عمر الدغيم - خاص ترك برس
في بادرة هي الأولى من نوعها أجرى اتحاد الطلاب السوريين في جامعة كارابوك العام الماضي أول انتخابات له لانتخاب رئيسه وفريقه الإداري، وبعد عمله بنجاح لمدة عام تقريباً قام بإجراء انتخابات الدورة الثانية في تاريخ 16/12/2019، وتم انتخاب رئيس جديد شكّل فريق عمله الخاص. شملت دائرة المنتخبين جميع الطلاب السوريين المسجلين في الجامعة، وكان باب الترشح مفتوحاً للجميع وبدون استثناءات.
شكلت هذه الانتخابات ظاهرة فريدة من نوعها رغم صغر المحيط الذي استهدفته (السوريين في جامعة كارابوك)، فهي أول انتخابات حقيقية يجريها طلاب سوريون بمحض إرادتهم في تركيا، ولا نعلم إن كانت في خارجها أيضاً. ولعل من أهم ما يميز هذه الانتخابات أنها قامت بناءً على المبادئ الثورية للطلاب السوريين في الجامعة، وكنتيجة لروح الثورة التي حملوها في أفئدتهم، فأرادوا أن يمارسوا حقهم الديمقراطي وأن يطبقوا مبدأ الحرية الذي نادوا به وضحى شعبهم من أجله، وأرادوا أن يبرهنوا على قدرتهم على خلق جو ديمقراطي يحترم الأطراف جميعاً وأنهم قادرون على التوحد تحت جسم انتخبوه واختاروه هم بإرادتهم، وقد كان لهم ذلك.
فقد مرت الانتخابات الأولى بنجاح كما الثانية، مع التزام بالقواعد الزمانية والمكانية التي حددتها الهيئة المشرفة على الانتخابات، وهذه الهيئة المحايدة تم تشكيلها بتوافق من الأطراف العاملة في المجال الطلابي في كارابوك، وذلك عقب الإعلان عن تأسيس الاتحاد من قبل تلك الأطراف التي اجتمعت وقررت القيام بما يمكن أن نسميه " مصالحة وطنية مصغرة ". في دلالة على صدق النوايا والرغبة الحقيقة لتوحيد الجهود في مجال خدمة الطلاب من أبناء وطنهم وشركاء نكبتهم.
كما شهدت الانتخابات في الدورة الثانية إقبالاً أكبر، وتطوراً ملحوظاً في أساليب وآليات العمل الانتخابي حيث خرج المرشحون بفيديوهات إعلامية دعائية تعرض على الطلاب البرنامج الانتخابي والمخطط له من قبل المرشح. وقد انتهت الانتخابات وتم فرز الأصوات بسلاسة وشفافية ودون اعتراض أو طعن من أحد، في عرس ديمقراطي رائع تمَّ تحت علم الثورة السورية.
وقد نجح السوريون بجهودهم الذاتية في إجراء مثل هذه الانتخابات رغم عدم وجود مؤسسات تشرف عليهم وتدعمهم كالسفارات والقنصليات التي تشرف على الانتخابات للاتحادات الطلابية للبلدان الأخرى وتقدم لهم جميع أنواع الدعم المادي والمعنوي.
أبدت إدارة الجامعة إعجابها بهذه المبادرة وأشادت بالقائمين عليها، ويجدر بالذكر أن جامعة كارابوك هي الجامعة الثالثة في تركيا من حيث عدد الطلاب السوريين المسجلين فيها والبالغ عددهم أكثر من 2400 طالب، والفضل في ذلك يعود إلى سياسة إدارة الجامعة الهادفة - مشكورةً - إلى زيادة عدد الطلاب الأجانب، وخصوصاً السوريين منهم. وقد خصَّ رئيس الجامعة الدكتور رفيق بولات الطلاب السوريين بالمدح والثناء دون غيرهم في لقاء تلفزيوني له وذلك في سياق إجابته عندما سأل عن وضع الطلاب الأجانب في الجامعة، وأشاد بولات بالجالية الطلابية السورية وبأخلاقياتها العالية، وشدد على أن هذا النموذج الرائع الذي يقدمه الشباب السوري في كارابوك والذي لم تصدر بسببه أي شكاوى مقدمة من السكان المحليين للشرطة طوال خمس سنوات، إنما يشكل دليلاً واضحاً على بطلان الإشاعات والأكاذيب المغرضة التي تروج ضد السوريين في تركيا، والتي تتحمل مسؤوليتها بعض الأحزاب التركية التي تستغل هذه البروباغاندا إعلامياً في حملاتها الانتخابية ضد الحكومة. كما شهد مدير شؤون الطلاب الدوليين السابق يلماز باجكلي على محبة الطلاب السوريين لبعضهم وتفانيهم في خدمة زملائهم من السوريين والعرب عموماً.
وأثناء فترة الاقتراع الانتخابي، حدث أن أحد الناخبين وعند إدلائه بصوته، التفت إلى أحد أعضاء الهيئة المشرفة قائلاً: " شكراً لكم لأنكم أتحتم لنا فرصة أن ننتخب ونختار ولو لمرة في حياتنا، وعسى أن نعاود الكرة في وطن حر وعزيز كما نريد ". هكذا هم السوريون وهذه هي إرادتهم الحية وروحهم الثورية، يحملونها معهم حيثما حلوا وارتحلوا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس