ودات بيلغين – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
حتى لو لم تنظروا بعين الريبة إلى تعرض تركيا، وهي تتجه للانتخابات، إلى جملة من الهجمات والمشاكل، هل من الطبيعي أن تعتبروا ذلك مجرد تصادف؟
بعبارة أخرى، ليس من قبيل الصدفة بالطبع أن نشهد الصغوط الخارجية والعمليات والهجمات المباشرة وغير المباشرة المستمرة بأشكال مختلفة على تركيا من مركز النظام الغربي منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة.
البعض ممن يحملوان صفة سياسي أو دبلوماسي أو صحفي أو كاتب، ينظرون إلى العلاقات التركية الأمريكية في إطار السياسة الخارجية التقليدية للناتو، وهؤلاء يحاولون الإيماء إلى ضرورة مراجعة تركيا قرارها شراء منظومة إس-400، وإن لم يعلنوها صراحة.
كان من الممكن اعتبار هذه المحاولة تحفظًا شديدًا أو حتى جبنًا، لكن أصل المشكلة في وجهة النظر هذه هو عدم فهم الأزمة القائمة مع النظام الغربي بشكل عام، ومع الولايات المتحدة بشكل خاص.
التناقض في السياسات الأمريكية
هناك صراع مستمر بين دوائر الحكم في الولايات المتحدة وترامب، وكلما ضيق هذا الصراع على الرئيس توجه إلى سياسات تقر حتى الممارسات الإرهابية لإسرائيل بهدف الحفاظ على منصبه.
نرى أن هذا التوجه تحول إلى تقرب من إسرائيل وصل حد شرعنة احتلالها لمرتفعات الجولان وتبني ممارساتها اللا قانونية.
المشكلة في الولايات المتحدة هي أن "النخب الجديدة" لم تكتسب بعد القوة الكافية من أجل تشكيل ثقل سياسي يحقق التوازن مع دوائر الحكم.
وبالتالي فإن الولايات المتحدة سوف تواصل اتباع السياسات الإمبريالية القديمة واستخدام أدواتها في الكثير من بقاع الأرض وعلى رأسها الشرق الأوسط.
وهذا يعني استمرار الاقتتال والتحريض على الحروب الداخلية وزيادة عدم الاستقرار من خلال عمليات عبر التنظيمات الإرهابية. لم يعد هناك من يجهل أن المثال الأوضح على هذا النهج هو العميات الدامية لتنظيم "ب ي د" في سوريا والهجمات ضد تركيا.
أين نقف؟
المسألة هي أن الولايات المتحدة تواجه مأزقًا كبيرًا على الصعيد العالمي في مواجهة صعود آسيا. وتستنزف قوتها باستمرار جراء جهودها لوقف تراجعها أمام القوى الآسيوية الصاعدة وفي طليعتها الصين.
بصفتها بلد يضع في الاعتبار جميع التحركات على الصعيد الدولي، تخلت تركيا عن السياسة المرتبطة بالنظام الغربي في العلاقات الدولية بفضل اقتصادها وقوة التغير الاجتماعي فيها.
وبدأت أنقرة تتبع سياسة تركية المركز لتحتل موقعًا ذو ثقل سياسي عبر مقاربة جديدة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وكما أن تركيا لا تستطيع تجاهل حقيقة أن تهديدات التقسيم الموجهة للمنطقة، تستهدفها هي أيضًا، تدرك في الوقت نفسه أنها مستهدفة من سياسة زعزعزة الاستقرار في الشرق الأوسط.
النتيجة واضحة، المشكلة ليست إس-400 ولا باتريوت ولا إف-35. المشكلة بالنسبة للغرب هي في اتباع لتركيا سياسات مستقلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس