ياسر عبد العزيز - تركيا بوست
في منتدى باريس للسلام والمقرر أن يُعقد في 11 نوفمبر الجاري و المزمع استمراره لثلاثة أيام سيلتقي الرئيس التركي أردوغان بنظيره الأمريكي ترامب، وهو اللقاء الأول بعد فرض العقوبات الأمريكية على التجارة التركية، والتي بلا شك أثرت على الاقتصاد التركي، وإن كانت الإدارة التركية استطاعت التعامل مع الأزمة باحترافية عالية منطلقها فهم عقلية الخصم وطريقة تفكيره، وخدمها في ذلك الظروف الإقليمية وتورط الإدارة الأمريكية في دعم أنظمه يديرها صبية، ورطت نفسها وورطتها معها، مع ذلك فإن الإدارة التركية استطاعت أن تلعب المباراة بخطة متقنة وبأوراق لعب اختارتها بعناية، فالقمة الرباعية التي عقدت في اسطنبول والتي ضمت فرنسا وألمانيا وروسيا بالإضافة إلى تركيا المضيفة بشأن سوريا، والتي استغلت فيها الإدارة التركية تشابك العلاقات بين الإدارة الأمريكية وأوروبا، كانت رسالة مهمة لواشنطن فهمها ترامب، كما أن إدارة تركيا لملف الصحفي المغدور والتي لعبة فيها بنفس هادئ معتمدة على عامل الوقت، وأعني بعامل الوقت انتخابات التجديد النصفي للكونجرس ومجلس الشيوخ وستة من حكام الولايات، والتي كان يعول عليها ترامب بشكل كبير على إنجاح المرشحين الجمهوريين، والذي يعني أمرين بنسبة له، فمن ناحية يرسخ أقدام حزبه في البرلمان مما يعني تمرير قراراته، ومن ناحية أخرى تثبيت شرعيته، وهو العرف السائد في أمريكا كقراءة لنتائج التجديد النصفي بعد ولاية الرئيس.
ولقد كان لإفراج القضاء التركي عن القس الأمريكي المتهم بالتجسس بعد انتهاء التحقيقات جزئيا وعدم ثبوت أدلة دامغة على تورطه، أثر كبير على هذه المباراة، والتي استفادت منها تركيا بشكل كبير بعد أن ألقت بالعظمة التي التهت بها الإدارة الأمريكية قبل انتخابات التجديد النصفي، وقد وضح انتشاء الإدارة الأمريكية بالإنجاز والذي تمثل في استقبال ترامب للقس بعد يوم من وصوله لأمريكا، لكن في المقابل فقد جنت تركيا الجزء الأكبر من الكعكة، ففي سبيل استرضاء أنقرة في المقابل فقد رصدت واشنطن مكافأة بالملايين لمن يرشد عن مراد كارايلان وجميل بايك وأخيرا دوران كالكان، وهم ثلاثة من كبار قادة حزب العمال الكردستاني.
مع ذلك فقد صرح السفير جيمس جيفري، الممثل الخاص للولايات المتحدة في سوريا، أن واشنطن لا ترى وحدات حماية الشعب و PKK كيان واحد كما ترى أنقرة، مضيفا أن وحدات حماية الشعب الكردية تعمل كجزء من قوات سوريا الديمقراطية في الحرب ضد تنظيم الدولة بطريقة لا تشكل تهديدًا لتركيا، وهو ما يمثل نقطة الخلاف الرئيسة بين أنقرة وواشنطن.
ولقد زاد الأمر تعقيدا تسيير الولايات المتحدة دوريات مشتركة مع مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، بعد ساعات من تنفيذ القوات الجوية التركية هجمات على مواقع الميليشيا بعد إعلان الرئيس أردوغان نيته شن عملية واسعة شرق الفرات، تسيير تلك الدوريات تعني بالتأكيد محاولة حماية أمريكا لتلك المليشيات، وهو ما يعني لدى تركيا تصميم أمريكا زرع كيان انفصالي في سوريا يكون موحيا لمثيل له في تركيا، وهو ما تريد أنقرة التخلص من شبحه بوأد الحلم في مهده، وهو أيضا ما تحاول إقناع أوروبا به، مع ظني بعدم جدوى المحاولات، إلا أن شريكا مهما في سوريا (روسيا) أصبحت مقتنعة، وهو ما يفسر اندفاع أنقرة للتنسيق مع موسكو في الشأن السوري.
إذا فملف ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية سيكون الملف الأبرز في لقاء أردوغان – ترامب المرتقب في باريس بعد أيام، لكن ما الأوراق التي سيحملها أردوغان للعب في المباراة القادمة، لا شك أن خسارة الجمهوريين المدوية في انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس ستجلس ترامب على الطاولة أقل قدرة على المراوغة، لذا فقد يبدو لي أن أردوغان سيذهب إلى باريس وفي جيبه قطعة حلوى يأخذ في مقابلها ثمن كبير وأظنه… شرق الفرات.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس