عبد القادر سلفي - صحيفة يني شفق
في اليوم الذي قمنا فيه بعملية سليمان شاه، تم البدء في العملية ضد تنظيم الدولة.
كان الأمريكيون يدعون بأن هذه العملية لن تتم، حتى بدأت أصوات خطوات جنود العملية البرية المدعمة بالسلاح الجوي تعلو ضد تنظيم الدولة. أود اليوم ان أقدم لكم بعض المعلومات التي حصلت عليها حول العملية ضد تنظيم الدولة.
بينما كنت أقوم ببحثي خلف كواليس عملية سليمان شاه، بدأت البحث في إجابة عن السؤال التالي، هل كانت العملية مجرد إجراء للحفاظ على سلامة جنودنا أم أنها كانت خطوة ضمن عملية ضد تنظيم الدولة؟
لم أحصل في تلك الأيام على إجابة مطمئنة. إلا أن التطورات كانت تشير إلى اقترابنا من عملية ضخمة.
ولكن متى سيتم تنفيذ تلك العملية؟ وكم جندياً سيشارك فيها؟ وفي أي جزء من العملية ستشارك تركيا؟ وهناك سؤال آخر، هل سيشارك حزب العمال الكردستاني في هذه العملية التي تدعمها تركيا؟
سوف أترك إجابات الأسئلة الآن وأعود للماضي إلى عملية سليمان شاه.
عند وصول المعلومات حول التحرك من أجل القيام بعملية برية موسعة ضد تنظيم الدولة، تم البدء بإخلاء قبر سليمان شاه.
كما تتذكرون فإن أول عملية قام تنظيم الدولة بإدارتها من سوريا إلى العراق كانت الهجوم على القنصلية التركية في الموصل وأخذ 49 من العاملين فيها كرهائن. في ذلك الوقت اتهمت المعارضة في تركيا الدولة بعدم اتخاذ التدابير اللازمة لمنع ذلك، أما اليوم فإن المعارضة تنتقد الدولة بسبب اتخاذها التدابير اللازمة.
لقد استمرت التجهيزات للعملية لمدة شهرين. وتم الحفاظ على سريتها. حيث كان الحديث عن العملية يدور فقط في غرفة آمنة في قصر الرئاسة. وفي قيادة الأركان كانت العملية تدار من دون علم بعض الجنرالات. إن تغيير 38 جندي حول قبر سليمان شاه والذي يتم خلال 6 أشهر قد تم في نهاية شهر ديسمبر. ولكن تمت غطالة المدة إلى ثمانية أشهر حتى لا يخاف أحد.
كان يتم التركيز على احتمال أن اكتشاف تنظيم الدولة للعملية سوف يدفعها للقيام بمثل ما قامت به في الموصل، أي الهجوم على قبر سليمان شاه وأخذ الجنود الأتراك كرهائن. كان ذلك ليس مجرد احتمال 100% بل 1500%. لذلك فقد وضعت هذه المسألة على طاولة النقاش لدى الاستخبارات ومحللي الاستخبارات. إن الدول الكبرى تتطلب أخذ التدابير لسنتين مقبلتين لا لشهرين. وقد شهدنا ذلك في الموصل.
كانت التدابير تتخذ هذه المرة لتأمين الجهوزية التامة. خاصة وأن الدلائل على تجهيز قوات التحالف لليوم الحاسم ضد تنظيم الدولة كانت تزداد يوماً بعد يوم. كما أن هذا لا يأتي منفصلاً عن اتفاق تدريب وتجهيز المعارضة السورية وإجراء العملية.
إن أحد المظاهر الدالة على قرب العملية ضد تنظيم الدولة هو عملية نقل معدات المساعدات العسكرية بطائرتي نقل عسكري إلى بغداد. واليوم سيكون وزير الدفاع التركي عصمت يلماز على تواصل مع بغداد.
وفي الماضي في منتصف شهر فبراير، قمنا نحن مجموعة صحيفة يني شفق بزيارة إلى رئيس الجمهورية عبد الله غُل. وفي ذلك اليوم قمنا أيضاً بزيارة رجب طيب أردوغان في المركز الرئيسي لحزب العدالة والتنمية وبزيارة "بولنت أرينش" في المجلس النيابي.
قيل لنا بأن رئيس الجمهورية عبد الله غول بحاجة إلى إجراء اتصال هاتفي مهم، وتم نقلنا إلى غرفة مجاورة كانت مجهزة لاستراحة أجاويد.
ثم جاء رئيس الجمهورية إلى الغرفة التي كنا فيها. لنعلم أنه كان يجري لقاءً مع "ديك جيني" مساعد الرئيس. حيث اكتفى بالتصريح للأمريكيين عن إصراره على السماح بالعملية.
الإعلام التركي انقسم إلى طرفين. كان أحدهما يدافع عن قناعته بأن الولايات المتحدة لا تملك من الجسارة ما يكفي للقيام بالعملية.
اقتربت من السيد عبد الله وسألته عن احتمال ذلك. فكان رده: "كلا. سوف يتدخلون بالطبع". كانت هذه معلومة هامة بالنسبة لي. إلا أن بعض الكتاب المعروفين بقربهم من غُل كانوا يقولون بأن:" الولايات المتحدة لن تجرؤ على القيام بالعملية فيما لو لم تقدم تركيا لها الدعم". إلا أن غُل لم يكن يرى ذلك. فهو أحد الشخصيات التي كانت تعرف جيداً مدى إصرار الولايات المتحدة على القيام بالعملية. بدوري سألت حينها: "متى ستتم العملية إذاً؟ هل نتوقع ذلك في المستقبل القريب؟" وهنا حدقت عينه على الآلة الكاتبة الخاصة بأجاويد. أما أنا فبقيت أنتظر الجواب على سؤالي قبل أن ينتهي لقاؤنا.
"لقد تفحصنا الملابس التي أتى بها الأمريكان، وهي غير ملائمة لحرارة الجو في الصحراء." وبعد أن ترجم ذلك في عقله قال: "نتوقع قيامهم بهذه العملية حتى منتصف آذار على أخر تقدير." كانت هذه المعلومة غاية في الأهمية. إلا أنه قالها بشرط عدم النشر. لقد دخلت الولايات المتحدة العراق في 20 آذار.
بينما كنت البارحة أسأل بعض مصادري حول العملية، وبعد أن تذكرت الملابس التي أرسلناها لمساعدة الجيش العراقي، سألت: "إن لم يكن لديهم لباس للصحراء فهل ستكون العملية في الصيف؟" فقالوا لي بأن هذه معدات عسكرية مصنعة لتلائم الظروف في الشتاء وإن كان اسمها ملابس الصحراء.
يتوقع القيام بعملية برية ضخمة قوامها 20-25 ألف جندي في شهر نيسان ضد تنظيم الدولة. دول التحالف سوف تقدم الدعم الجوي لهذه العملية من خلال الطائرات الحربية والصواريخ.
الجيش العراقي وقوات البشمركة ستشاركان في العملية البرية. إن ضباطنا في القوات الخاصة قاموا بتدريب البشمركة على مدار عامين. لكن ماذا عن حزب العمال الكردستاني؟ إن ما وصلني من مشاهدات تدل على أن حزب العمال الكردستاني سوف يشارك أيضاً في الحرب البرية ضد تنظيم الدولة. هل سيكون ذلك ممكناً؟ العملية سوف تبدأ من شمال الموصل وحتى الموصل. منذ الآن بدأت القوى بإفناء نفسها في إحدى أهم وأقوى مناطق المقاومة لتنظيم الدولة، في تكريت، مملكة صدام.
ماذا سيكون موقفنا من العملية ضد تنظيم الدولة؟ لن نشارك في الحرب البرية. سوف نقدم الدعم اللوجستي والأدوات العسكرية. لن تستخدم قواعدنا بشكل مركزي في العملية لكن قد تهبط الطائرات الحربية في منطقة إنجيرليك في حال الضرورة. لن تشارك طائراتنا الحربية في العملية الجوية. وسنقدم الدعم من خلال طائرات الاواكس للتحذير المبكر.
لسنا مشاركين في العملية البرية ضد تنظيم الدولة ولكننا سنشارك في التحالف الذي يقدم الدعم اللوجستي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس