إحسان أكتاش - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
خلال المرحلة الأولى من الربيع العربي، وعندما حطمت موجة سريعة من الانتفاضة الاجتماعية الديكتاتوريات القديمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعلى الأخص في تونس ومصر، كان الرأي العام الدولي متفائلًا إلى حد كبير بظهور ديمقراطيات تشاركية في العالم العربي. انعكاسًا للثورة الفرنسية، ثارت الشعوب العربية ضد الأنظمة الفاسدة والديكتاتورية في بلدانها، وسعت لتحقيق الرفاهية الاقتصادية والحرية السياسية.
في المراحل الأولى من الربيع العربي، لم تشعر الشوارع العربية فحسب، بل العالم بأسره أيضا، بالحماس لإنشاء أنظمة ديمقراطية حقيقية، على أمل أن تثمر في النهاية ارتفاع مستويات المعيشة في المنطقة.
لكن عندما نعيد النظر في هذه التوقعات في الوقت الحالي، فإنها تبدو متفائلة للغاية وحتى طوباوية.
حدثت أكثر محطات الربيع العربي إثارة للإبهار في مصر، حيث أطيح بالديكتاتورية التي استمرت 50 عامًا، وظهرت فرصة حقيقية للتحول الديمقراطي. كانت لحظة رائعة ليس للمنطقة، فحسب، ولكن للتاريخ الإنساني عموما.
في البلدان التي يطول فيها الحكم الديكتاتوري، يظل الهيكل السياسي والاجتماعي للسكان محاطًا بالغموض. ويبقى التوجه السياسي لهؤلاء الناس مجهولًا إلى حد كبير حتى إجراء أول انتخابات ديمقراطية.
عندما انتهت انتخابات مصر الديمقراطية بانتصار جماعة الإخوان المسلمين بدعم من السلفيين، خاب أمل القوى الغربية في القرار الانتخابي للشعب المصري. وعلى الرغم من أن الإخوان المسلمين لديهم ما يكفي من الخبرة السياسية والدعم الاجتماعي لتفعيل نظام ديمقراطي معتدل، فإن الدول الغربية لم تكن متحمسة لإمكانية التعامل مع "تركيا أخرى".
أيدت القوى الغربية "الديمقراطية" التي كانت قلقة من مواجهة قوة إقليمية أخرى يمكن أن تقف ضد أجندتها السياسية في المنطقة، سقوط الحكومة المدنية بانقلاب. ويحظى الحكم العسكري لعبد الفتاح السيسي اليوم بدعم كامل من هذه القوى الغربية.
مع تمدد الربيع العربي إلى اليمن، انتهت المنافسة الإقليمية بين المملكة العربية السعودية وإيران بمقتل الآلاف من المدنيين. وإذا كان الشعب اليمني قد جُر إلى الحرب الأهلية والفقر، فإن كلا من المملكة العربية السعودية وإيران ما تزالان تهتمان بالسيطرة على اليمن.
عندما وصل الربيع العربي إلى سوريا، تحطمت البنية السياسية والاجتماعية الهشة للبلاد، وتحولت إلى ساحة معركة للقوى الإقليمية والعالمية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وتركيا كانا حليفين في بداية الحرب الأهلية السورية، فإنه سرعان ما تبين لهما أنه ليس لديهما هدف واحد في سياق الأزمة السورية.
على الجانب الآخر من الأزمة، جذبت إيران روسيا إلى الصراع المستمر. ونظرًا للسياسات المترددة والخطيرة لإدارة باراك أوباما وقرارها بدمج إيران في النظام العالمي، سرعان ما أصبحت إيران إحدى القوى الإقليمية المهيمنة في العراق ولبنان واليمن. وفي وقت فقد فيه الربيع العربي زخمه، تمكنت إيران من كبح المعارضة الاجتماعية لشرعيتها السياسية في الأراضي السورية.
تحت حكم صدام حسين، كان العراق أحد المنافسين الرئيسيين لإيران في المنطقة بفضل موارده النفطية الغنية. وخلال الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و1988، حشد العراق جيشًا ضخمًا بدعم مالي من المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى. أعقب الاحتلال العراقي للكويت حربين خليجيتين انتهيتا في نهاية المطاف بسقوط صدام حسين وإلى الاحتلال الأمريكي للعراق.
في تلك المرحلة الحرجة، عُهد إلى الشيعة والأكراد في العراق بحكم البلاد. وفي حين استمرت إيران في زعزعة استقرار البلاد، فقد العراق مكانته كدولة مستقلة وذات سيادة.
اليوم، تطمح إيران إلى إخراج الولايات المتحدة من العراق، بينما تهدف الولايات المتحدة إلى تقليص النفوذ الإيراني في البلاد. وفي حين تتواجه هاتان القوتان في العراق، فإن الشعب العراقي لا يريد الولايات المتحدة ولا إيران في بلدهما.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس