ترك برس
انطلقت صباح الخميس في العاصمة الماليزية كوالالمبور القمة الإسلامية المصغرة التي دعا إليها رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد من أجل بحث إستراتيجية جديدة للتعامل مع القضايا التي يواجهها العالم الإسلامي، بمشاركة كلّ من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الإيراني حسن روحاني، وممثلون رسميون عن 18 دولة، وكذلك نحو 450 مشاركا من علماء ومفكرين.
اقتراح عقد القمّة جاء بعد نقاشٍ جمع مهاتير محمد ونظيره الباكستاني عمران خان، والرئيس التركي أردوغان، في سبتمبر/أيلول 2019، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ورغم أنّ القمّة تُقام في ماليزيا فإن الأنظار ستتّجه ناحية تركيا، لاسيما بعدما اعتبر مهاتير محمد أنّ على البلدان الإسلامية أن تكون متطورة، وأنّه على دولة واحدة أن تبدأ بهذا الأمر، مرشحاً تركيا لتولي هذه المهمّة.
موقع "عربي بوست" ذكرت في تقرير له أن قمة كوالالمبور الإسلامية، سبقتها تجربة بارزة بالفعل، كان صاحبها هو الذي يعتبره أردوغان أستاذه؛ رئيس الوزراء التركي السابق نجم الدين أربكان، "أب الإسلام السياسي" كما يُلقّب بذلك.
ربّما لم يُكتب لها النّجاح المتوقّع لفكرة أربكان، لأنّها قامت في ظروفٍ خطرة بعض الشيء، وربما فقدت بريقَها بعد رحيل مؤسسها عن كرسيّ السلطة، بسبب مشكلاتٍ داخلية في تركيا.
وسرد التقرير المذكور المشوار السياسي لأربكان وكيفية وصوله إلى السلطة في تركيا، وتبنيه فكراً إسلامياً مغايراً للعلمانية الأيديولوجية الرسمية للجمهورية التركية.
بدأ أربكان في التدرّج في المناصب السياسية، ورغم وصوله نائباً في البرلمان إّلا أنّه مُنع من المشاركة في الحكومات المختلفة بسبب نشاطاته المعادية للعلمانية. وبعدما تمّ حلّ حزبه الأوّل "النظام القومي" أنشأ حزب "السلامة الوطني" في عام 1972، وشارك في حكومةٍ ائتلافيّة.
وفي 1996 أصبح رئيساً للوزراء عن حزب "الرفاه"، لكنّ الجيش لم يتركه يهنأ برئاسته للحكومة أكثر من سنةٍ واحدة، وفي نهاية هذه السنة كان أربكان قد بدأ بتطوير وتطبيق ما كان يفكّر ويطمح إليه منذ زمن: اتّحاد إسلامي قوي كالاتحاد الأوروبي.
وما إن وصل أربكان لرئاسة الوزراء في يونيو/حزيران 1996، حتّى طرأت في ذهنه الفكرة، التي يبدو أنّها كانت تتشكّل وتتكوّن في ذهنه منذ زمن، في أحد الاجتماعات في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، راودته الفكرة وأعلن عنها، حتّى تكلَّل بنجاح أوّل مؤتمرٍ لمجموعة الثماني الإسلامية في يونيو/حزيران 1997.
ففي مؤتمره الذي عُقد في إسطنبول 1995 تحت اسم "النظام العادل" طرح أربكان رؤيته التي تتجاوز النظام الاقتصادي العالمي، فمختصر هذا النظام في الاقتصاد الداخلي أن يرفض الربا والضرائب المجحفة، وصكّ النقود بلا رصيد ذهب، كما كانت تسير الأمور قبل أن تغيّرها أمريكا في 1971، ويتعامل مع ملفاتٍ أخرى مثل النظام المصرفي الحالي ونظام القروض.
أمّا خارجياً فتحرّك أربكان من منطلق وجود ما يمكن تسميته "أمم متحدة إسلامية"، كما حلم بإنشاء سوق اقتصادية إسلامية مشتركة، وبتأسيس منظمة "يونسكو" إسلامية، وصندوق نقد إسلامي، وأيضاً حلف دفاعي عسكري إسلامي!
لكنّ ما هي إلّا أيّامٌ قليلة من المؤتمر الأول لـ "مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية" حتّى تضطر أربكان للاستقالة من رئاسة وزراء بلاده بضغط الجيش، فيما عُرف لاحقاً باسم "انقلاب 1997" وتمّ حظر حزبه، وتمّ سجنه سنتين لاحقاً، ومُنع من الممارسة السياسية 5 سنوات.
"مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية"
كانت المجموعة تتضمّن عضوية 7 دول غير تركيا، وهي: مصر ونيجيريا وباكستان وإيران وإندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش، كان أربكان فيما يبدو يحلم بأن تكون هناك اتفاقيات تجارة حرّة بين هذه البلدان، وربّما عملةً موحّدة مثل أوروبا، آملاً أن يكون نجاح هذه التجربة دافعاً لبقية الدول الإسلامية للانضمام لهذه المنظّمة الإسلاميّة.
مقارنةً بالأهداف التي كانت تتحرّك في عقل وخيال أربكان، فإنّ المنظّمة التي بدأها قبل أن تنتهي رئاسة وزارته بأيّام لم تحقِّق أياً من أهدافها الكبرى، نعم ظلّت المنظّمة تعقد مؤتمرها كلّ سنتين بالتناوب بين البلدان الثمانية، لكنّها لم تتحرّك كثيراً للأمام وفق الأهداف التي كان يطمح إليها أربكان.
رغم ذلك، ما زالت بعض التصريحات تأتي بين الفينة والأخرى؛ فمثلاً أعلن الأمين العام للمجموعة، داتوك جعفر كوشاري، أنَّ الدول الأعضاء ستعمل من خلال "نظام الدفع بالبطاقات"، الذي يقترح استخدام العملات المحلية، وفي بداية 2019، قال أيضاً إنَّ المجموعة طوَّرت بطاقة دفع تدعى "D8P Card"، انطلاقاً من فكرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول استخدام الدول الأعضاء عملاتها المحلية في التعاملات التجارية فيما بينها.
كما أكّد أيضاً أنَّ أعضاء المجموعة سيعقدون اجتماعاً قريباً لإتمام أعمال بطاقة الدفع الجديدة. كما يحدو الأمين العام حلم بأن تصبح "مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية" واحدة من أكبر التكتلات الاقتصادية حول العالم بحلول 2050.
وبحسب كوشاري، ستحتل الصين عام 2050 المرتبة الأولى عالمياً في الاقتصاد، تليها الهند، ثم الولايات المتحدة، تليها إندونيسيا بالمركز الرابع، في حين ستأتي تركيا في المرتبة الـ11، ونيجيريا في المرتبة الـ14، ومصر في الـ15، ثم باكستان وإيران في المرتبتين 16 و17 على التوالي، وبنغلاديش بالمركز 23، وماليزيا في المركز 24.
واختتم تقرير "عربي بوست" بالتساؤ: هل ستستطيع المجموعة تحقيق ذلك حقاً؟ خصوصاً في ظل الخلافات السياسية بين أكبر دولتين في المجموعة: تركيا ومصر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!