حقي أوجال - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا يحّول فقط كل ما يلمسه إلى (خ***) كما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولكن يبدو أنه سيحول قريبًا كثيرا من العلاقات الفاترة بين عدة دول إلى حروب حقيقية في شرق البحر المتوسط.
كادت هذه العلاقات الفاترة تصبح ساخنة للغاية، حتى من دون مساعدة ماكرون، لكن التجربة الاستعمارية لفرنسا ستؤدي إلى وضع متقلب للغاية في المنطقة.
وقع الانفجار الأول في بيروت. انفجر ما يقرب من 3000 طن من نترات الأمونيوم الخطرة القابلة للاشتعال، ما أدى إلى تدمير الميناء وربع المساكن في المدينة. طوال ست سنوات لم يحدث شيء للسفينة الروسية الغريبة وحمولتها المخزنة في الميناء.
قبل أسبوع واحد فقط، ذكرت وسائل الإعلام في الشرق الأوسط أن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، قد صُدم بشدة من الفريق اللبناني الذي جاء إلى بلاده لتسول الصدقات، لدرجة أن كلماته كانت بمنزلة إنذار لإقالة إدارة الرئيس ميشال عون. ووضع لبنان مرة أخرى تحت تفويض باريس، وإلا.
الجزء "الآخر" جاء من أحد الجيران الذي أشار، قبل أسبوعين فقط، إلى السفينة المتوقفة في الميناء وأن ما كان على متنها كان يساعد حزب الله ويعزز جهود إنتاج القنابل. عندما يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الجوار، يجب ألا تدع السفن الروسية ترسو في مدينتك بالمواد المتفجرة. إذا قمت بذلك، فسيطلب منك رئيسك الاستعماري السابق الذهاب إلى صندوق النقد الدولي وتنفيذ برنامجه لترتيب منزلك. وإلا، فإن غمزة من وزارة الخارجية الفرنسية يمكن أن تجعل جارك يعتقد أن الوقت قد حان لتلقينك درسًا.
لذلك هرع ماكرون إلى بيروت، وفي ظل الركام الذي يتصاعد منه دخان مما كان شريان الحياة الوحيد للبنان للعالم، أعلن أن فرنسا مستعدة لمساعدة البلاد بصفتها "مستشارها في الحكم".
لم تعتذر فرنسا بعد عن الفظائع التي ارتكبتها في لبنان عندما كانت تتضطلع بهذه المهمة في الماضي.
خلال الحربين الأهليتين الأخيرتين في البلاد، قتل الفرنسيون آلاف الأشخاص هناك. إذا ضمنا سيطرة باريس على البلاد من 1920 إلى 1943، فإن عدد القوميين العرب والجماعات اليسارية الذين قتلها الجيش الفرنسي يصل إلى مئات الآلاف. أي تدخل فرنسي في لبنان الآن لن يؤدي إلا إلى إعادة إشعال الحرب الأهلية الرابعة منذ الاتفاقية الفرنسية البريطانية التي أنهت الإدارة العثمانية للمشرق ووضعها تحت الحكم الاستعماري لباريس. ترفض جميع الجماعات تقريبًا، حتى حلفاء فرنسا السابقين، المسيحيون الموارنة، الدور الجديد غير المرغوب فيه لباريس، الذي سيؤدي، كما يقولون، إلى كارثة كبيرة.
هناك كارثة أخرى تختمر في المنطقة وهي الصفقة البحرية اليونانية المصرية التي وقعت لمواجهة اتفاقية مماثلة بين تركيا وليبيا. والدولتان لديهما مناطق اقتصادية حصرية متجاورة وقد سجلتا نواياهما بشأن اتفاقهما مع الأمم المتحدة قبل عام تقريبًا. تمكنت تركيا وليبيا من توقيع اتفاق لأن جرفهما القاري لا يتلامس. قد يكون لدى اليونان ومصر اتفاقية مماثلة إذا لم يكن لشبه جزيرة الأناضول جرف قاري خاص بها.
مضحك، أليس كذلك؟ تركيا محاطة بثلاثة بحار ولديها 770.000 كيلومتر مربع (300.000 ميل مربع) من الأرض و9.000 كيلومتر مربع من مساحة المياه. ووفقًا لحسابات الأمم المتحدة، فإن هذه الكتلة تمنح أنقرة منطقة اقتصادية خالصة تبلغ مساحتها 262 ألف كيلومتر مربع.
إذا نظرت إلى الخريطة التي نشرتها صحيفة الأهرام المصرية شبه الرسمية وموقع جريك سيتي تايمز، فإن الجرف القاري الأناضولي طويل بما يكفي للصيد (باستخدام قضبان الصيد القصيرة جدًا!).
كانت تركيا تأمل في أن تأتي أثينا في وقت قريب إلى أنقرة وتناقش جميع القضايا القانونية والسياسية. بدا رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس واثقًا جدًا من أنه لن يكون هناك اتفاق، ومع ذلك، بدأ يقود الطريق إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي.
كانت اليونان ومصر تتحدثان مع ماكرون حتى قبل أن يتحدثا عن هذه الاتفاقية البحرية التي وقعاها. كانت شركة توتال الفرنسية الكبرى للتنقيب عن النفط والغاز تتوقع 20 مليار دولار من شراكتها مع الكونسورتيوم بين مصر واليونان وإسرائيل والإدارة القبرصية اليونانية إلى أن جعلت الصفقة البحرية التركية الليبية الفرصة مستحيلة بالنسبة لها.
الآن يبدو أن ماكرون وجد طريقة لإخفاء الجرف القاري لتركيا. سنرى جميعًا كيف سيفعل ذلك بينما تركيا ما تزال صامدة وعلى قيد الحياة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس