ترك برس
رصدت صحيفة "العربي الجديد"، في تقرير لها، أبرز العوامل التي تساهم في زيادة إقبال الأجانب، وخاصة العرب، على شراء العقارات في تركيا، خلال الأعوام الأخيرة.
يشير التقرير إلى استفادة قطاع العقارات بتركيا من تراجع سعر صرف العملة المحلية خلال النصف الأول من العام الحالي، وتخفيض قيمة العقارات التي تمكّن الأجانب من الحصول على الجنسية الاستثنائية من مليون دولار إلى 250 ألف دولار، فارتفعت نسبة المبيعات العقارية للأجانب في تركيا بنسبة 69 في المائة، خلال النصف الأول من عام 2019 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
هذا الرقم، اعتبره خبراء الاقتصاد مؤشراً مهماً إلى خروج القطاع من ركوده خلال الفترة الماضية، وعودة لاستقطاب المستثمرين في ميدان حيوي بالنسبة إلى الاقتصاد التركي. وفق الصحيفة.
وبحسب هيئة الإحصاء التركية، بلغ عدد العقارات التي اشتراها الأجانب نحو 20 ألفاً، لترتفع نسبة مبيعات العقارات للأجانب في تركيا نحو أربعة أضعاف خلال السنوات الست الأخيرة.
وقالت هيئة الاحصاء إن مجموعة المساكن التي جرى بيعها في عموم تركيا خلال النصف الأول من 2019، بلغ 505 آلاف و796 مسكناً.
وتصدرت إسطنبول المدن الأكثر بيعاً، حيث اشترى الأجانب 8 آلاف و903 مساكن، تلتها أنطاليا بـ 4 آلاف و93 عقاراً، ثم العاصمة أنقرة بألف و111 عقارًا.
ووفق بيانات الهيئة التركية الصادرة أخيراً، جاء العراقيون على رأس قائمة الأكثر شراءً للعقارات في تركيا بواقع 3 آلاف و337 عقارًا، ثم الإيرانيون بألفين و202 عقار، ثم الروس بواقع 1264 عقاراً، والسعوديون بـ 1094 مسكناً.
مدير المبيعات بكبرى الشركات العقارية بإسطنبول، براء بادنجكي، يرى أن إحدى أهم أسباب زيادة المبيعات للأجانب في تركيا مؤخراً، هي أن الأسعار تعتبر مناسبة جداً اذا ما قورنت بأسعار العقارات في أوروبا.
ويشرح أن سعر عقار مؤلف من غرفتين وصالة في إسطنبول ضمن مجمع سكني يحوي خدمات من مسابح وصالات رياضية وحماية أمنية ممكن أن يصل إلى ما بين 90 و 140 ألف دولار ضمن المناطق الجيدة للسكن.
وممكن لهذه الأسعار ان تزداد كلما اقتربنا من مركز المدينة او من الواجهة البحرية والبوسفور. وقد يختلف سعر العقار لنفس المساحة ضمن المنطقة الواحدة نتيجة اختلاف التشطيبات والإكساء والمواد المستخدمة بنسبة قد تصل إلى 10 في المائة أو اكثر.
وعن إقبال العرب على شراء العقارات بتركيا، يضيف مدير المبيعات، أن السبب يتعلق بقرب الثقافة والعادات والتقاليد مع الأتراك، كما أن فرصة الحصول على الجنسية الاستثنائية سبب لا يمكن تجاهله.
وبكل الأحوال، شراء العقارات بواقع ثبات أسعارها رغم تراجع سعر الصرف، هو فرصة استثمارية وربح شبه مضمون لرجال الأعمال، بدأوا يحصدون ثمنه منذ الآن، وقت تحسنت الليرة إلى أفضل سعر منذ خمسة أشهر ووصلت إلى نحو 5.5 ليرات للدولار.
ويشير بادنجكي إلى أن تركيا ذات موقع استراتيجي مهم حيث تقع في قارتين آسيا وأوروبا والنهضة التي قامت عليها خلال السنوات الاخيرة كانت سبباً مهماً لجذب رؤوس الأموال الخارجية، وكذلك وجود السوق الحرة عززت ذلك، ليأتي صدور قرار تملك الأجانب الجديد في سبتمبر/ أيلول من العام 2012 الذي سمح لعدد كبير من الجنسيات التملك (183 جنسية) بعد ما كان تملك الأجانب مسموحا على اسم شركة محدودة، كل ذلك زاد تملك الأجانب عموماً والعرب خصوصا للعقارات في تركيا.
ويلفت إلى أنه بحسب الإحصاءات فإن المبيعات للأجانب خلال الستة أشهر الأولى من عام 2019 بلغت نحو 20 ألف منزل متوسط المبلغ المدفوع للعقار الواحد 150 ألف دولار ما يحقق 3 مليارات دولار وزيادة نسبتها 68 في المائة عن الستة أشهر الاولى من العام 2018.
ويقول بادنجكي إن تراجع سعر صرف الليرة خلال العام الأخير، منح العديد من المزايا الشرائية للأجانب، فالشخص الذي كان يمتلك دولاراً واحداً كان يأخذ مقابله 3.5 ليرات، وهذا الشخص يستطيع الحصول الآن على نحو 5.5 ليرات مقابل الدولار.
ويتزايد الإقبال على العقارات الجاهزة كونها تحمل فرصة السعر الجيد لأن العقارات الجديدة تكون كلفتها أكبر نتيجة فرق سعر الصرف وبالتالي تكون أسعارها أعلى.
وياتي ذلك في ظل القوة الشرائية المتنامية للأجانب بسبب تذبذب الليرة، ومع صلابة القطاع العقاري وعدم تأثره بالأزمات، وكون الاستثمارات العقارية عموماً، تتميز بكونها استثماراً طويل الأجل، إذ تصل مدة الاستفادة من شراء العقار إلى ضع سنوات، في حين يجد المتابع للأزمات التي يمر بها الاقتصاد التركي أنها، على حدتها، لا تطول فتراتها قبل أن تهدأ.
ويضيف مدير المبيعات أنه خلال الشهر الماضي، ومع تزامن تخفيض سعر الفائدة التي أطلقها المصرف المركزي من 24 إلى 19.5 في المائة، بدأت بعض الأموال المودعة بالمصارف الخروج إلى الأسواق، خاصة العقارات، وهي المطارح الأشهى وربما الأكثر ضمانة بواقع ثبات السعر.
ويتوقع بادنجكي تخفيض أكثر لسعر الفائدة قبل نهاية العام الحالي، ما يعني برأيه، زيادة تحفيز سوق العقارات، سواء لجهة استثمار المال التركي أو إقبال الأجانب على الشراء "ما يعني منطقياً.
ولأن العقارات تعتبر قطاع رافعة يشّغل الكثير من المهن، فعلى الأرجح أن نشهد نمواً بالاقتصاد التركي وتعدي حالة الركود التي ضربت الاقتصاد العام الماضي، لأول مرة منذ عشر سنوات".
من جهته، يقول المحلل التركي أوزجان أويصال إن الحكومة التركية تعي أهمية قطاع العقارات، رغم أن مساهمته ربما لا تزيد عن 5 في المائة من الناتج المحلي، لكنه قطاع تحريضي يؤمن فرص عمل ويشغل قطاعات أخرى، كما يدر نقداً أجنبياً من خلال شراء الأجانب عقارات وإقامتهم بتركيا وانفاقهم فيها.
ويشير أويصال إلى أن معدل الأسعار بتركيا ارتفع خلال العامين الأخيرين بأكثر من 200 في المائة لبعض السلع والمنتجات، كما تراجع سعر صرف الليرة بأكثر من 24 في المائة، لكن أسعار العقارات لم تشهد الكثير من التغييرات، ما أبقى هذا القطاع المناخ الأنسب للاستثمار.
ويؤكد المحلل التركي أن بلاده ودعت زمن الفائدة المرتفعة، ما يعني دخول أموال جديدة إلى السوق خلال فترة قريبة، يتجه بعضها إلى العقارات، لكن سياسة الحكومة التشجيعية، تجلت بنواح أخرى، كتخفيض سعر الفائدة على القروض العقارية للأتراك، "واليوم نشهد تنافساً بين المصارف الخاصة والحكومية، أوصلت الفائدة على القروض العقارية إلى أقل من 1 في المائة".
ويلفت المحلل أويصال إلى أن بلاده تنظر على الدوام للانتشار الخارجي عبر أقنية وطرائق إعلانية متعددة "تركيا تروج للسياحة والعقارات عبر الدراما مثلاً".
كما توسعت الشركات العقارية التركية إلى دول الخليج العربي خاصة ووصلت الحملات الترويجية إلى روسيا ومعظم الدول الأوروبية، والنتائج تظهر من خلال شراء الأجانب للعقارات.
بالسياق ذاته، يقول مدير في قسم الطابو والمسح العقاري التركي، محمد زكي آدلي، إن المديرية العامة للطابو تستعد لافتتاح مكاتب لها في خمس دول بينها بلدان عربية.
ويشير آدلي خلال تصريحات صحافية قبل أيام، إلى أنهم قاموا بفتح مكتب لهم، كتطبيق تجريبي منذ ثلاث سنوات تقريباً في السفارة التركية في العاصمة الألمانية برلين، والآن يوجد خطة للتوسع نحو فرنسا وبلجيكا ودول عربية.
و"مع ورود طلبات مماثلة من البلدان الأخرى بفتح مكاتب لمديريتنا في أراضيها، بدأنا بتكثيف جهودنا مع صدور مرسوم رئاسي بهذا الصدد، ونسقنا مع وزارة الخارجية بخصوص تحديد البلدان التي سنفتح فيها مكاتبنا".
ويلفت إلى أنه مع افتتاح المكاتب الخارجية للطابو سيكون بإمكان الأجانب شراء العقارات بتركيا وهم متواجدون في بلدانهم دون السفر إلى تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!