ترك برس
رأى الكاتب والباحث السوري المعروف "صبحي حديدي، أن انقلاب مناوشات "إدلب" إلى معركة شاملة، قد يطلق معركة الساحل الكبرى التي تتخوّف جميع الأطراف، المحلية والإقليمية والدولية، من اندلاعها في الشروط الراهنة.
جاء ذلك في مقال تحليلي نشرته صحيفة القدس العربي، تطرق فيه إلى الهجمات التي يشنها تحالف روسيا وإيران والنظام السوري منذ أواخر تشرين الأول /أكتوبر الماضي يشنّ، لاستعادة السيطرة على مطار أبو الظهور العسكري، شرق محافظة إدلب.
واعتبر الباحث السوري أن هذه الهجمات تسعى أيضًا إلى دفع "هيئة تحرير الشام"(هتش)، إلى الانسحاب نحو أطراف مدينة إدلب، وإخلاء عشرات القرى جنوب المحافظة.
وقال الحديدي إن هدف التحالف اللاحق هو إطباق الحصار على المدينة ذاتها، التي تكدس فيها أصلاً آلاف المقاتلين والجهاديين الإسلامين ممّن انسحبوا من مناطق مختلفة في الداخل السوري، أو تمّ إخلاؤهم بموجب اتفاقيات مع النظام وحلفائه.
لكنّ هذا المخطط لم يصمد تماماً على الأرض، بل أظهر عدداً من العيوب والثغرات الكفيلة بعرقلة تنفيذه، أو حتى بانقلابه إلى هزيمة مريرة للمهاجمين، بحسب الكاتب.
وأشار الحديدي إلى وجود ثلاثة اعتبارات رئيسية، بين أخرى ليست محدودة الأثر أيضاً، تحول دون المضيّ أبعد في تنفيذ المخطط على النحو الذي يقتضيه المنطق، في حسابات التحالف الثلاثي على الأقلّ.
وأضاف: الاعتبار الأوّل هو إعادة انبثاق "الجيش السوري الحرّ" كقوّة ذات أثر حاسم، وفعالية ميدانية عالية، كفيلة بتغيير المعادلات على الأرض؛ وذلك إذا نجحت بعض كتائب هذا الجيش في تشكيل غرفة عمليات مشتركة مع بعض الفصائل الإسلامية خارج نطاق (هتش)، (أحرار الشام) على سبيل المثال الأبرز، في جبهة محافظة حماه والمناطق المتاخمة لمحافظة إدلب.
ولقد حدث هذا بالفعل خلال الأيام الأخيرة، وسارعت الغرفة الموحدة إلى شنّ هجوم مضاد أعطى نتائج مذهلة، فانسحب التحالف الثلاثي من قرى أساسية كان قد طرد (هتش) منها، وتكبد خسائر فادحة في الأرواح، ووقع عدد من عناصره أسرى، وتمّ اغتنام أسلحة مختلفة.
الاعتبار الثاني يخصّ تركيا في هذه المعادلة، وما إذا كانت أنقرة ستقف مكتوفة الأيدي أمام تعرّض نفوذها في محافظة إدلب إلى الانحسار أو التآكل التدريجي بسبب نجاحات التحالف الثلاثي.
المؤشرات حتى الساعة تفيد بتحرّك تركي مزدوج: على الصعيد الدبلوماسي، من خلال إبلاغ روسيا وإيران رفض تركيا لعمليات التوغل والقصف في المحافظة، وخرق اتفاق خفض التصعيد فيها؛ وعسكرياً، من خلال تنشيط عملية (درع الفرات)، وتوسيع انتشار وحداتها، والتضييق على مجموعات (الحماية الشعبية) الكردية، فضلاً عن تقارير تتحدث عن تزويد بعض فصائل المعارضة المسلحة بأسلحة نوعية.
الاعتبار الثالث هو حقيقة أنّ التحالف الثلاثي لا يريد لمناوشات إدلب أن تنقلب إلى معركة شاملة، أو ليس في المدى القريب والمنظور؛ لأنّ تطوراً كهذا قد يطلق معركة الساحل الكبرى التي تتخوّف جميع الأطراف، المحلية والإقليمية والدولية، من اندلاعها في الشروط الراهنة.
ذلك لأنّ عشرات الآلاف من مقاتلي (هتش) سوف يضطرون إلى ـ أو يصبح من مصلحتهم، أو لن يتبقى أمامهم سوى خيار ـ الاستدارة نحو عمق الساحل، وخوض قتال ميداني مصغّر على مستوى القرية أو البلدة، واستخدام سلاح المدفعية وصواريخ الـ(غراد)، فضلاً عن عمليات التوغل والاستهداف الخاصة.
وضمن هذا الاعتبار، لا تصحّ الاستهانة بالهجمات التي تعرضت لها القاعدة الجوية الروسية في حميميم مؤخراً؛ سواء تلك التي نُفّذت بمدفعية الهاون، عن طريق التوغّل إلى مسافات قريبة من القاعدة بما يكفي لتحقيق الإصابات؛ أو عن طريق طائرات مسيرة، بدا أنها حملت موادّ متفجرة لا يستهان بها، واعتمدت تكنولوجيا توجيه ليست بدائية تماماً.
ولهذا فإنّ وزارة الدفاع الروسية تنظر بجدّية إلى هذه الواقعة، خاصة وأنّ الطائرات انطلقت من مناطق سورية تسيطر عليها فصائل مقرّبة من أنقرة.
وهكذا فإنّ جبهة إدلب قد تبقى في إطار الكرّ والفرّ، حتى تتضح التفاهمات التركية ـ الروسية ـ الإيرانية، ثمّ الأمريكية في الخلفية أيضاً؛ حول ما إذا كانت شواظ معركة الساحل ستندلع… في أيّ وقت قريب.
وتشكل محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات المحاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه في مباحثات أستانا في مايو/أيار الماضي برعاية روسيا وإيران وتركيا.
وقد شهدت المحافظة تصعيدا عسكريا من قبل قوات النظام منذ أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أدى إلى سيطرة قوات النظام على عشرات القرى وتهجير نحو 13 ألف عائلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!