ترك برس
أسبوع واحد فقط يفصل الناخبين في عموم تركيا عن الانتخابات المحلية، التي تعدّ الأولى منذ انتقال البلاد من النظام البرلماني إلى الرئاسي في حزيران/ يونيو من عام 2018، وتشكل أهمية كبيرة بالنسبة إلى جميع الأحزاب السياسية.
وحسب تقرير نشرته القناة التركية الرسمية (TRTعربي)، تكتسب الانتخابات البلدية التركية أهميتها من كونها فرصة للأحزاب لتحسين صورتها أمام الشعب، وسط تحالفات متنافسة في ظل التحدي السياسي إقليمياً ودولياً.
ويشارك "حزب العدالة والتنمية" و"حزب الحركة القومية" في الانتخابات ضمن "تحالف الشعب" الذي شكّلاه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية (24 يونيو/حزيران).
يدعم هذا التحالف "حزب الاتحاد الكبير" في البلديات الكبرى وفي المناطق المتفق عليها من قبل الحزبين.
في المقابل يقود "تحالف الأمة"، كل من "حزب الشعب الجمهوري" و"حزب إيي".
وعلى النقيض من هذه التحالفات العلنية حصلت "ائتلافات وبعضها سرية كتأييد أنصار حزب الشعوب الديمقراطي لمرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض"، الأمر الذي سيكون له ارتدادات سلبية، بحسب الدكتور برهان كور أوغلو، عميد كلية الدراسات العليا ورئيس قسم الفلسفة في جامعة ابن خلدون.
يقول كور أوغلو إن الانتخابات البلدية التركية تكتسب أهميتها من صلاحياتها وتعدد مجالات عملها، بالإضافة إلى كونها فرصة للأحزاب لتحسين صورتها أمام الشعب.
ويضيف كور أوغلو أن "كل عمل جيد للأحزاب في الانتخابات البلدية سيضاف إلى رصيدها أمام الشعب، وبالتالي سيؤثر على رأي الناخب في الانتخابات العامة السياسية".
وبالنسبة للمتحدّث نفسه فإن تركيا تعيش وضعاً إقليمياً ودولياً حساساً، لذلك فإن أي حزب سياسي يروم، من خلال هذه الانتخابات، تقديم موقفه وتقييمه السياسي للشعب، وذلك من خلال طرح القضايا السياسية، أكثر مما يتحدّث عن الخدمات التي أصبحت مألوفة لدى الشعب.
وأشار إلى أن أحزاب المعارضة تلجأ إلى استغلال بعض الأزمات التي مرت بها تركيا لتروج لموقفها السياسي، كما فعلت خلال الأزمة الاقتصادية التي عانت منها تركيا صيف 2018.
على عكس الخطابات التي تتبناها عادة الأحزاب في الانتخابات البلدية والتي تكون إجمالاً مركزة على الخدمات المتعلقة بالمواطن، فإن الأمر يختلف في الانتخابات الحالية إذ ترتفع نسبة الحمولة السياسية في الخطاب الحزبي.
ويحيل الباحث المتخصص في الشأن التركي الدكتور سعيد الحاج هذه الظاهرة إلى عدة عوامل، أبرزها السياقات الحادثة في تركيا داخلياً وإقليمياً، حسب (TRTعربي).
"الأزمة المالية الداخلية ومواجهة PKK في تركيا وسوريا، وغيرها الكثير من السياقات تجعل الانتخابات البلدية في تركيا تحمل معنى سياسياً معيناً، فنجد الحملات الانتخابية مليئة بالخطاب السياسي"، يقول الحاج.
ويضيف "الأمر الثاني هو أن الحالة الحزبية في تركيا قوية جداً وبالتالي من النادر أن يجد الإنسان مرشحين مستقلين، فالمرشح لا يمثل نفسه فقط في البلديات وإنما يمثل حزبه، وهذا يفسر أن كل رؤساء الأحزاب، بما فيهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يقودون الحملات الانتخابية لأحزابهم حتى في الانتخابات البلدية".
وفي الوقت الذي ترتفع فيه الحمولة السياسية في خطاب الحملات الانتخابية، فإن المفردات تختلف في توظيفها من حزب إلى آخر، فعلى سبيل المثال تحالف الشعب يركز أكثر على فكرة بقاء تركيا واستمرارها، بمعنى فكرة وجود أخطار معينة تواجه تركيا، وبالتالي تحميل المعنى الأمني في الخطاب أهمية بدرجة أعلى لاستدراج اهتمام المواطن بها. وهو ما أسماه الحاج "أمننة الخطاب" فيما يتعلق بالانتخابات البلدية.
في حين تتجه أحزاب المعارضة -بحسب الحاج- إلى تحميل الحكومة بصفة عامة والحزب الحاكم بصفة خاصة مسؤولية التحديات التي تواجهها تركيا.
إلا أن هذا الخطاب السياسي الأمني للأحزاب والمتعلق بانتخابات بلدية وخدماتية، لا يمنع كما يرى الحاج من وجود خطاب خدماتي وتحديداً من مرشحي حزب العدالة والتنمية، الذين يركزون في خطابهم على الإنجازات واستكمال المشاريع التي بدؤوا بها، في المقابل فإن مرشحي المعارضة من حزب الشعب الجمهوري وحزب إيي وغيرهما ينتقدون هذه المنجزات ويعدون بتصويبها واستبدال بعضها.
بدأت الانتخابات البلدية في تركيا تكتسب أهمية كبرى ابتداء من عام 1963، نظراً إلى الدور الذي تلعبه في تحديد الحزب الفائز في الانتخابات العامّة التالية.
يعزّز هذا الطّرحَ كونُ "الحزب الفائز في الانتخابات المحلية في مدينة إسطنبول هو الذي اعتاد على الحصول على مقاليد الحكم في البلد"، حسب الباحث المتخصص في الشأن التركي محمود الرنتيسي.
وفي دراسة صادرة عن المركز العربي في قطر، يشرح الرنتيسي أن حزب العدالة، وهو غير الحزب الحاكم الآن، فاز خلال الستينيات ببلدية إسطنبول، ليقود الانتخابات العامة التالية.
حدث ذلك أيضاً مع حزب الشعب الجمهوري في السبعينيات، وحزب الوطن الأم في الثمانينيات، وحزب الرفاه في التسعينيات، انتهاءً بحزب العدالة والتنمية الذي حافظ على اكتساحه لبلدية إسطنبول، وما يزال الحزب الحاكم منذ 17 عاماً.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!