
ترك برس
تناول مقال تحليلي للكاتب والخبير الاقتصادي التركي إيردال تانس قاراغول، قضية هجرة العقول التركية المؤهلة وسبل معالجتها، حيث يستعرض تقريرًا صادرًا عن معهد العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية بجامعة أنقرة يلدرم بيازيد.
ويقدم التقرير توصيات لوقف نزيف الكفاءات وجذب العقول المهاجرة، تشمل إنشاء نظام رصد شامل لهجرة الكفاءات، وتحسين البيئة الأكاديمية والبحثية، ورفع المستوى المعيشي للأكاديميين، والانتقال من نظام تعليمي تقليدي إلى نموذج بحثي مبتكر.
كما يؤكد الكاتب في مقاله بصحيفة يني شفق على ضرورة تطوير آليات التعاون مع الكفاءات في الخارج، وتهيئة الظروف المناسبة لضمان استقرار العائدين، بما في ذلك تحسين الحقوق الوظيفية وتوفير الحوافز المادية والمعنوية.
وفيما يلي نص المقال:
تلعب الكفاءات البشرية المؤهلة دورًا محوريًا في تنمية تركيا وتقدمها. لذا فإن مسألة عودة الأدمغة المهاجرة إلى الوطن وتعزيز الهجرة الفكرية نحو البلاد تُعدّ من القضايا المهمة التي ينبغي إيلاؤها اهتمامًا خاصًا.
وفي هذا السياق، نشر معهد العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية (ULİSA) التابع لجامعة أنقرة يلدرم بيازيد، تحت إشراف البروفيسور الدكتور إبراهيم دمير، تقريرًا مهمًا بعنوان "تحليل احتمالات عودة الكفاءات العلمية التركية في المهجر وفرص التعاون المهني مع تركيا".
وقد خلصت هذه الدراسة إلى جملة من التوصيات الجوهرية للحدّ من هجرة العقول، وضمان عودة الكفاءات إلى البلاد، وزيادة معدل عودة الأدمغة المهاجرة إليها.
ما الذي ينبغي فعله لمنع هجرة العقول؟
من الضروري إنشاء نظام محاسبي شامل يُعنى بحركة الكفاءات البشرية المؤهلة وهجرة العقول، تشارك فيه المؤسسات المعنية مثل رئاسة شؤون الأتراك في الخارج والمجتمعات ذوي القربى (YTB)، ومجلس التعليم العالي (YÖK)، ومؤسسة الأبحاث العلمية والتكنولوجية التركية (TÜBİTAK)، ووزارة التربية والتعليم (MEB).
كما يجب توفير بيئة اقتصادية واجتماعية وثقافية لمنع هجرة العقول المؤهلة من تركيا، وذلك عبر منح رواتب منافسة، وتطبيق معايير الكفاءة، وضمان الاستقلالية الأكاديمية، واعتماد معايير شفافة وعادلة في التوظيف والترقية.
تتحمل الدولة تكلفة باهظة للحصول على شهادة جامعية، من مرحلة الميلاد وحتى التخرج من الجامعة. لذا، يجب دراسة ما إذا كانت تركيا تحقق عائدًا كافيًا على هذا الاستثمار على المدى الطويل، عند فقدان هذه الكفاءات بسبب الهجرة، ثم وضع سياسات مناسبة بناءً على هذه المعطيات.
وينبغي التحول من النظام الحالي القائم على التدريس المكثفالذي يحول التعليم العالي في تركيا إلى مرحلة ثانوية، إلى نموذج يركز على البحث العلمي.
والأهم من ذلك هو ضرورة توفير بيئة أكاديمية وبحثية تتسم ببنية تحتية مادية وثقافية مماثلة لتلك المتاحة في الدول التي تجتذب الكفاءات التركية.
وبالنظر إلى أن تركيا تسير بخطى متسارعة نحو التحول إلى مجتمع رفاهي، فإن وضع سياسات فاعلة ومؤثرة للحد من هجرة العقول يُعدّ أمرًا حتميًا.
وبما أن عودة الأدمغة المهاجرة إلى البلاد تتطلب وقتًا أطول وتنطوي على تحديات معقدة، فمن الضروري، على الصعيد الاستراتيجي، تأسيس وتعزيز آليات تُسهم في زيادة عودة العقول المهاجرة، وتعزز التفاعل والانخراط العلمي مع الكفاءات في الخارج.
ما الذي ينبغي فعله لضمان استقرار الكفاءات العائدة إلى البلاد؟
يجب إنشاء بنية تحتية وآليات تدعم البحث والتطوير، لضمان توفير بيئة ملائمة للكفاءات البشرية المؤهلة العائدة إلى الوطن.
ونظرًا إلى أن العديد من العلماء يتمتعون بمستويات دخل مرتفعة في الخارج، فمن الضروري تحسين الحقوق الوظيفية للأكاديميين في تركيا. إلى جانب توفير محفزات إضافية، كمضاعفات مرتفعة للرواتب مقابل مساهماتهم الفكرية المتقدمة، سواء في تطوير حلول مبتكرة أو في تعزيز التعاون بين الجامعات والصناعة ضمن إطار خطط التنمية الوطنية.
كما ينبغي منح الأكاديميين العائدين حقوقًا مماثلة لتلك التي يتمتع بها الأعضاء الدائمون في مجالس الجامعات، بغض النظر عن مناصبهم، وذلك لضمان الاستفادة من مساهماتهم الفاعلة والمؤثرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!