نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
لا نبالغ إذا قلنا إن شرق المتوسط سيكون إحدى المناطق التي ستشهد أكثر الصراعات تعقيدًا في قرننا الحالي. هناك الكثير من الأسباب المتداخلة التي تثير التعقيد المذكور.
أول ما يتبادر إلى الأذهان الموقع الجيوسياسي للمنطقة. فهي لا تقع جنوب شرق أوروبا فحسب، وإنما اكتسبت أهمية جديدة ومضاعفة في القرنين الماضيين مع فتح قناة السويس، بوابة الشرق الأوسط على أوروبا.
بدأت المنطقة تحتل موقعًا مركزيًّا ضمن سلسلة من المستجدات، من التجارة إلى النقل، ومن التحركات العسكرية إلى مسار كبل الألياف الضوئية ذو الأهمية القصوى لعالم الاستخبارات، ومن الهجرة إلى الإرهاب.
أما اكتشاف مصادر الغاز الطبيعي في المنطقة فخلق تأثيرًا قويًّا بالإضافة إلى كل العناصر السابقة.
في الوقت نفسه، تحول شرق المتوسط إلى ساحة مواجهة بين فاعلين من مقاسات ومواقع وخصائص مختلفة.
بينما تسعى بريطانيا وراء تحقيق "رسالتها التاريخية"، تقف الولايات المتحدة موقفًا يمنح الاولوية لإسرائيل ويهدف لمراقبة المنطقة.
ونرى أن فرنسا أيضًا لا تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذا الاضطراب ذو الجذور التاريخية. وتسعى من أجل إيجاد موطئ قدم لقواتها في المنطقة.
بدورها، تلاعبت روسيا مجددًا بالتوازنات من خلال نقطة ارتكاز أسستها في سوريا، على غرار ما فعلته في عهد الحرب الباردة.
ولا تقف الصين متفرجة، فهي مشغولة في الآونة الأخيرة بكتابة قصة نجاحها على الصعيد الاقتصادي من خلال مشروع "الحزام والطريق".
بدأت الصين دخول المنطقة عبر شركاء محليين، بهدوء ودون إثارة الكثير من الصخب. وتعمل على نقل التنافس المتزايد في المحيط الهادئ إلى المنطقة.
وعلى الضفة الأخرى من الشرق الأوسط تجري إيران حساباتها من أجل دخول اللعبة.
من المؤكد أن عدد الفاعلين من خارج المنطقة المتداخلين في مجريات الأحداث، لا يقتصر على من ذكرناهم آنفًا.
أما بالنسبة لبلدان المنطقة فهي داخل اللعبة من خلال علاقاتها الدبلوماسية والقانونية والعسكرية والاقتصادية.
وعلاوة على ذلك، مع انهيار الدول ظهرت تنظيمات عرقية ودينية ومذهبية بأشكال مختلفة ضمن اللعبة.
ليس من المفاجئ أبدًا أن تزداد الأمور تعقيدًا بمرور كل يوم مع انجذاب الشركات الدولية إلى المنطقة عقب العثور على موارد طبيعية ثمينة كالغاز الطبيعي.
ولا مفر من مواصلة الصراع بأدوات مختلفة في أجواء التنافس فيها شديد والتوتر مرتفع والأطراف كثر.
أول ما يتبادر للأذهان عند ذكر شرق المتوسط مقولة "يجب أن يكون أسطولنا هناك". وعلاوة على ذلك، تكشف الأوضاع الناجمة عن حروب الوكالة عقب الربيع العربي والتحركات الخفية والخبرات التي اكتسبتها الأطراف والتحالفات المتغيرة باستمرار والفارق بين الأحلام والحقائق، أن النزاع سيتمر على مدى سنوات طويلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس