عبدالله عيسى السلامة - خاص ترك برس
إذا كانت الطبيعة لا تعرف الفراغ، فسياسة اليوم، مثلها، لا تعرف الفراغ! وأيّ فراغ، ليس فيه قوّة، تملؤه وتحميه، يسمّى: فراغ قوّة، ويشكّل – بالضرورة - مطمحًا للأقوياء، من حوله! يَسبق إليه بعضُهم، أو يتنافس عليه متنافسون؛ فيكون، مع سكّانه، ضحايا، للقوى المتنافسة!
فهل تركيا محاطة، بفراغ قوّة حولها، يتنافس عليه الآخرون؛ فيشكّل نقطة خطر، على أمنها، وعلى سيادتها، وعلى اقتصادها!؟ ومعلوم عنها، في سياستها الراهنة، أنها لا تحرص، على ملء فراغ القوّة، في الدول المحيطة بها.. بيدَ أنها، تدافع عن أمنها، إذا هدّده تنافس الآخرين، على ملء الفراغ، المحيط بها!
فإذا كان ما حول تركيا، اليوم، ليس فراغ قوّة، فحسب، بل معه، في ضمنه، حزامُ نار.. وإذا كانت تركيا مهدّدة، بالأمرين، معًا: (فراغ القوّة، وحزام النار) ومطلوب منها، أن تحمي أمنها، من مطامح الآخرين، الساعين إلى: ملء الفراغ، واستغلال الفوضى، التي يحدثها حزام النار، وتأجيج النار، في داخل هذه الفوضى.. وتحسّ، في الوقت، ذاته، بواجبها، تجاه جيرانها، من منطلقات: إنسانية، وخلقية، وسياسية..
فماذا عليها أن تفعل، تجاه هؤلاء الجيران، الذين يشكّلون عبئًا عليها، من نواح عدّة، بل، يشكّلون تهديدًا: لأمنها، واقتصادها، وحياة شعبها!؟
والجواب، هنا، ببساطة، هو: أن ما على تركيا، أن تفعله، قد فعلته، وما تزال..!
لكن السؤال الكبير، هو: ما الذي يجب، أن بفعله، هؤلاء البائسون، المجرّدون من القوّة، والغارقون في دوّامة النار والدم والدمار!؟
الجواب، هنا، ليس بالوضوح، ذاته، بل، يحتاج إلى بعض التفصيل:
أكثر الحكومات، التي تدّعي السيادة، على فراغ القوّة، في بلدانها.. لا قوّة لديها؛ وبالتالي، فهي عاجزة، عن حماية أوطانها ومواطنيها، من أطماع الطامعين! وفي الوقت، ذاته، تتشدّق، بالسيادة الوطنية؛ لتحافظ على كراسي حكمها، مستعينة – على ذلك- ببعض القوى الكبرى، المتنافسة على أوطانها!
الشعوب حائرة: بين الخوف من حكّامها، والخوف من القوى الطامعة ببلادها، والتي تكنّ لها عداوات، قديمة وحديثة.. وتهدّدها بويلات بشعة، إذا سيطرت على بلادها! – وهذا كله ظاهر للعيان، يمارَس صباحَ مساء، وعلى مرأى العالم كله -!
فماذا يبقى، ممّا يمكن، أن تعوّل عليه تركيا، من دول: حزام النار، وفراغ القوّة!؟
النخب والأفراد
النخب، موزّعة الولاءات، مختلفة المشارب: بعضها مرتبط بحكّامه، وبعضها مرتبط بقوى خارجية - من تلك التي تطمع بالهيمنة، على أوطانها- وبعضها معاد لتركيا، ومبادئها، وسياساتها!
النخب الواعية المخلصة: وهي قليلة، مطالَبة بالكثير، لتقدمّه، لحماية أنفسها، وأوطانها، وشعوبها.. عبر التنسيق، مع تركيا: الحامية الحقيقية لها، والحريصة الحقيقية، على أمنها وأمن أوطانها!
ولا تعجز، أيّ من هذه النخب، الواعية المخلصة.. عن تقديم شيء، لأنفسها، وشعوبها، وأوطانها!
والأفراد، الفاقدون لكل شيء، من ضروريات حياتهم، المهدّدون بشتى المصائب والويلات، يستطيع الكثيرون منهم، أن يقدّموا لأنفسهم، أشياء، قد تغيب عن بعضهم، وقد يعرفها بعضهم! وقد يحقق فرد واحد، ما يعجز عنه مئات الرجال، إذا أحسن اختيار هدفه!
وقد ورد في الأثر- وبعضهم يورده، على أنه حديث نبويّ، حسن السند-:
"كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الْإِسْلَامِ، اللَّهَ اللَّهَ لَا يُؤْتَى الْإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِكَ"
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس