أحمد عبد الرحمن - خاص ترك برس
تتميز تركيا بطبيعتها الخلابة وتنوعها النباتي والحيواني، الذي يعود بالدرجة الأولى إلى تنوع المناخ في جغرافيتها المترامية الأطراف، ففي الشرق لا تكاد الثلوج تذوب حتى تهطل مرة أخرى، وفي الوسط والجنوب يسود مناخ جاف وبارد أغلب فترات السنة، وشمالاً يطالعنا مناخ رطب وبارد لا يفارقه المطر إلا نادراً، أما في الغرب فيسود جو رطب ودافئ يمكن فيه السباحة في البحر حتى وقت متأخر من الخريف.
المهتم بأمور الكائنات الحية ومتابعتها ودراستها يجد في تركيا تجربة غنية لا تنتهي.
تبدأ قصتنا من ولاية كهرمان مرعش في منطقة أندرن مع شخص اسمه علي بالي وهو مدرس للفنون البصرية ولديه هواية مراقبة الفراشات وتصويرها، وأثناء عمله في مراقبة الفراشات في نطاق جبال طوروس الممتدة لمنطقة أندرن والذي استغرق سبعة أشهر اكتشف نوعاً جديداً منها، وهي فراشة من جنس اسمه باللاتينية polymmatus وبالتركية اسمه çokgözlü (كثير الأعين).
بعد أن لاحظ اختلافها عن باقي أنواع جنسها، قام السيد علي بالي بتصويرها وإرسالها إلى العالم الفرنسي " فريدريك كاربونيل"، والذي بدوره تأكد أنها نوع جديد من فراشة "polymmatus"، يختلف في مواصفاته عن الأنواع المعروفة، وذلك بعد أن تفحصها جيداً، فقام بتسجيلها في نشرة الجمعية الحشرية في متحف التاريخ الطبيعي في فرنسا باسم علي بالي، وهكذا اعتمد اسم النوع الجديد "polymmatus ali balii" رسمياً. وطبعاً بذلك يكون قد اعتمد عالمياً.
لم يكتف السيد علي بالي بأن يمارس التصوير الفوتوغرافي كهواية فقط، وإنما أراد أن يقوم به بإحساس الفنان أولاً وأن يكون لعمله قيمة علمية ثانياً، فاكتشافه لهذا النوع الجديد لم يأتي بدون قصد منه. فقد صرح أنه درس دليل الفراشات في تركيا للعالم "أحمد بايتاشن" كما تصفح بتمعن مواقع عالمية مختصة بأنواع الفراشات على شبكة الإنترنت، حتى أصبح خبيراً بأنواعها، وبعد عمل دؤوب نجح في تسجيل اسمه كمكتشف في المحافل العلمية، وبالنتيجة فقد وضع اسم تركيا أيضاً كموطن أصلي لذلك النوع من الفراشات، وهو أمر وإن بدا غير مهم للبعض إلا أنّه في غاية الأهمية في الحقيقة، فقد دار منذ فترة جدل كبير بين بلدين بخصوص أحقية كل منهما في كونه منشأً لنوع من أنواع الطعام، فما بالكم إن كان الحديث يدور حول موضوع علمي .
كم هو جميل أن تمارس عملك ذو القيمة الجمالية بطريقة علمية وتحقق بذلك فائدة مزدوجة روحية و عملية، لا بل وتسجل اسمك واسم بلدك على مستوى العالم.
الأجمل من ذلك أن يتأسى الفنانون بالسيد علي بالي وأمثاله في تحسين نمط عملهم وإنتاجهم بما يحقق الفائدة للجميع ولنتذكر المثل التركي القائل "قطرات الماء تكون بحيرة"، أوكما يقول العرب "طريق الألف ميل يبدأ بخطوة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!