بروبيرتي ترك
بيع الفاكهة على عربة متنقلة في حي تقطنه الطبقة العاملة في اسطنبول لم يجعل محمد غنيا لكنه يصر على عدم إيداع مدخراته المتواضعة بأحد البنوك.
وقال محمد الذي يبلغ من العمر 67 عاما ورفض الإفصاح عن لقبه " أشتري بمالي الذهب أو أضعه تحت الوسادة.
ومثل محمد فإن ثمانية بالمئة على الأقل من الأتراك البالغين ليس لهم حسابات مصرفية لأسباب دينية "بأن تقاضي الفائدة إثم في الشريعة الإسلامية "بحسب تقرير للبنك الدولي عام 2014.
وتحت قيادة الرئيس رجب طيب اردوغان الذي ترجع جذوره إلى الإسلام السياسي وينفر من الربا تأمل تركيا في تحويل اهتمام المواطنين المتدينين الذين يحجمون عن التعامل مع البنوك التقليدية إلى مجال التمويل الإسلامي المزدهر حيث لا يجري التعامل بالفائدة وإنما تتلقى البنوك رسوم خدمات ويشارك المودعون في أرباحها.
ويمضي بنكا هلك وزراعات التركيان اللذان تديرهما الدولة قدما في خطط لإطلاق وحدات للمعاملات الإسلامية هذا العام لينضما بذلك إلى أربعة بنوك إسلامية خاصة قائمة
من المنتظر أن يطلق بنك زراعت أكبر بنك غير مدرج في تركيا أنشطته الإسلامية في مايو أيار بينما قال بنك خلق إن من المتوقع أن يصبح مستعدا لذلك بنهاية العام.
ووافقت الجهات التنظيمية المختصة في تركيا هذا الشهر على إنشاء بنك إسلامي يرتبط بشكل غير مباشر ببنك وقف الذي تديره الدولة.
وتريد الحكومة التي أطلقت أول إصدار صكوك لها منذ ثلاث سنوات وتقدمت العام الماضي بإطار عمل قانوني للبنوك الإسلامية ذات الملكية العامة أن تتضاعف أصول صناعة التمويل الإسلامي إلى 100 مليار دولار بحلول 2023.
وقال فادي حكورة خبير الشؤون التركية لدى مركز بحوث تشاثام هاوس في لندن "يرغب اردوغان بشدة في تطوير مجال البنوك الإسلامية في تركيا .. يأتي ذلك في إطار الجهود المبذولة لتحويل اسطنبول إلى مركز مالي وبما يتماشى أيضا مع نفور اردوغان من التعامل بالفائدة."
وتسبب إصرار اردوغان على أن أسعار الفائدة المرتفعة تذكي التضخم وأن الذين يدافعون عن الفائدة خونة في إثارة قلق أسواق المال في الأسابيع الماضية.
ودفعت مطالبته البنك المركزي بإجراء خفض أكثر حدة في أسعار الفائدة وهجومه على السياسة النقدية للبنك إلى هبوط الليرة 12 بالمئة هذا العام مسجلة مستويات قياسية منخفضة.
لكن ذلك لقى ترحيبا بين مؤيديه المحافظين ومن بينهم رجال أعمال بالقطاع الصناعي كانوا يسعون على مدى السنوات العشر الماضية وراء قروض منخفضة التكلفة واستقرار سياسي نسبي.
وللوهلة الأولى تبدو تركيا العلمانية بموجب الدستور غير مؤهلة لتصبح من رواد قطاع البنوك الإسلامية.
ففي الشهر الماضي سيطرت الجهات التنظيمية على بنك آسيا الإسلامي الذي يشهد هبوطا في الأرباح وقاعدة رأس المال منذ أن مسه النزاع بين اردوغان وداعية إسلامي مقيم في الولايات المتحدة أسس أنصاره البنك.
لكن النزاع كما يقول محللون ليس مؤشرا على نظرة أنقرة الأوسع نطاقا لقطاع التمويل الإسلامي العالمي البالغ حجمه 1.8 تريليون دولار.
فأوجاع بنك آسيا تأتي في إطار جهود اردوغان لسحق شبكة الداعية عبد الله جولن الذي يتهمه الرئيس التركي بالسعي لإسقاطه من خلال "دولة موازية" من أتباعه في مؤسسات مثل الشرطة والقضاء.
وقال إمري دليولي وهو خبير اقتصادي وكاتب مقال في صحيفة حريت إن مبادرة تركيا للتوسع في التمويل الإسلامي تتعلق بشكل كبير بجذب الاستثمار الأجنبي.
وقال لرويترز "أراها محاولة للاستفادة من الطلب على التمويل الإسلامي خارج تركيا."
ويأتي هجوم اردوغان على الفائدة في إطار رغبته في استعادة التراث الإسلامي لتركيا إلى قلب الحياة العامة بعد تسعة عقود من هيمنة النخبة العلمانية في أعقاب سقوط الإمبراطورية العثمانية.
وأثار اردوغان غضب الليبراليين الأتراك من خلال دعم التعليم الديني في المدارس الحكومية وحث النساء على إنجاب مزيد من الأطفال لكنه أصبح بطلا في نظر جموع المتدينين.
وأظهرت بيانات من الجهة المنظمة للقطاع المصرفي أن البنوك الإسلامية شكلت أكثر قليلا من خمسة بالمئة من إجمالي أصول البنوك التركية في يناير كانون الثاني وهو أعلى من مثلي مستواها منذ عشر سنوات
ولدى البنوك الإسلامية التركية الأربعة القائمة - البركة تركيا وآسيا وتركي فاينانس والكويتي التركي - نحو ألف فرع ويعمل بها ما يزيد على 16 ألف موظف وذلك أعلى من ثلاث أمثال مستوياتها قبل عشر سنوات.
ومع نمو القطاع فإن من المرجح أن يتحول الأتراك الملتزمون دينيا الذين لديهم حسابات في البنوك التقليدية إلى البنوك الإسلامية لتزداد تلك الأرقام , وقال بيرات تاستكي البالغ من العمر 38 عاما، وهو يتناول الغداء في مطعم كباب في فاتح.: "المصرفية هو نظام إستغلال ولكن علينا استخدامه في مجال الأعمال التجارية.
"نحن نعلم أنها حرام، ولكن علينا أن نفعل ذلك. هل أرضى عن ذلك؟ لا، لا على الإطلاق".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!