ترك برس
بعد التحسن الذي شهدته العلاقات التركية الأمريكية بعد إطلاق سراح القس الأمريكي، أندرو برونسون، توجهت الأنظار إلى قضية أخرى تمس صميم العلاقات بين البلدين، وتتعلق بالسماح لتركيا بالاستمرار في استيراد النفط الإيراني، مع بدء سريان العقوبات الأمريكية في الشهر المقبل.
ويرى مراد بيلهان، نائب رئيس المركز التركي الآسيوي للدراسات الاستراتيجية في إسطنبول، أن الولايات المتحدة لن تتوقف عن الضغط على تركيا للالتزام بالعقوبات التي ستفرض على إيران.
يستند بيلهان في هذا الرأي إلى ما وصفة بالورقة الرابحة التي تمتلكها الولايات المتحدة ضد تركيا، وتتعلق بحكم القضاء الأمريكي الذي يتهم بنك خلق التركي المملوك للدولة بانتهاك العقوبات الأمريكية السابقة ضد إيران. وقد تفرض المحكمة غرامة كبيرة على البنك وكذلك غرامات أصغر على بعض البنوك التركية لنفس السبب.
في المقابل لا يستبعد جلال الدين يافوز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أيوان سراي، احتمال أن تمنح واشنطن حلفاءها، بما في ذلك أنقرة، بعض الإعفاءات المحدودة فيما يتعلق بالعقوبات الوشيكة.
وقال يافوز لوكالة شينخوا الصينية: "إن الولايات المتحدة قد تفكر فى منح تركيا الوقت حتى إجراء الانتخابات المحلية فى تركيا في آذار/ مارس من العام القادم"، واصفا إطلاق سراح القس الأمريكي بأنه دعم لإدارة ترامب قبل انتخابات الكونغرس القادمة.
وكان بريان هوك، المبعوث الخاص لإدارة ترامب بشأن إيران أعلن في مطلع هذا الأسبوع أن واشنطن قد تكون على استعداد للنظر في احتياجات حلفائها الخاصة بينما تطالبهم بمراقبة العقوبات. كما أشار إلى أن ممثلي بعض الدول قاموا بزيارات إلى واشنطن لتقديم جانبهم من المسألة.
وتعتمد تركيا على الاستيراد لتوفير جميع احتياجاتها من الطاقة. ووفقا لبيانات هيئة سوق الطاقة التركية اشترت تركيا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري 3.077 مليون طن من النفط الخام من إيران، أي 55 بالمئة تقريبا من إجمالي وارداتها من النفط. وفي 2017، تصدرت إيران موردي النفط الخام إلى تركيا بما يعادل 11.5 مليون طن من إجمالي مشتريات أنقرة التي تقارب 26 مليون طن، يليها العراق وروسيا.
وذكرت أنقرة مرارا أنها لن تمتثل للعقوبات الأمريكية المفروضة على جارتها الشرقية، حيث من المتوقع أن يتأثر الاقتصاد التركي بشدة بالعقوبات في جميع الأحوال، فإذا امتثلت أنقرة للجزاءات، فسوف تتضرر علاقاتها مع طهران وقد تضطر إلى دفع المزيد من أجل استيراد النفط من دول أخرى. وفي حالة عدم التزام أنقرة بالعقوبات، فإنها ستواجه إجراءات عقابية أمريكية ما لم تحصل على موافقة من واشنطن.
ويرى المحلل التركي يافوز أن العقوبات الامريكية تهدف أيضا إلى توجيه ضربة للعلاقات التركية الإيرانية، بينما نقل الصحفي التركي محمد أجيت عن مصدر مطلع أن تركيا لن تتأثر سلبا بالعقوبات. ووفقا للمصدر الذي نقل عنه أجيت، فإن شركة توبراش التركية لتكرير النفط قد منحت تنازلا من واشنطن فيما يتعلق بالعقوبات.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كتب على حسابه على موقع تويتر أن إطلاق سراح برونسون موضع تقدير كبير من قبل واشنطن، وأن خطوة أنقرة ستؤدي إلى علاقات جيدة وربما كبيرة بين الولايات المتحدة وتركيا. أما وزير خارجيته مايك بومبيو فألمح خلال زيارته لأنقرة الأربعاء الماضي إلى احتمال رفع العقوبات الأمريكية عن تركيا.
لكن المحللَين التركيَين يشعران أن التحسن الواضح في العلاقات مع واشنطن لا يتعدى كونه تحسنا مؤقتا وغير عميق، حيث ما تزال هناك بعض الخلافات الكبيرة بين الحليفين.
وقال مراد بيلهان: "لا أعتقد أن المشاكل بين أنقرة وواشنطن سهلة الحل،" وقال يافوز إن "المصالح التركية الأمريكية تتصادم في عدد كبير من المجالات."
وأوضح أن الدعم العسكري الأمريكي المستمر للمليشيات الكردية في سوريا هو شوكة في الجانب التركي، حيث ترى أنقرة أن المقاتلين الأكراد جماعة إرهابية فرع لحزب العمال الكردستاني. ومن جانبها تشعر واشنطن بانزعاج من تعاون أنقرة الوثيق مع موسكو في سوريا التي مزقتها الحرب ومحاولتها شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة إس -400.
وقال بيلهان: "ما لم تغير الولايات المتحدة موقفها الراغب في السيطرة على تركيا، فلن يكون من الواقعي توقع تطبيع كامل في العلاقات".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!