ياسر عبد العزيز - الجزيرة
عندما تشرق شمس تركيا يوم 15 مايو/أيار القادم، لن تشرق كما اعتادها الناس، ليس لأن خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ظاهرة ما، بل لأن سياسيي العالم يترقبون وضعا مختلفا ستفرزه نتائج الليلة التي سبقت هذا الفجر.
تعد انتخابات 2023 في تركيا مهمة للغاية ليس فقط للبلاد، بل للمنطقة والعالم بأسره؛ فقد تكون شمس 15 مايو/أيار أكثر توهجًا من تلك التي أشرقت على تركيا يوم 22 سبتمبر/أيلول 2002، مع فارق سخونة الأجواء الإقليمية والدولية، بعد التقلبات المناخية التي أحدثها حزب العدالة والتنمية على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، حتى باتت الانتخابات التركية تتابع كما مثيلتها في أميركا، بفعل ديناميكية تركيا العدالة والتنمية من خلال الاستفادة من موقع البلاد وقوتها العسكرية وإمكاناتها الاقتصادية المتنامية التي صعدت خلال 20 عاما الماضية، وجعلتها ذات أهمية إستراتيجية كبيرة.
نتائج الانتخابات القادمة ستحدد الاتجاه المستقبلي لتركيا، لا سيما علاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الجوار الأخرى، وإدارة السياسة الداخلية والخارجية للبلاد التي تختلف بالكلية بين رؤية العدالة والتنمية ورؤية الطاولة السباعية ومن يقف وراءها؛ فانتخابات مايو/أيار القادم تمثل لحظة حاسمة للبلاد، مع تداعيات إقليمية وعالمية، ستحدد مستقبل الديمقراطية في تركيا، واتجاه سياستها الخارجية ومكانة البلاد في العالم.
تم تحقيق الأهداف الاقتصادية لعام 2023 التي أعلنها حزب العدالة والتنمية بعنوان "تركيا جاهزة.. الهدف 2023″، ومع ذلك فلا تزال الدول المعادة جسور الصداقة معها لم تقدم ما يظهر نيتها الصادقة في الوقوف مع حكومة العدالة والتنمية، زاد على ذلك عامل خارج عن الإرادة، وأعني هنا كارثة الزلزال الذي خلف أضرارا بشرية ومادية واقتصادية، وصفناها في مقال آخر، ومع ذلك فإن الرئيس رجب طيب أردوغان أكد أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المنتظرة ستكون نقطة تحول في تاريخ البلاد والشعب، مشيرا إلى أنها نقطة تحول لتركيا بديمقراطيتها ونموها؛ فإما العودة إلى ماضيها المظلم أو السير نحو مستقبلها المشرق.
شمس الأحد الثاني من مايو/أيار ستشرق لا محالة، لكن على أي نحو ستشرق؟ هل ستشرق على مزيد من الإنجازات وتوفير فرص العمل وبناء مزيد من المساكن لمتضرري الزلزال وشراكات اقتصادية أكبر مع دول الجوار، وتقليل نفقات مهدرة في الطاقة بمزيد من الاستخراجات النفطية والغاز، وزيادة جديدة في دخل الفرد مع زيادة في الضمان الاجتماعي، ومزيد من الصناعات الدفاعية تؤمن المنجزات الاقتصادية، أم ستشرق على نوايا خبيثة بدأت تظهر بوادرها من خلال استدعاء النعرات الطائفية، بحديث عن علي ومعاوية رضي الله عنهما، أو تحريك كليجدار أوغلو النعرة العلوية لينكأ جرحا قد دمل، ويستدعي إرثا قد دفن في واحدة من أخطر الألعاب التي يمكن لسياسي أن يلعبها في بلد متعدد الأعراق والطوائف.
شمس 15 مايو/أيار ستشرق بإرادة الله ثم بصوت عقلاء هذا البلد الكبير الذي يأمل العالم الإسلامي أن تكون له قاطرة تذهب به إلى استقلاليته السياسية والاقتصادية بامتلاك قراره متعاونًا مع العالم بندية، فلقد سئم الفوقية التي يعامله بها الغرب، وآن له أن يستعيد كرامته ومجده.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس