ترك برس
تباينت آراء الخبراء والمحللين بشأن طبيعة الرد التركي المحتمل على تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتدمير تركيا اقتصاديًا في حال تنفيذها عملية عسكرية ضد ميليشيات "وحدات حماية الشعب" (YPG)، الذراع السوري لتنظيم "حزب العمال الكردستاني" (PKK) المحظور.
وقال وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، إن بلاده أبلغت واشنطن بعدم خشيتها من أي تهديد، وأنه من غير الممكن للأخيرة بلوغ غاياتها عبر التهديد بـ"تدمير" اقتصاد تركيا.
كما دعا المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، ترامب إلى احترام الشراكة بين واشنطن وأنقرة.
وقال قالن عبر تويتر: "يا سيد ترامب إنه لخطأ فادح مساواة الأكراد بتنظيم بي كا كا الإرهابي، المدرج على قوائم الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية، وفرعه بسوريا YPG".
وأضاف "الإرهابيون لا يمكن أن يكونوا شركاءك وحلفاءك. تركيا تتوقع أن تحترم الولايات المتحدة شراكتنا الاستراتيجية".
القيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم والنائب السابق في البرلمان التركي، رسول توسون، قال إنه "بطبيعة الحال كون ترامب رئيس أكبر دولة في العالم فإن تصريحاته وتغريداته العشوائية تؤثر على الاقتصاد التركي حينما يستهدفها، ولكن رغم ذلك فإن الحكومة التركية عازمة مهما كلفها الثمن على القضاء على الإرهاب الذي يهدد الأمن القومي في بلادنا وكذلك وحدة الأراضي السورية".
وأكد توسون، في حديث لموقع "الجزيرة نت"، أن أنقرة لن تلجأ للتصعيد مع أميركا وستحتوي هذه الأزمة، لكنها لن تتراجع عن مواقفها ولن تركع لمثل هذه التهديدات حتى وإن كان ذلك على حساب اقتصادها.
واستنكر توجيه ترامب رسائل لتركيا عبر مواقع الإعلام الاجتماعي، واصفا تغريداته في هذا الشأن بأنها لا تليق برئيس دولة أو حتى بمختار قرية، كون خطوط التواصل المباشرة مفتوحة بين أنقرة وواشنطن.
وأضاف توسون "عدم وجود تصور لدى الرئيس ترامب لِما بعد الانسحاب من سوريا وتعرضه لضغوط من أجهزته الأمنية جعلاه يتخبط في تصريحاته، وتركيا تدرك بأن تصريحاته الأخيرة موجهة للداخل الأميركي".
وشدد على أنه سواء انسحبت القوات الأميركية أم لم تنسحب من الشمال السوري، فإن الجيش التركي سينفذ عملية عسكرية شرق الفرات وسيطهر المنطقة من العناصر الكردية الإرهابية وسيلقن الولايات المتحدة درسا لدعمها الإرهاب في مواجهة حليف قوي مثل تركيا، على حد قوله.
من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية علي باكير إن التخبط في تصريحات المسؤولين الأميركيين هو سمة بارزة في إدارة ترامب، لكن المشكلة أن مثل هذا التخبط يفقد الإدارة الأميركية مصداقيتها ويثير حالة من الإرباك والشك وعدم الثقة بها لدى حلفائها وشركائها في المنطقة.
وأضاف باكير أن "المسؤولين الأتراك يأخذون تصريحات الرئيس ترامب -رغم تناقضاتها- على محمل الجد، لأنه من المفترض بهم أن يبنوا خطوتهم التالية في سوريا استنادا إليها".
ولفت إلى أن ما يزعج الجانب التركي هو تمسك إدارة ترامب بتحالفها مع المليشيات الكردية التي تعتبر فرعا في سوريا لـحزب العمال الكردستاني، مبينا أن "واشنطن تتعمد التعميم في حديثها عن نصرة أكراد سوريا، والواقع أنها تدعم وتتحالف مع جماعات إرهابية لا تمثل الأكراد في سوريا والمنطقة".
يشار إلى أن الإعلام التركي ذكر اليوم أن 80 ألف جندي تركي في أتم الجاهزية ينتظرون إشارة من القيادة للبدء بعملية شرق الفرات ومنبج التي لوحت بها تركيا خلال الأسابيع الأخيرة. وهذا الرقم هو ضعف عدد الجنود الذين شاركوا في عملية "تحرير قبرص" عام 1974 البالغ 40 ألفا.
ولم يوضح الرئيس الأميركي في حديثه عن المنطقة الآمنة في سوريا، من الذي سينشئها أو يدفع تكاليفها، كما لم يحدد المكان الذي ستقام فيه.
وإزاء ذلك، قال رسول توسون إن أنقرة منذ البداية اقترحت فكرة المنطقة الآمنة، لكن تصريحات ترامب المفاجئة ودون توضيح أي مخطط بخصوصها، جاء لتشويش تركيا والعالم بهدف كسب الوقت من أجل تأخير أنقرة عمليتها العسكرية في منطقة شرق الفرات.
أما علي باكير فاعتبر أن تصريحات ترامب بخصوص إقامة منطقة آمنة بعمق 20 كيلومترا غير واضحة، وهل يقصد منها إنشاء الطرفين لها بشكل مشترك؟ متسائلا "ما مصير المليشيات الكردية المتحالفة مع أميركا في حال طلبت واشنطن من أنقرة إنشاء هذه المنطقة؟ وهل ستقبل أن تكون المليشيات الكردية داخلها أو خارجها؟
وأشار باكير إلى أنه ربما يكون لدى واشنطن نية حقيقية لإنشاء المنطقة الآمنة، وربما يكون الهدف إضاعة المزيد من الوقت لمنع عملية عسكرية تركية في شرق الفرات، مبينا أنه من الصعب الوقوف على أي منهما في ظل إدارة شديدة التخبط والتناقض كإدارة ترامب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!