ياسر سعد الدين - خاص ترك برس
التقرير الذي بثته قناة سي إن إن الأمريكية والذي كشف بالدلائل والبراهين عن أن السلاح الأمريكي والذي تبيعه واشنطن لحلفائها في حرب اليمن العبثية التدميرية يصل من خلال أولئك الحلفاء إلى مقاتلي القاعدة والذي تصنفهم الولايات المتحدة كإرهابيين وتتخذهم ذريعة لاحتلال المنطقة ونشر الدمار والخراب في ربوعها وكأداة للابتزاز السياسي والمالي لدول عربية وإسلامية. ردود الفعل الأمريكية الباردة اكتفت بطلب التحقيق في وصول تلك الأسلحة للقاعدة، طبيعة الردود الأمريكية الباردة والتي لا تتوافق مع خطورة الأمر تقوي مزاعم من يدعون أن تلك الأسلحة لم تصل بعلم واشنطن فحسب بل من خلال توجيهاتها وأوامرها.
ولماذا تفعل واشنطن ذلك؟؟ لإن الإرهاب "الإسلامي" استخدم وما يزال ذريعة لتحقيق مخططات أمريكية بالهيمنة والسيطرة على مقدرات المنطقة وفي حروب تغيير المفاهيم والأفكار والقيم والتي يقودها حلفاء أمريكا في المنطقة وهم من يقترف جرائم الحرب والإرهاب في اليمن ومصر وليبيا وهم من يحارب المعارضين السياسين ويمارس أسوأ أنواع التعذيب الوحشي والهمجي ويمنع المفكرين والعلماء المسجونين من العلاج وأبسط حقوقهك الإنسانية.
ما حدث في اليمن يعيد التذكير بما حدث في العراق وسوريا من ظهور مفاجئ وغامض لتنظيم داعش وحصوله من خلال مسرحية تسليم الموصل على أحدث أنواع الأسلحة الأمريكية –عدا مضادات الطائرات- وكميات كبيرة من النقد والعملات الصعبة والتي مكنته من تجنيد مئات إن لم نقل الآف المعدمين والمحبطين واليائسين من أبناء السنة وشبابه. ورغم مرور أعوام طوال على مهزلة الموصل فلم نسمع عن مسؤول أخطأ وتمت محاسبته ولا على موقف أمريكي حازم أو غاضب من وصول الأسلحة الأمريكية لأيدي "إرهابيين متوحشيين".
ومن خلال متابعتي لما ينشر في وسائل الإعلام على اختلافها وما يخرج من مراكز الدراسات والبحوث على كثرتها، أصبح عندي ما يشبه اليقين من أن هناك خطوط أمريكية حمراء تمنع محاولات تفسير الغموض والبحث عن إجابات لإسئلة حائرة عن داعش وما أحاط بظروف ظهوره المفاجئ وغيابه الكبير ثم عودته وبقوة متى ما استدعت الحاجة لتلك العودة وعن قدراته الخيالية في عبور الحدود والقارات والانتقال بقواته وقدراته إلى أفريقيا وسيناء وليبيا. هل يستطيع أحد أن يفسر منطقيا وعقلانيا كيف استطاعت داعش الحصول في عز الثورة السورية على إمكانات مادية ضخمة؟ وإذا كان ذلك كما زعموا من خلال بيع النفط فلماذا لم تستهدف آباره؟ وكيف يستطيع تنظيم التمدد بقوة ثم ينهار دون أن نعرف أو نتعرف أو يقبض على واحد من قياداته وعقوله المحركة؟ ولماذا لم يتابع الإعلام -والذي يتابع كل شيء- ويتقصى عن نسبة الداعشين الغربيين والذين هم خريجوا سجون جنائية في الغرب؟ وعن عدد القادمين من روسيا من جنود قديروف والذي يعتبر أحد دمى بوتين؟
بعد أن كانت طالبان تنظيما إرهابيا في الميزان الأمريكي ويصنف من يتواصل معها أو يتعاطف كداعم للإرهاب أو حتى إرهابي تجمد أمواله وأرصدته، أصبحت طالبان في العرف الأمريكي جهة سياسية معتمدة يتم التحاور معها وعقد الاتفاقيات والصفقات. مسألة طالبان تظهر أن موضوع الإرهاب هو أداة تستخدم عند الحاجة لتجريم من تشاء واشنطن وحلفائها ومتى استدعت الحاجة لتجريمه، وشن الحروب واحتلال الدول وتهجير الشعوب السنية كما حصل في العراق وسوريا وتنفيذ تغييرات ديموغرافية تمهيدا لإعادة رسم خريطة المنطقة فيما يحقق مصالح القوى الدولية وربما نشوء إسرائيل الكبرى ولو على حساب أشلاء أطفال شعوبنا ومن خلال معاناة إنسانية رهيبة.
إن العالم الذي يتعامل مع بشار الأسد بعد كل الجرائم الإرهابية التي اقترفها، ويتعامل مع حفتر رغم ما ثبت من انتهاكات قواته الخطيرة وعبثها بالجثث، هو عالم يرعى الإرهاب ولا يحاربه. إن استخدام الإرهاب وسيلة لتحقيق مآرب سياسية هو واحد من أشد وأسوأ أنواع الإرهاب وأقذره!!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس