ترك برس
سلّط تقرير لـ "الجزيرة نت" الضوء على أبرز العوامل التي أفشلت حسم كمال كليجدار أوغلو، مرشح المعارضة التركية، السباق الرئاسي من الجولة الأولى، وتصدر التحالف مع بعض الأحزاب تحت ما يسمى بـ "الطاولة السداسية" أبرز هذه العوامل.
وبعد فشله في حسم السباق الانتخابي من الجولة الأولى مخالفا بذلك استطلاعات الرأي، وحديثه عن قدرته على هزيمة الرئيس رجب طيب أردوغان، برزت العديد من الانتقادات الموجهة لمرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية في تركيا كمال كليجدار أوغلو.
وجاءت النتائج مخالفة لبعض استطلاعات الرأي التي توقعت فوز المعارضة بشكل عام، في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد حيث بلغ التضخم 43.68% في أبريل/نيسان الماضي، فضلا عن تداعيات الزلزال المدمر في فبراير/شباط الماضي.
وكان كليجدار أوغلو قد توقع حصد 60% من الأصوات في الجولة الأولى، غير أن النتائج المخالفة للتوقعات أثارت أسئلة وانتقادات له.
استراتيجية التحالف
الأستاذ المشارك بجامعة حاجي بيرم ولي، سلمان أوغوت، يرى أن أول المآخذ على كليجدار أوغلو بل "ما جعله محل سخرية على وسائل الاتصال الاجتماعي هو أن أحزاب تحالف الأمة، بخلاف حزب الجيد، حصلت على 37 مقعدا برلمانيا من حزب الشعب الجمهوري، في حين لم تضف هذه الأحزاب مجتمعة شيئا إلى الكتلة التصويتية للمعارضة"، بحسب ما نقله تقرير "الجزيرة نت".
وأضاف أوغوت أن هذه الأحزاب هي: المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو، وحزب الديمقراطية والتقدم ويقوده علي باباجان، وحزب السعادة برئاسة تمل كرم الله أغلو، والحزب الديمقراطي ويرأسه غولتكين أويصال.
ورأى المتحدث أن هذه الأحزاب تفتقر إلى القاعدة الشعبية والكتلة التصويتية، فعلى الرغم من أن الحزب الديمقراطي له تاريخ يمتد إلى الرئيس الراحل عدنان مندريس فإن رئيسه الحالي غير ذائع الصيت، موضحا أن أحزاب داود أوغلو وباباجان فشلت في أول محاولة لإثبات نفسها ووصفها بأنها "بالونات فارغة" جرت المبالغة في تقديرها.
وفي تقدير أوغوت، فإن إستراتيجية التحالف قد فشلت بدليل أن حزب الشعب الجمهوري الحاصل على 169 مقعدا برلمانيا في هذه الانتخابات سيتخلى عن 37 مقعدا للأحزاب السالف ذكرها، وذلك يؤدي إلى تراجع مقاعده إلى 132 مقارنة بـ146 في البرلمان السابق.
التركيز على السباق الرئاسي
بدوره، رجح الباحث في معهد "سيتا" للدراسات الإستراتيجية مرت حسين أكغون أن كليجدار أوغلو ركز إستراتيجيته بشكل رئيسي على كسب الانتخابات الرئاسية، ولهذا خاطر بعدم تلقي دعم كبير لحزبه في الانتخابات البرلمانية من الأحزاب الأصغر بقيادة باباجان وداود أوغلو.
واستكمل الباحث أن كليجدار أوغلو كان يدرك أهمية كل صوت بسبب شرط تخطي عتبة الفوز 50+1% وكان على استعداد لتقديم تنازلات كبيرة وتشكيل شراكات مع أكبر عدد ممكن من الأطراف.
وأعرب عن اعتقاده بأن مرشح المعارضة كانت لديه رغبة قوية لتتويج مسيرته السياسية بالفوز بالانتخابات الرئاسية، مضيفا أن ارتفاع تكاليف المعيشة في آخر سنتين كان عاملا محفزا له.
عقبة الكتلة المحافظة
وعن محاولة جذب أصوات الكتلة المحافظة، أفاد أكغون بأن ضم حزبي المستقبل والديمقراطية والتقدم، المنشقين عن العدالة والتنمية الحاكم، إلى جانب حزب السعادة، كان يهدف لتخطي عقبة الكتلة الانتخابية المحافظة، غير أن الضعف السياسي لهذه الأحزاب جعلها غير مؤثرة لمصلحة التحالف.
وأكد الباحث أن "الناخبين المحافظين ترددوا في دعم تحالف يقوده حزب الشعب الجمهوري" المرتبط تاريخيا بالعلمانية.
بدوره، عزا أوغوت عدم قدرة كليجدار أوغلو على استمالة الناخب المحافظ إلى تضارب التصريحات سواء عن "التسامح مع الحجاب" أو تلك التي أطلقها بعض قادة الحزب عن الشريحة المحافظة.
التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي
ويضيف أوغوت أنه عند الحديث عن الشريحة المحافظة "فإننا نتحدث أيضا عن الفئة المحافظة القومية التي ابتعدت عن كليجدار أوغلو بسبب تحالفه مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي".
وحسب وصف الأستاذ المشارك بجامعة حاجي بيرم ولي، فإن كليجدار أوغلو "حسب حساباته وتعامل مع السياسة على أنها رياضيات"، وتابع "ما فعله كليجدار أوغلو كان سياسة بلا مبادئ؛ فلا يمكن أن تقدم كل شيء للجميع، ولهذا لم يستطع كسب أصوات الشريحة المحافظة".
واتفق أكغون على أن التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي أثار غضب الناخبين الأتراك خاصة بعد أن أيد قادة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق علانية ترشيح كليجدار أوغلو وأعلنوا وقف إطلاق النار من جانب واحد حتى الانتخابات، فقط لتجنب وضع المعارضة في وضع سلبي.
انسحاب محرم إينجه
ويقول أكغون إن من العوامل السلبية أيضا انسحاب زعيم حزب البلد محرم إينجه العضو السابق في حزب الشعب الجمهوري، مضيفا أن "الأمر كان مقلقا لغالبية المجتمع لإجباره على الانسحاب وسط مزاعم قبيحة، في ظل غياب ردود الأفعال من بعض السياسيين المعارضين".
وكان إينجه قد أعلن انسحابه المفاجئ قبل 3 أيام فقط من السباق الرئاسي.
وأشار أكغون إلى أن "الأمر قد ذكر الناخبين المترددين ولا سيما الذين يميلون إلى أردوغان بمحاولات التلاعب السابقة من قبل منظمة غولن الإرهابية، حيث كانت تشكل السياسة من خلال حملات الابتزاز عبر الإنترنت"، وهذا الأمر -برأي المتحدث- كان له دور في ذهاب هذه الأصوات إلى أردوغان.
بدوره، أشار أوغوت إلى "تصريحات لإينجه لكليجدار أوغلو يطالبه فيها بأن تكف لجانه الإلكترونية عن مهاجمته بالإضافة إلى هجوم مفاجئ من قبل مؤيدي حزب الشعب الجمهوري من الصحفيين ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي والسياسيين".
اتفق أوغوت مع أكغون أن الأمر أعاد إلى الأذهان "ألاعيب جماعة غولن… ومع الأسف اضطر محرم إينجه إلى الانسحاب مع هذه الادعاءات القبيحة".
وأفاد الأستاذ المشارك بجامعة حاجي بيرم ولي بأن الأمر كان له مردود عكسي وذهبت أصوات إينجه إلى أردوغان، "بعكس ظن المسؤولين عن هذه الأفعال بأن الانسحاب سيعيد الأصوات للمعارضة وهو ما لم يحدث".
الخلل في التحالف
يقول أكغون إنه "لن يكون تقييما عادلا أن نعزو هزيمة المعارضة فقط إلى عيوب كيلجدار أوغلو"، مشيرا إلى وجود عوامل أخرى أسهمت في ذلك؛ منها هشاشة تحالف المعارضة وعلاقته الغامضة مع حزب الشعوب الديمقراطي، ومؤشرات احتمالية تغير سياسة تركيا الخارجية المستقلة ذات الأولوية الوطنية المتبعة على مدى العقدين الماضيين.
وبدوره، أشار أوغوت إلى أن كليجدار أوغلو كان عقبة في الحصول على نسبة أصوات مرتفعة "لضعف كاريزميته وسياساته الخاطئة" وتقاربه مع حزب الشعوب الديمقراطي مما أثار الحفيظة الأمنية لدى الناخب التركي.
ورأى الأكاديمي أن كليجدار لم ينجح في كسب ثقة الناخب وإقناعه بقدرته على تحسين الاقتصاد، مشيرا إلى "أن ميرال أكشنار زعيمة حزب الجيد، ثاني أكبر حزب في تحالف الأمة، كانت محقة في اعتراضها عليه".
وختم أوغوت حديثه قائلا "في اعتقادي كان كليجدار عقبة للمعارضة، وتسبب بخسارة تحالف الأمة لنحو 4% إلى 5% من الأصوات".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!