ترك برس
انتقد الكاتب والمحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، الحملة التي شنتها بلدية "أسنيورت" في محافظة إسطنبول، قبل أيام، لإزالة اللافتات والإعلانات المكتوبة باللغة العربية من محلات يملك معظمها اللاجئون السوريون.
وقالت البلدية إن تلك اللافتات تخالف المعايير التي حددها معهد المعايير التركي، في حملة أثارت ضجة كبيرة، سواء داخل تركيا أو خارجها، وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض لهذا القرار، فيما استغل أعداء تركيا المتربصون الفرصة للتحريض ضد الشعب التركي والإساءة إليه، بحسب ياشا.
المؤيدون لهذه الخطوة المثيرة يقولون إن البلدية لم تفعل سوى تطبيق النظام، الذي يشترط أن تكون 75 في المئة من الكلمات والعبارات الموجودة على اللافتات والإعلانات باللغة التركية.
كما يشيرون إلى أن البلدية من واجبها تطبيق النظام، والحفاظ على البيئة، وعدم السماح بتلويث اللافتات العشوائية مناظر الشوارع والأزقة.
وأضاف الكاتب التركي في مقال نشره موقع "عربي21"، إن الأنظمة والقوانين ليست مقدسة، ولا بوحي منزَّل، بل يمكن تعديلها مراعاة للمتغيرات أو تطبيقها بمرونة نظرا للظروف الراهنة، كما تفعل بلديات أخرى في إسطنبول ومدن تركية عديدة يعيش فيها عدد كبير من اللاجئين السوريين. ولا داعي للتستر وراء النظام لتبرير خطوة خاطئة.
بيان البلدية يشير إلى أنها سبق أن حذرت أصحاب المحلات ودعتهم إلى تغيير اللافتات والإعلانات المخالفة للنظام، مؤكدا أن معظم هؤلاء غيَّروا اللافتات والإعلانات لتتوافق مع المعايير المطلوبة. ويقول أيضا إن الحملة استهدفت فقط تلك المحلات التي لم يستجب أصحابها لدعوة البلدية.
إلا أن ذلك يؤكد من ناحية أخرى أن البلدية كان بإمكانها أن تعالج المشكلة، إن سلَّمنا جدلا بأنها مشكلة، بطريقة أكثر مرونة وحكمة تراعي ظروف أصحاب المحلات، دون أن تثير كل هذه الزوبعة وتحولها إلى عملية استعراض أمام الكاميرات.
وتابع ياشا.. تركيا اليوم ليست كتلك الدولة القديمة المنغلقة، بل هي منفتحة على العالم ويعيش فيها حاليا الملايين من مواطني الدول العربية وغيرها، بالإضافة إلى كم هائل من السياح الذين يزورونها سنويا.
ومن الطبيعي أن تخاطب لافتات بعض المحلات التجارية وإعلاناتها زبائنها بلغتهم الأم أو اللغة التي يفهمونها، سواء كانت تلك اللغة العربية أو الروسية أو الإنجليزية. كما أن ذلك يضيف إلى ثقافة البلاد ألوانا جديدة، ويزيدها تنوعا وجمالا.
بلدية أسنيورت زعمت أنها لم تستهدف اللافتات والإعلانات العربية بعينها، إلا أن اللافتات والإعلانات التي تمت إزالتها كانت كلها باللغة العربية، الأمر الذي أدَّى إلى الاعتقاد لدى المتابعين بأن البلدية تشن حملة ضد اللافتات والإعلانات العربية دون غيرها، وتمارس الازدواجية في تطبيق النظام.
ما قامت به البلدية أثار موجة استياء في صفوف المؤيدين لرئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، على الرغم من انتماء رئيس البلدية إلى حزب العدالة والتنمية. وانتقده كتاب وناشطون بتغريدات في "تويتر".
بل ونشر كاتب تركي، الثلاثاء، في صحيفة يني شفق المقربة من الحكومة التركية، مقالا أعرب فيه عن رفضه لإزالة اللافتات والإعلانات العربية دون غيرها في قضاء أسنيورت بإسطنبول.
تركيا تتعرض منذ فترة لهجمات تستهدف أمنها واستقرارها، في ظل محاولات حثيثة للإيقاع بين المواطنين الأتراك واللاجئين السوريين. وهناك من يبث العنصرية والكراهية داخل البلاد، ويحرّض الشارع التركي ضد اللاجئين السوريين لأغراض سياسية وإثارة للفتنة والبلبلة لخلط الأوراق وإحراج الحكومة.
وآخرون ينتظرون في الخارج لاستغلال أي خطأ أو حتى حدث طارئ غير مقصود ليشنوا حملة واسعة ترمي إلى تشويه سمعة تركيا ورئيسها. وكان على رئيس بلدية أسنيورت أن يدرك ما يمكن أن تؤدي إليه حملة البلدية ضد اللافتات والإعلانات العربية.
إسطنبول تتألف من 39 قضاء، منها قضاء أسنيورت. ومن الخطأ تعميم ما قامت به بلدية أسنيورت على جميع محافظة إسطنبول، أو على البلاد كلها. وأما التقارير المنشورة في وسائل إعلام عربية تحت عناوين توحي بالتعميم، مثل: "تركيا تشن حملة على اللغة العربية" أو "اللغة العربية ممنوعة في تركيا"، فتدل على جهل أصحابها، إن لم تكن محاولة تضليل خبيثة.
بلدية أسنيورت أخطأت، بل أخطأت مرتين، الأولى قيامها بالتضييق على المحلات التجارية التي يديرها اللاجئون السوريون دون أن تكون هناك حاجة ماسة لهذا التضييق، والثانية منحها للأعداء المتربصين مادة دسمة ليستغلوها في القيام بالدعاية السوداء والترويج ضد تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!