رسول طوسون – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
قرأنا أخبارًا عن استخدام بارزاني ورقة المذهب، وأن الدولة التي سيؤسسها في الشمال ستكون دولة سنية، ولهذا فإنه يعمل على الحصول على دعم التركمان والعرب. ونعلم أن الأكراد ينتمون للمذهب السني، لكننا ندرك أيضًا أن ادعاء بارزاني اعتزامه تأسيس دولة سنية هو مجرد خدعة.
لأن العالم بأسره يعلم أن بارزاني ينظر إلى القضية من منطلق إثني، وليس من وجهة نظر دينية أو مذهبية. وأؤكد أنه يخطئ في لجوئه لاستخدام ورقة المذهب السني في سبيل إقناع من يعارضون الاستفتاء. بل إن استخدامه الورقة المذكورة سيلحق الضرر بالسنة أنفسهم.
إذا نظرنا للمسألة من الناحية المذهبية السنية الشيعية، ولا أعتبرها نظرة صائبة، فإن انفصال الشمال عن المركز سيكون لصالح الشيعة وليس السنة.
فنحن نعلم أن إيران تتبع سياسة تمدد عبر المذهب الشيعي في المنطقة، وأن هذه السياسة تحظى بدعم الولايات المتحدة. بل إن وجود تنظيم داعش يرجع إلى السياسة المذكورة.
ونعلم أيضًا أن أساس الكذبة القائلة إن غالبية سكان العراق من الشيعة يكمن في فصل الشمال عن البلد، ففي حال عدم احتساب الشمال ترتفع نسبة الشيعة في العراق فوق 60 في المئة. لكن لأن الإقليم جزء من العراق فإن هذه النسبة تنعكس وتصبح نسبة السنة أعلى من 60 في المئة.
انفصال الإقليم الكردي يعني جعل السنة أقلية في العراق. وفي هذه الحالة فإن الرابح هو الشيعة وليس السنة كما يدعي بارزاني.
ولنذكّر في هذا السياق أن ممارسات حكومة بغداد تجاه السنة لا تختلف كثيرًا عن نظيرتها الميانمارية إزاء المسلمين. وربما تكون هذه الحجة الأكثر منطقية لإثبات أن الإقليم الكردي على حق في خلافه مع بغداد.
فبغداد لا تطبق الدستور الذي وضعته بنفسها، ولا تراعي حقوق الإنسان ولا تحترم الحريات. لكن أيًّا من ذلك لا يشكل ذريعة للانفصال.
الحكومة المركزية لا سلطة لها في الشمال من ناحية حقوق الإنسان والحريات، ولا يمكنها التدخل في شؤون الإقليم الداخلية لأن العراق دولة فدرالية. حتى وإن أرادت التدخل الوضع الراهن لا يتيح لها الفرصة.
تبقى بعض الأخطاء والانتهاكات الدستورية لبغداد منها مسألة عدم منحها الإقليم نسبته البالغة 17 في المئة من عائدات النفط، وعدم إجرائها الاستفتاءات اللازمة في المناطق المتنازع عليها ككركوك. وهذه الأخطاء والانتهاكات يمكن حلها على طاولة المفاوضات.
لا يوافق أي بلد من جوار الإقليم ولا أي منظمة دولية على استتفتاء الانفصال. ومن دون رقابة دولية تصبح مشروعية الاستفتاء مثار جدل.
لنفرض أن الإقليم أجرى الاستفتاء وأعلن الانفصال، كم من الزمن يمكن لبارزاني أن يصمد في حال أعلنت دول الجوار مقاطعته وأغلقت أجواءها في وجهه؟ إسرائيل لا يمكنها أن تنقذه!
ما يجب على بارزاني فعله هو إرغام بغداد على تصحيح أخطائها، وإذا كان أمر السنة يهمه حقًّا فعليه ممارسة ضغوط على بغداد وجعلها تعدل قانون الانتخابات. ليصبح القانون على أساس التمثيل المتساوي لا المذهب.
لأن القانون لا ينص على توزيع عادل للنواب بحسب عدد السكان. فعلى الرغم من أن أغلبية سكان العراق من السنة، إلا أن الأكثرية في البرلمان هي للشيعة. فعلى بارزاني المطالبة بتطبيق الدستور حرفيًّا، وسيحظى عندها بدعم دول الجوار.
باختصار، الصواب هو ترك بارزاني اللعب بورقة المذهب وما شابهها، والتفكير بمصالح شعبه وشعوب المنطقة، واتخاذه موقفًا يدافع عن وحدة العراق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس