ترك برس
اعتبر معهد دراسات أمريكي مستقل أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يتصرف وفق رؤية استراتيجية تقود بلاده نحو الاستقلالية والبعد عن التبعية للولايات المتحدة وحلف الناتو، مثلما فعل الرئيس الفرنسي الراحل ،شارل ديغول، في ستينيات القرن الماضي.
جاء ذلك في تقرير لمعهد بيرغروين، تناول فيه خيار خروج تركيا من حلف شمال الأطلسي، بأقل الأضرار الممكنة للجانبين، في ظل الخلاف المتصاعد بين أنقرة من جانب والولايات المتحدة والناتو من جانب آخر بسبب التقارب التركي الروسي، وإصرار تركيا على شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسي إس 400.
وقال التقرير إن من يتحدثون عن طرد تركيا من التحالف، يتناسون التضحيات التي قدمتها تركيا بسبب الحرب الأهلية في سوريا، و"أخطاء الولايات المتحدة التي تعاونت مع "الإرهابيين الأكراد"، وفشلت في القيام بعمل عسكري جاد ضد النظام السوري، ولم تلق كثير اهتمام بمشاكل بمشاكل تركيا في استيعاب أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري."
ووفقا للتقرير، فإن التحالف الأمريكي التركي في طريق مسدود، لا سيما أن توجهات الرئيس أردوغان تجعل الأمور أسوأ، حتى الرغم من التقارب الشخصي بينه وبين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
وأضاف أنه بمجرد أن تستبعد الولايات المتحدة تركيا من برنامج إنتاج المقاتلة F-35، كما هو مؤكد في الأشهر المقبلة، يمكن أن يصل التراجع في العلاقات الأمريكية التركية إلى مستوى جديد، وهو ما يستوجب على الجانبين إيجاد طريقة لقطع علاقات تركيا بحلف الناتو، والبحث عن طريقة للحد من الأضرار التي لحقت بشراكتهما الاستراتيجية.
وأوضح أن "البداية المناسبة لذلك هي النظر إلى الرئيس التركي على أنه مهتم أكثر بالاستقلال والسيادة في صنع القرار."
ورأى أن "التحليل الغربي لتركيا أردوغان غالبا ما يعاني من مغالطة ثنائية - الشرق مقابل الغرب أو الإسلاميين مقابل العلمانية. وغالبًا ما تكون هذه التقسيمات مفرطة في التبسيط بحيث لا يمكن معها استيعاب الطبيعة المعقدة للمحرك الاستراتيجي الرئيسي لتركيا وهو القومية."
وأشار إلى أن الطريقة الأكثر دقة في النظر إلى تركيا أردوغان تتمثل في مقارنتها بفرنسا تحت حكم شارل ديغول؛ إذ تعكس رؤية أردوغان الإستراتيجية الأساسية السعي القومي لاستقلال تركيا وعظمتها . أي انها باختصار، نسخة تركية من الديغولية.
وبين أن فرنسا الديغولية بعد أن شعرت بالاحباط من الولايات المتحدة وبحثًا عن الاستقلال الكامل في الشؤون العسكرية، انسحبت من القيادة العسكرية المتكاملة لحلف شمال الأطلسي عام 1966. وإذا أصرت تركيا على مواصلة التعاون العسكري والتكنولوجي مع روسيا، ينبغي على واشنطن تشجيع تركيا على التفكير في هذا الخيار الديغولي.
وبحسب التقرير، فإنه لا ينبغي لواشنطن أن تقلق بشأن إقامة روسيا وتركيا تحالفًا استراتيجيًا.
وأوضح أن أنقرة وموسكو تختلفان بشدة حول جميع القضايا الإقليمية ذات الأهمية الاستراتيجية تقريبًا. فمن البلقان وأوكرانيا إلى قبرص والصراع الأرمني الأذربيجاني، أو من سوريا وليبيا إلى مصر وإسرائيل، لا توجد ساحة واحدة تكون فيها تركيا وروسيا شريكين طبيعيين.
ويلفت التقرير إلى حادثة إسقاط تركيا لقاتلة سوخوي روسية في خريف عام 2015، لكنه يقررأن المواجهة العسكرية بين أنقرة وموسكو ليست في مصلحة واشنطن. ويذكر أن حلف الناتو المشغول تماما بروسيا، ليس في حاجة إلى أن يطلب منه الدفاع عن دولة أخرى على الحدود مع روسيا بسبب نزاع.
وأضاف أنه إذا تركت تركيا القيادة العسكرية المتكاملة لحلف الناتو وقلصت من دورها مع مجلس شمال الأطلسي في بروكسل، فإن الحلف يمكن أن يبقى بأقل أضرار حقيقية.
وأوضح أن الولايات المتحدة لا تعتمد على تركيا في الاضطلاع بدور رئيسي في ردع روسيا على الحافة الشمالية المكشوفة لحلف الناتو بالقرب من دول البلطيق وبولندا، كما أن التعاون العسكري بين أنقرة والولايات المتحدة جنوبًا في منطقة البحر الأسود والقوقاز هو تعاون متواضع وغالبًا ما يكون ثنائيًا، والتعاون بشأن سياسة سوريا هو في معظمه ثنائي وخارج آليات الناتو.
ويخلص التقرير إلى أنه إذا كانت أنقرة ترغب حقًا في متابعة خططها للاستقلال العسكري من خلال الشروع في تقارب مع روسيا ، فيجب على واشنطن أن تتبنى الخيار الديجولي بدلًا من التخيلات المتمثلة في طرد تركيا من حلف الناتو.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!