ترك برس
استبعد محللون سياسيون أن تدعم موسكو هجوما عسكريا شاملا تشنه قوات النظام السوري على إدلب، خشية خسارة التحالف طويل الأمل مع تركيا سواء على المستوى العسكري والاقتصادي أو على مستوى التعاون في سوريا.
ومنذ أواخر أبريل/ نيسان الماضي، تشهد محافظة إدلب وبعض الأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية المجاورة التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، غارات مكثفة ينفذها النظام وحليفته روسيا، قُتل فيها أكثر من 260 مدنيا بينهم نحو ستين طفلا، ودفع نحو 270 ألف شخص إلى النزوح، بحسب الأمم المتحدة.
وقال المحلل السياسي وخبير شؤون الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيمينوف: "إن روسيا لا تريد تدمير علاقتها مع تركيا بسبب إدلب".
وفي أواخر أبريل، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إنه لا يستبعد شن هجوم شامل "على المتشددين في محافظة إدلب السورية من جانب القوات السورية مدعومة بقوة جوية روسية"، لكنه أشار إلى أن مثل هذا الخيار لن يكون عمليا في الوقت الحالي.
ويشير المحللون إلى أن تركيا تحتاج أيضًا إلى روسيا لكبح بشار الأسد في سوريا لمنع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين والحفاظ على سلامة الجنود الأتراك على الأرض.
وقال آرون شتاين، مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية في واشنطن: "إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لديهم حافز للتعاون والتأكد من أن مصالح أي منهما لن تتعرض للخطر".
وأبرمت روسيا وتركيا اتفاقا في سبتمبر/ أيلول بإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب بشمال غرب سوريا تكون خالية من كل أنواع الأسلحة الثقيلة ومن المقاتلين المتشددين. وساهم الاتفاق في تجنب هجوم للقوات الحكومية على المنطقة التي تمثل آخر معقل رئيسي لمعارضي بشار الأسد.
وتشكو موسكو منذ إبرام الاتفاق من تصاعد العنف في المنطقة، وقالت إن متشددين ينتمون إلى هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقا" يسيطرون على أنحاء واسعة منها. وتصنف كل من الولايات المتحدة وتركيا وروسيا، هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية، على الرغم من ادعاءاتها بأنها انفصلت عن تنظيم القاعدة.
ويعتقد إمرة إرسان، أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية بجامعة مرمرة بإسطنبول، أن تركيا ربما بالغت في تقدير نفوذها على هيئة تحرير الشام. ويقول إن "خطة تركيا لتقسيم المجموعة، مع انضمام بعض أعضائها إلى قوات المعارضة المدعومة من تركيا وعزل المتشددين في الجماعة ، لم تنجح".
وتحدث أردوغان وبوتين هاتفيا الأسبوع الماضي، واتفقا على مواصلة العمل على وقف إطلاق النار لمنع مقتل المدنيين وتدفق اللاجئين. كما اتفقا على عقد اجتماع على هامش مؤتمر مجموعة العشرين الذي سيعقد الشهر المقبل في اليابان.
ولكن الباحث التركي يلفت إلى أنه لا يوجد شيء على الأرض يمكن أن يمنع وقوع كارثة في إدلب، بصرف النظر عن الحوار والتعاون بين أنقرة وموسكو.
وتعززت العلاقات التركية الروسية منذ عام 2016، ولكن علاقات تركيا مع الولايات المتحدة تشهد توترا خاصة فيما يتعلق بدعم واشنطن لتنظيم "ي ب ك" والذي يسيطر على مساحات شاسعة في شرق سوريا. وتعد تركيا هذا التنظيم امتدادا لتنظيم "بي كي كي" الإرهابي.
أما الخلاف الأبرز بين واشنطن وأنقرة فيرجع إلى "إصرار تركيا على شراء منظومة الدفاع الصوارخي الروسية إس 400 التي تعارضها وانشطن بشدة"، ويرى شتاين أن الصفقة تعد فوزا كبيرا بالنسبة إلى موسكو.
ويعتقد إرسان أن روسيا قد تسمح لتركيا بالاستيلاء على بلدة تل رفعت الشمالية من مقاتلي "ي ب ك"، وهي آخر بلدة يسيطرون عليها في غرب سوريا. ويمكن أن يساعد الدعم الروسي لتركيا في الضغط على قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وتوسيع النفوذ التركي وتعزيز موقع تركيا في المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة.
وفي مقابل ذلك، فإن تركيا يمكن أن تكون منفتحة على بعض العمليات المحدودة من قبل النظام السوري في محافظة إدلب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!