حقي أوجال - ديلي صباح
إن دعم الولايات المتحدة للرواية الإسرائيلية يسمح بارتكاب المزيد من المجازر ضد المدنيين، في إطار ما يسمونه "الحرب بين الولايات المتحدة وحماس" لتجنب مصطلح "الإبادة الجماعية". ولأن القانون الدولي ينص على أنه إذا لم تكن "حرباً"، فهي إبادة جماعية، تصدح وسائل الإعلام الغربية اليوم ببرامج وتحليلات تحمل عنوان "الحرب بين إسرائيل وغزة"، وكذلك المواقع الإلكترونية الإسرائيلية. ويقول بن صامويلز على سبيل المثال، في صحيفة هآرتس: "شهدت الـ 48 ساعة الماضية معاداة للسامية صريحة وبلا خجل من اليمين المتطرف. إيلون ماسك وتاكر كارلسون يقودان انفجار معاداة السامية القومية البيضاء، منذ بداية الحرب بين إسرائيل وغزة".
لقد رأينا أن ما يسمى وسائل الإعلام تتغذى على خبز النازيين الجدد الإسرائيليين على كلا الجانبين: فوصف الإبادة الجماعية الإسرائيلية بـ "الحرب" يشير ضمناً إلى أن ما فعله "الجزار" نتنياهو خلال الأيام الثمانية والأربعين الماضية هو انتقام مشروع لإسرائيل ضد ما حدث لها في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
نعم، قبل 48 يوماً قامت مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين بهجوم ضد الإسرائيليين في الأراضي المحتلة. لكن ما ظلت تفعله إسرائيل منذ ذلك الحين هو وضع آلية منطقية غريبة للغاية موضع التنفيذ: رد فعل إسرائيل غير القابل للقياس على هذا الإجراء قد برر هذا الهجوم بحكم الأمر الواقع. ومن الجدير بالذكر أن الهجوم الفلسطيني، أظهر أن سكان غزة والضفة الغربية يواجهون عدواً يستحق كل ما فُعل وسيُفعل به.
تحدي رواية "الحرب"
إن مصطلح "الحرب" يبرر في عقول أباطرة الإعلام النازيين الجدد، جميع أعمال المحتلين الإسرائيليين المسلحين ضد الفلسطينيين وجميع الفظائع وكل الهمجية ضد المدنيين العزل وضد مستشفياتهم ومدارسهم ومخيمات اللاجئين، لأنهم يدّعون أن فصائل المقاومة المسلحة تستخدمها، وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني.
ناهيك عن "الأدلة" الملفقة بشكل أخرق وغير ماهر في الطابق السفلي من مستشفى الشفاء في غزة، فإن حماس تطلق الصواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، ولا يمكن إطلاق الصواريخ من الأقبية.
وعلاوةً على ذلك، فإن الأسلحة الصدئة ونسختين من القرآن الكريم وصندوق التمر المعروض كدليل على تحصّن حماس بالمستشفيات، لن يقنع أحداً بأن حماس استخدمت مجمع الشفاء الطبي كقاعدة عسكرية. ومع ذلك، فقد تم تسوية المنطقة المحيطة بالمستشفى بالأرض، وتناثرت عشرات الجثث في أنحاء المجمع، وتشوهت العديد منها بشكل لا يمكن التعرف عليه.
وكان تبني البيت الأبيض والبنتاغون للرواية الإسرائيلية الكاذبة بمثابة ضوء أخضر للاحتلال لارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين لإجبارهم على الهجرة من الشمال إلى الجنوب لاستكمال مخطط الاحتلال الهادف إلى تهجير الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن المتحدثين باسم الولايات المتحدة في البيت الأبيض والبنتاغون يواصلون استخدام مصطلح "الحرب بين الولايات المتحدة وحماس" في حين يتوجب عليهم أن يعترفوا بأن ما تفعله إسرائيل هو "إبادة جماعية".
ما لا يسمى "حرباً" هو إبادة جماعية
وفقاً للجهود الرائدة المعترف بها أكاديمياً والتي بذلها رافائيل ليمكين وواضعو اتفاقية الأمم المتحدة التي وفرت أساساً لعمل المحكمتين الجنائيتين الدوليتين ليوغوسلافيا السابقة ورواندا، فإن ما لا يسمى "حرباً" هو إبادة جماعية وتعريفها: "الإبادة الجماعية هي نقيض... العقيدة... التي تنص على أن الحرب موجهة ضد الملوك والجيوش، وليس ضد الرعايا والمدنيين".
وفي التطبيق الحديث لهذا التعريف في المجتمع المتحضر، يعني هذا المبدأ أن الحرب تشن ضد الدول والقوات المسلحة، وليس ضد السكان. لقد تطلب الأمر فترةً طويلةً من التطور في المجتمع المتحضر لتحديد المسار الفاصل بين الحروب والإبادة، التي حدثت في العصور القديمة والعصور الوسطى، وترقيه للوصول إلى مفهوم أن الحروب تقتصر بشكل أساسي على الأنشطة ضد الجيوش والدول.
وباختصار فإن "الحرب" الإسرائيلية ضد حماس تشكل إبادة جماعية، كما يفهمها القانون الدولي، فهي "شكل غير مشروع في الأساس من الحرب لأنها موجهة ضد فئاتٍ اجتماعيةٍ مدنية بدلاً من أعداء مسلحين" وهذا ما جعل العديد من المسؤولين الصرب والروانديين يتعفنون في السجون. وسيكون نتنياهو أيضاً واحداً منهم بمجرد أن تتغلب شعوب العالم المحبة للسلام على قادتها.
وفي الوقت نفسه، دعونا نرد على الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك الذي يتساءل في كتابه الأخير بعنوان "فات الأوان للاستيقاظ": "ما الذي ينتظرنا عندما لا يكون هناك مستقبل؟"
وعلى "أخطر فيلسوف في الغرب" أن يعلم أن النصر ينتظره ولن يتأخر أبداً لأن الناس يفوزون دائماً في النهاية، كما هو الحال في موطنه ليوبليانا وزغرب وسراييفو المجاورتين:
"سوف نتغلب،
سوف ننتصر يوماً
وسوف يرانا الله يوماً
وسنكون جميعاً أحراراً في يوم
من النهر إلى البحر…"
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس