيل مثل هذه الجيوش الصليبية، فهل يستطيعون اقتحام دولة، مثل تركيا، دون نشوب حرب ضارية ، في عدد من دول العالم ، ودون أن تدمَّر دولهم ، داخلياً!؟
هل يبادرون ، إلى حصار تركيا، اقتصادياً.. فيحاصروا دولهم المتهالكة، قبل حصارها!؟
هل يمارسون نوعاً ، من محاولات بث الرعب ، ضدّ تركيا ، التي ملأت صدورهم رعباً، بنهضتها القويّة السريعة.. فيحوّلوا مافي صدورهم من رعب ، إلى رعب إعلامي أحمق، يحاولون أن يقذفوه ، في وجوه الأتراك، الذين تجاوزوا مرحلة تلقي الرعب، إلى مرحلة قذفه، في صدور أعدائهم ؛ بإنجازاتهم العظيمة، وسياساتهم الحكيمة ، وقوانينهم الرشيدة!؟
(أمّا تحريك العملاء، داخل تركيا، من المحسوبين على الشعب التركي.. فهو مستمرّ، من سنين، ولن ينتهي ؛ مادام أحفاد ابن سَلول ، مزروعين في أنحاء تركيا، يتآمرون مع الأعداء، ضدّ وطنهم، وأبنائه، وعقيدته.. ولكل شعب /ابنُ سَلوله/ ، الخاصّ به ! فشخصية الأمير سعد الدين كوبيك، كما يجسّدها مسلسل/قيامة أرطغرل/هي، من بعض وجوهها، شبيهة، بشخصية ابن أبَيّ بن سَلول، المنافق ، في العهد النبويّ! لكن الله بالمرصاد، لهؤلاء وأسيادهم.. وقد أحبط مكرهم في الماضي، وسيحبطه حاضراً ومستقبلاً، بإذنه تعالى) !
فماذا يختارون: التهدئة العقلانية، التي تحفظ دولهم وغيرها!؟ أم الحماقة ، التي تحرق دولهم وشعوبهم، قبل أن تصل نارها، إلى غيرهم.. وهم يرقصون، ولا يتناهَون عن منكَر فعلوه !؟
السؤال مطروح عليهم ، وهم المطالَبون ، بالإجابة عليه !
وإذا كانوا قد أسمَوا الدولة العثمانية، ذات يوم: رجلَ أوروبّا المريض، وانبعث الرجل المريض بعد قرن من الزمان ، عملاقاً، يحمل قيمَه السامية، ليغمر بها العالم، وفي مقدّمته أوروبّا، ذاتها..فأفضل تسمية لأمّهم القارّة العجوز،اليوم، هي:عجوز العالم الخرفة! فهل فيها دولة، يمكن أن تنبعث ، من جديد ، تحمل للعالم ، قيَماً سامية نبيلة ، بعد أن دَمّرت، هي ذاتها، كل قيمة نبيلة، فيها، مما تحتاجه البشرية: اليوم، وغداً، وفي القرون الآتية !؟
وهل يملكون: همْ, وأمّهم العجوز..إجابة، على السؤال المطروح، آنفاً ، أم أتلفَ الخَرَفُ والحقدُ ألبابَهم ، جميعاً !؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس