ترك برس
تعددت الآراء في الآونة الأخيرة حول الوجهات والمدن التي تشكل أولوية بالنسبة للعمليات العسكرية التركية في الشمال السوري، إلا أن النتائج كانت واحدة نوعاً ما، وهي الإصرار التركي على الاستمرار في العمليات إلى ما بعد عفرين، وتطهير كامل حدودها السورية ممن تصفهم بالإرهابيين، وصولاً إلى الحدود العراقية، كما صرح بذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وفي هذا الإطار، ناقش تقرير نشرته صحيفة "عربي 21"، مدن شمالي سوريا التي تشكل أهمية في وجهة تركيا القادمة، خاصة في ظل تصريح أردوغان الذي أكّد أنّ عمليّة "غصن الزّيتون" لن تتوقف عند عفرين، بالقول: "اليوم نحن في عفرين وغدا سنكون في منبج، وبعد غدٍ سنطهّر شرقي الفرات حتى الحدود مع العراق من الإرهابيين".
وترى الصحيفة أن هناك اعتبارات كثيرة تتحكم بالقرار التّركي، وأوّلها الأمن القومي لتركيا، وتعد مدينتا "تل أبيض" و"منبج" أبرز مدينتين ترنو لهما عيون الأتراك، وسبق لأردوغان أن قال: "سنجعل كلاً من إدلب، وتل رفعت، ومنبج، وعين العرب، وتل أبيض، ورأس العين، وقامشلي آمنة وسنساعد جميع السوريين على العودة إلى مناطقهم".
وتفوق مدينة تل أبيض مدينة منبج أهميّة للجانب التّركي وفق كثير من المتابعين، ويقول نائب ما يُعرف برئيس الرقة الثوري محمد حجازي إن "تل أبيض أهم، لأنّها منطقة حدوديّة محاذية لتركيّا بطول 90 كم كما تقدّر مساحة المدينة بـ 10 كم مربع أي بحجم دولة صغيرة، والأهم من ذلك امتداد حدودها الإداريّة إلى عين العرب غربا ورأس العين شرقا حيث الثّقل الكردي."
ورغم تلك الأهميّة تتصدّر مدينة منبج ذات الغالبيّة العربيّة السّاحقة المشهد الإعلامي.
بدوره، عزا مصطفى حاج عبد الله رئيس ما يُعرف بالمجلس الثّوري السّابق لمنبج السورية، أهمية المدينة لثلاثة أسباب وهي: "الاتفاق التّركي الأمريكي الذي ينصّ على سحب قسد قواتها لغرب الفرات، والغالبية السّاحقة للمكوّن العربي، ووجود قبر السّلطان سليمان شاه".
وفي هذا الصّدد يؤكّد الباحث في الشّأن التّركي مصطفى زهران أنّ "حسابات التّحركات التّركيّة خاضعة للتقييمات الدّاخليّة والخارجيّة بمعنى المصلحة العامّة ما بعد عفرين تتطلب التّنسيق الإقليمي وتراعي السّياق العام الدّولي".
وبما أنّ الهدف التّركي طرد تنظيمات إرهابية مثل "ب ي د/ي ب ك" من كل الشّمال السّوري وصولا للعراق "الشّريط الحدودي" فإنّ الاعتبار العسكري يجعل تل أبيض أكثر أهميّة لأنّه ينهي مشروع الفيدرالية الكردية نهائيا، حيث قال محمد حجازي إن "دخول تل أبيض يدمّر حلم الفيدراليّة نهائيا، ومهما يكن فالمعركة مستمرّة حتّى حدود العراق، لكنّ هذا الخيار الأهم يبدو الأصعب مقارنة مع خيار منبج الأسهل".
ويرى النّاشط الحقوقي أنور الخضر، أنّ المقوّمات الواقعيّة التي تسهّل مهمّة تركيا في تل أبيض كثيرة منها: "وقوع المدينة على الشّريط الحدودي وبالتالي خضوعها لاتفاقيّة أضنة 1998م التي تسمح للأتراك في ملحقها الرابع حقّ ملاحقة الإرهابيين داخل الأراضي السوريّة".
وثانيا، بحسب الخضر، فإن "وجود غالبية عربيّة تزيد عن 90 بالمئة، وحالة التّذمّر والسّخط لدى الأهالي من ممارسات حزب الاتحاد الديمقراطي حيث هجّر وجرف قرًى عربيّة وشنّ حملاتٍ للتجنيد الإجباري".
ولفت إلى أن "وضع منبج أفضل من تل أبيض بالنسبة للسكان المحليين حيث لم تجرِ عمليات التّهجير التي جرت في تل أبيض، ولم تتدخل قسد في السّياسة التّعليميّة بالقدر الذي تدخَّل فيه تنظيم ب ي د في تل أبيض، كما يتخوّف أهالي منبج من ردّة فعل التنظيم المذكور وقيامه بتسليم المدينة للنظام السّوري".
بدوره، استبعد الباحث في الشأن التّركي مصطفى زهران، فتح معركة تل أبيض قريبا ولاسيّما بعد إعلان الانتخابات المبكرة، قائلا إن "معركة تل أبيض بعيدة عن التّقديرات التّركيّة ولن تكون سريعة وخاصّةً بعد الانتخابات التي أُعلن عنها والتي تجعل معدل العمليّة العسكريّة بطيئا".
هذا وكان الجيش التركي أطلق مع فصائل الجيش السوري الحر عملية "غصن الزيتون" العسكرية يوم 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وتمكنا من طرد تنظيم "ب ي د/ي ب ك" المدعوم أمريكاً، من عفرين يوم 18 مارس/آذار الماضي، وهددت تركيا بمهاجمة منبج إذا لم ينسحب منها التنظيم المذكور، حيث يوجد قاعدة عسكرية أميركية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!