ترك برس
انتقدت الحكومة التركية قرار البيت الأبيض الأمريكي بشأن إنهاء استفادة تركيا من برنامج نظام الأفضليات المعمم (GSP) الذي يسهّل دخول صادراتها إلى السوق الأميركية، بدعوى "تطور اقتصادها بما يكفي".
وقالت وزيرة التجارة التركية روهصَار بيكجَان، في تصريحات صحفية، إن القانون كان يشمل 19 بالمئة من صادراتنا للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يعني مليار و700 مليون دولار.
وأضافت أنه "بعد شطب اسم تركيا سندفع ما يقارب 63 مليون دولار ضريبة"، وأن القرار سيؤثر سلبا على الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنتجين في أمريكا، أكثر من تأثيره على الصادرات التركية.
ويتيح برنامج الدعم التجاري المذكور للدول المستفيدة منه إعفاء بعض من صادراتها من الرسوم الجمركية الأميركية بشرط استيفاء هذه الدول شروطاً معيّنة من بينها مكافحة عمالة الأطفال واحترام حقوق العمال المعترف بها دولياً واحترام الملكية الفكرية وإتاحة الوصول العادل والمعقول للصادرات الأميركية إلى أسواق هذه الدول.
قال مكتب ممثل التجارة الأمريكي، في بيان، إن تركيا "متطوّرة اقتصادياً بما يكفي" لعدم اعتبارها بلداً نامياً وبالتالي فهي لم تعد مؤهّلة للاستفادة من برنامج الدعم هذا.
وأضاف البيان أنّه "على مرّ العقود الأربعة والنصف التي استفادت خلالها تركيا من وضع نظام الأفضليات المعمّم للدول النامية، نما الاقتصاد التركي وتنوّع"، حسب ما أوردت وكالة "فرانس برس".
وأوردت الرئاسة الأمريكية سلسلة "أدلّة على ارتفاع مستوى التطوّر" في الاقتصاد التركي من بينها ارتفاع معدل الدخل الفردي في تركيا وانخفاض معدل الفقر.
وكان مكتب الممثل التجاري الأمريكي قال في أغسطس/ آب الماضي إنه ينظر في مدى استحقاق تركيا المشاركة في البرنامج بعد أن فرض البلد العضو في حلف شمال الأطلسي رسوما انتقامية على السلع الأمريكية ردا على رسوم أمريكية على الصلب والألومنيوم.
وفي يونيو/ حزيران الماضي فرضت تركيا رسوما على سلع أمريكية بقيمة 1.8 مليار دولار، ردا على رسوم الألومنيوم والصلب التي فرضتها واشنطن.
وتعد تركيا واحدة من 120 بلدا يشاركون في نظام "التفضيلات المعمم". واستوردَت الولايات المتحدة ما قيمته 1.66 مليار دولار في 2017 من تركيا في إطار البرنامج، بما يشكل 17.7 بالمئة من إجمالي وارداتها من تركيا، وفقا لموقع مكتب الممثل التجاري الأمريكي على الإنترنت.
وحول دلالات القرار الأمريكي الخاص بإلغاء مزايا تجارية جمركية عن تركيا، لم يستبعد الباحث الاقتصادي أحمد مصبح وجود دوافع سياسية وراء اتخاذ القرار، خاصة في سياق الضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة على الدول من واقع هيمنتها على الاقتصاد العالمي.
وقال مصبح في حديث لصحيفة "عربي21" الإخبارية، إن القرار يأتي في سياق النهج الذي يتبعه الرئيس الأمريكي في إدارته للملف التجاري للولايات المتحدة، الذي يستند على مبدأ "أمريكا أولا"، بغض النظر عن الأبعاد السياسية ( والحرب التجارية مع الصين أكبر دليل).
وأشار مصبح إلى أن "تركيا اليوم ليست تركيا العقود السابقة على الصعيدين السياسي والاقتصادي" مضيفا: "اقتصاديا تركيا وبالرغم من الاهتزازات التي عانى منها ومازال في الأشهر الماضية، إلا أنها حققت إنجازات عديدة على صعيد التقدم الاقتصادي خصوصا في المؤشرات الأساسية التي يتم تصنيف الدول النامية على أساسها ( معدل دخل الفرد السنوي، وإجمالي الناتج المحلي، معدلات الفقر، وتطور البنية التحتية وغيرها).
واستطرد: "تركيا اليوم جاءت في المرتبة 13 عالميا في إجمالي الناتج المحلي حسب القوة الشرائية، وارتفعت فيها حصة الطبقة المتوسطة من 18 بالمئة إلى قرابة 40 بالمئة".
وعن تأثير القرار الأمريكي على الاقتصاد التركي، أكد مصبح أنه سيؤثر سلبا على الصادرات التركية خاصة التي كانت تستفيد من الإعفاءات الجمركية، مضيفا: "وسيتوقف حجم التأثير الفعلي على معرفة تفاصيل البضائع والسلع التركية التي كانت تصدر للولايات المتحدة بدون رسوم جمركية".
وتابع: "حجم الصادرات التركية للولايات المتحدة ليس بالقليل، وذلك يظهر من خلال الأرقام المتعلقة بحجم الصادرات السنوية إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي يبلغ قرابة 9 مليار دولار سنويا".
واعتبر مصبح أن القرار الأمريكي يمثل اعترافا ضمنيا بخروج تركيا من تحت الوصاية الأمريكية، وأن تركيا أصبحت قوة سياسية لم تفلح الولايات المتحدة في تطويعها والسيطرة عليها بكل السبل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!